محتويات
حكم قطيعة الرحم مع الدليل
قطيعة الرحم إثمٌ عظيم، وحُكي الإجماع على حرمته، ومن الأدلَّة على ذلك ما يأتي:[١]
- قرن الله -تعالى- قطيعتهم بالإفساد في الأرض، ورتب عليه اللعن والإبعاد، فقال -تعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).[٢]
- جعل الله -تعالى- من صفات الفاسقين الخاسرين قطع ما أمر الله به أن يوصل، ومن ذلك صلة الأرحام، قال -تعالى-: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).[٣]
- من أعظم العقوبات التي تترتَّب على قطيعة الرحم حرمان دخول الجنَّة، فقد قال رسول -الله- صلى الله عليه وسلم: (لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ).[٤]
- روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ).[٥]
حكم قطيعة الرحم المؤذي
إنَّ الأذى والإساءة لا يُسقط حقَّ الأرحام في الصِّلة، خاصةً إن كان الإيذاء يسيرًا ويمكن التَّجاوز عنه، فالواصل الحقيقيُّ هو الذي يصل من قطعه كما جاء في الحديث، ويحسن إلى من أساء إليه، أمَّا من يصل من وصله، ويقطع من قطعه، فهذا مكافئٌ لا واصلٌ.
فقد قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها).[٦][٧]
أمَّا إن كان هناك ضررٌ محقَّقٌ يضرُّ بالواصل في دينه أو دنياه، فلا حرج بالقطيعة، ولكنَّ الصَّبر على الأذى واحتساب الأجر عند الله أفضل من القطيعة، فمن وصل ذوي رحمه المسيئين؛ فإن الله -عزَّ وجل- يعينه عليهم ويكفيه إيَّاهم.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنَّ رجلًا قال: (يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ).[٨][٧]
حكم قطيعة الرحم سيّء الخلق
سوء الخلق لا يعدُّ مبرِّرًا شرعيَّاً لقطيعة الرحم، فإنَّ من أعظم الإساءة الشِّرك بالله، ومع ذلك فقد أجاز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلة الرَّحم وإن كانت مشركةً، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلتُ: وهي رَاغِبَةٌ، أفَأَصِلُ أُمِّي؟ قالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ).[٩]
أمَّا إن كان هناك ضررٌ محقَّقٌ يضرٌّ بالواصل في دينه أو دنياه، أو أن القطيعة تحقِّق مصلحةً، كأن تردَّه إلى الصِّفات الحسنة، وتمنعه من الصِّفات السَّيئة، فلا حرج بالقطيعة، فقد قال أهل العلم بجواز الهجر والقطيعة لمن كانت صلته تجلب نقصًا على المخاطب في نفسه أو دينه أو دنياه.[١٠]
حكم صلة الرحم غير المسلم
ذهب الفقهاء من الحنفيَّة والمالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة إلى جواز صلة الرَّحم غير المسلمة؛ وذلك لأنَّ الله -تعالى- لم ينهَ عن عن برِّ وصلة غير المسلمين ما داموا غير محاربين، قال -تعالى-: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).[١١]
وجاء في السُّنَّة النَّبويَّة عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنَّها قالت: (قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلتُ: وهي رَاغِبَةٌ، أفَأَصِلُ أُمِّي؟ قالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ).[٩][١]
تأثير قطع الرحم على المسلم
لا شكَّ أنَّ قطيعة الرَّحم لها تأثيرٌ كبيرٌ على المسلم في الدُّنيا والآخرة، ومن ذلك ما يأتي:[١٠]
- استحقاق لعنة الله -تعالى- وغضبه، قال الله -تعالى-: (وَالَّذينَ يَنقُضونَ عَهدَ اللَّـهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأَرضِ أُولـئِكَ لَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سوءُ الدّارِ).[١٢]
- تعجيل العقوبة له في الدُّنيا قبل الآخرة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما من ذنبٍ أجدرُ أن يعجِّل اللهُ -تعالى- لصاحبه العقوبةَ في الدنيا، مع ما يدِّخر له في الآخرةِ مثل البغيِ وقطيعةِ الرحمِ)،[١٣]
- الاتّصاف بصفات أهل الفِسق والضَّلال، وعدم التَّوفيق في أمور الحياة.
- الحرمان من دخول الجنَّة، فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ. قالَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: قالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ)،[١٤]
لمزيد من التفصيل حول صلة الرحم، ومن هم الرحم الواجب صلتهم، الاطّلاع على المقالات الآتية:
المراجع
- ^ أ ب "صِلةُ الرَّحِمِ الكافِرةِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2021. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:22-23
- ↑ سورة البقرة، آية:26-27
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم:2556، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6138، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:5991، صحيح.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2558، صحيح.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2620، صحيح.
- ^ أ ب "حكم قطع الخال إذا كان سيء الخلق مرتكبا للكبائر"، إسلام ويب، 27-10-2008، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الممتحنة، آية:8
- ↑ سورة الرعد، آية: 25.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن رفيع بن الحارث الثقفي أبي بكرة، الصفحة أو الرقم: 4902، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 2556، صحيح.