محتويات
ما سبب نزول سورة عَبَسَ
نَزَلَت سورةُ عَبَسَ عندما قَدِمَ وفدٌ من قريشٍ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وكان يَضُمُّ زعماءَ قريشٍ عُتبةَ وشيبةَ ابنا ربيعةَ، وأبا جهلٍ، والعبّاسَ؛ ليدعوهم إلى الإسلام.[١]
فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على إسلامهم؛ لأنَّ إسلام صناديد قريشٍ سيكون سبباً لإسلامِ غيرهم وأتباعهم، وبينما هو يدعوهم أقبَلَ إليه عبد الله ابنُ أمِّ مكتوم -رضي الله عنه-، وكان ضريراً لا يعلم انشغاله بهم، فجعل ينادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويطلب منه أن يُعلِّمهُ بعض أمور الدِّين.[٢]
وأخَذَ يكرّر النِّداء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والرَّسول غير مستجيبٍ له وملتفتاً لمن عنده من قريشٍ ومنشغلاً بدعوتهم، فنزلت الآيات من سورة عَبَسَ.[٣]
إكرام النبي لعبد الله ابن أم مكتوم
تعددت مظاهر إكرام النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن أم مكتوم، منها ما يأتي:
- روى جماعة من أهل العلم بالنَّسبِ والسيرِ أنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلّم- استحلفَ ابن أم مكتوم ثلاث عشرة مرة: في الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، وغزوته في طلب كرز ابن جابر، وغزوة السّويق، وغطفان، وفي غزوة أحد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرّقاع، وفي خروجه في حجة الوداع، وفي خروجه إلى بدر.[٤]
- كان مؤذناً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع بلال وسعد القرظ، وأبي محذورة مؤذن مكة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحترمه ويستخلفه على المدينة فيصلي بالناس.[٥]
- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستقبله بحفاوة عندما يأتي إليه، وذكر بعضهم أنه كان يقول له: «هل لك حاجة؟».[٦]
- كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَبسُطُ له رداءه ويُجلسه عليه.[٧]
- ولَّاه بعد ذلك على المدينة المنوَّرة مرَّتين.[٧]
مقاصد سورة عَبَسَ
الأهداف الأساسية من سورة عَبَسَ هي:
- عتاب الله لرسوله الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- لإعراضه عن ابن أم مكتوم،[٨] فقد أقبل إليه طالباً العِلم والتوجيه، لكنَّه أعرَض عنه منشغلاً بمن يدعوهم للدخول في الإسلام.[٩]
- إبراز ما في القرآن الكريم من الموعظة للمتدبّر في آياته.[٨]
- ذِكر مجموعةٍ من الأدلة على وحدانية الله -سبحانه وتعالى-، والتي تتجلَّى من خلال خلق الإنسان، والنَّظر في طعامه وشرابه،[٨] وقدرته -سبحانه وتعالى- على إحياء الموتى من خلال ذِكره لإنبات النَّبات من الأرض، على اختلاف أنواعه وألوانه وأطعمته.[٩]
- أحداث يوم القيامة،[٨] وفرار الإنسان من أخيه وأمِّه وأبيه.[٩][١٠]
- ذكرُ حالِ النَّاس يوم القيامة؛ فمنهم الفائز ومنهم الخاسر،[٨]وذكر ما يعلو وجه كلّ منهما من النور أو الظلمة،[١١] وقد كان سبب خسران الخاسرين وهلاكهم أنَّهم جحدوا بآيات الله -تعالى- ونعمهِ عليهم، وكذّبوا بالبَعث والحِساب والجَزاء.[٩]
- إبراز حفظ الله -سبحانه وتعالى- للقرآن من التحريف والتغيير.[٩]
- وجوب المساواة بين النَّاس على الرَّغم من الاختلاف فيما بينهم في الدَّعوة إلى الله.[١٢]
معلومات عن سورة عَبَسَ
- تعدُّ سورة عَبَسَ من السُّّور المكيَّة بلا خلاف.[١٣]
- يبلغ عدد آياتها اثنتان وأربعين آية.[٩]
- تُسمَّى أيضاً بسورة الصَِّاخَّة، وسورة السَّفَرة، وسورة الأعمى،[١٤] وسمَّاها ابنُ العربي في كتابهِ سورة ابن أم مكتوم.
- تعدُّ أوَّل سورةٍ من أواسط المفصَّل، ونزلت بين سورة النَّجم والقدْر.[١٥]
- يقع ترتيبها في المصحف الرابعة والعشرون.[١٥]
- ترتبط بما قبلها من حيث إنَّ الله -سبحانه وتعالى- ذكر أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنذر الناس ودعاهم، وحالُ من استجاب لهذا الإنذار من المؤمنين، ومن أعرض عنه، وهم من جاء ذكرهم في سورة عَبَسَ.[١٦]
*توضِّح السورة أن المهم في الدَّعوة إلى الله -تعالى- وتعليم دين الإسلام؛ هو تعليم الساعي لها رغبةً في التَّعَلُّمِ وخشيةً من الله -تعالى-، فمثل هذا تنفعهُ الذِّكرى.[١٦]
المراجع
- ↑ جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 67، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ ابن جزي الكلبي (1416)، التسهيل لعلوم التنزيل (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة دار الأرقم بن أبي الأرقم، صفحة 452، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ فهد الرومي (2003)، دراسات في علوم القرآن (الطبعة الثانية عشر)، صفحة 136. بتصرّف.
- ↑ أحمد بن حجر العسقلاني (1415)، الإصابة في تمييز الصحابة (الطبعة 1)، بيروت:الكتب العلمية، صفحة 495، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي (1427)، سير أعلام النبلاء، القاهرة:الحديث، صفحة 219-220، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ محمد بن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، صفحة 414، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن جزي الكلبي، التسهيل لعلوم التنزيل، صفحة 452. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 71، جزء 11. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح مجموعة من المؤلفين (1993)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، مصر: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، صفحة 1781، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 74، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1993)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، مصر: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، صفحة 1782، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 73، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ محمد الشوكاني (1414)، فتح القدير (الطبعة الأولى)، دمشق، بيروت: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب، صفحة 462، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوّى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة: دار السلام، صفحة 6372، جزء 11. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، تونس: دار النشر التونسية، صفحة 101، جزء 30 بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الهرري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: دار طوق النجاة، صفحة 114، جزء 31. بتصرّف.