محتويات
ما صحة حديث (إن شر الناس ذو الوجهين)
يعد حديث (إن شر الناس ذو الوجهين) من الأحاديث الصحيحة الثابتة، ونص الحديث هو: (إنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الذي يَأْتي هَؤُلَاءِ بوَجْهٍ، وهَؤُلَاءِ بوَجْهٍ)،[١]ويقصد بذي الوجهين الذي يذم ويمدح حسب الجهة التي يلقاها.[٢]
ويعالج هذا الحديث آفةً خطيرة في المجتمع الإسلامي، وهي مجاملة الآخرين على حساب الحق، وهي صفة مذمومة في القرآن الكريم والسنة النبوية وفي الآتي بيانها:
الآيات والأحاديث عن ذي الوجهين
جاء في القرآن الكريم وفي السنة النبوية تحذير من ذي الوجهين وفي الآتي بيان ذلك:
الآيات القرآنية عن ذي الوجهين
- قال تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللّهُ يستهزئ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون﴾.[٣]
- تُبيّن هذه الآية بأن الظهور بوجهين هو من صنيع اليهود، حين كانوا يلاقوا المسلمين بالإيمان، ويُخفون الكفر فيما بينهم،[٤] وبيّن الله تعالى أنه يتركهم لضلالهم وطغيانهم ليعاقبهم عليه يوم القيامة.
- قوله تعالى: ﴿مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً﴾.[٥]
- والتذبذب هو الحركة مع الاضطراب،[٦] أي غير مستقرين على رأي أو على الإيمان، وهذا من علامات الضلال الذي لن يجد صاحبه الهداية.[٧]
- قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِين* يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُون)،[٨]وقد كانت هذه صفة المنافقين بأن يظهروا بأكثر من وجه، فيظهرون مرة بالإيمان، ومرة ثانية بالكفر والعصيان.[٩]
- وبيّن لله تعالى بأن عاقبة تعدّد وجوههم تعود بالسوء عليهم بأنهم وإن استفادوا من الظهور بمظهر المسلم، إلّا أنهم بذلك استحقوا ما قاله الله تعالى فيهم: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون).[١٠]
الأحاديث النبوية عن ذي الوجهين
حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من ذي الوجهين وبيّن عقابه في الدنيا والآخرة، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
- قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الذي يَأْتي هَؤُلَاءِ بوَجْهٍ، وهَؤُلَاءِ بوَجْهٍ).[١١]
- وهذا يختص بالذي يسعى بالفتن والوقيعة بين الناس، حيث يزين الباطل لكل طرف، ويذم الطرف الآخر ولا يقصد به من يسعى للإصلاح بين المتخاصمين، ويشير الحديث إلى من يزين للسلطان الباطل، فإذا خرج من عنده تحدث بكلام آخر وقبّح فعل السلطان.[١٢]
- ويعد من شر الناس لأنه يتحدث بالباطل ليرضي كل طرف من الأطراف ولا يسعى لقول الحق، فهو منافق ومخادع وكاذب ومتملق، وقد اجتمع الشر الذي عند كل طائفة فيه،[١٣]لذا استحق أن يكون في أسفل النار من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾.[١٤]
- ذمّ النبي صلى الله عليه وسلم ذي الوجهين وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ينبَغي لِذي الوَجهينِ أن يَكونَ أمينًا).[١٥]
- والأمانة تشمل كل وظائف الدين،[١٦] وصاحب الوجهين لا يثبت على حال واحد، وهو ليس أميناً على الحق، بل يبدل حسب هواه، لذا فهو ليس بأمين لا على عباداته، ولا على تعامله مع الخلق.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:7179، صحيح.
- ↑ القسطلاني، شرح القسطلاني إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، صفحة 247. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:15-14
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 484. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء ، آية:143
- ↑ أحمد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 804. بتصرّف.
- ↑ ابن أبي زمنين، تفسير القرآن العزيز، صفحة 416. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:9-8
- ↑ الجلال السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، صفحة 74. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:10
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7179، صحيح.
- ↑ ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 534. بتصرّف.
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 334. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء ، آية:145
- ↑ رواه أحمد شاكر ، في مسند أحمد ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:318، إسناده صحيح.
- ↑ صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 153. بتصرّف.