ما فضل صيام يوم عاشوراء

كتابة:
ما فضل صيام يوم عاشوراء

فضل صيام يوم عاشوراء

وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تدلّ على فضل صيام يوم عاشوراء، منها قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (صيامُ يومِ عاشوراءَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه)،[١]فصيام يوم عاشوراء يكفّر ذنوب سنةٍ ماضيةٍ.


كما جاء عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَه على غيرِه إلا هذا اليومَ، يومَ عاشوراءَ، وهذا الشهرَ، يعني شهرَ رمضانَ)،[٢] كما أنّ يوم عاشوراء يقع في الشهر الذي يُسنّ فيه الصيام؛ أي شهر مُحرّمٍ، ودليل ذلك ما رُوي أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (وأفضلُ الصيامِ، بعد شهرِ رمضانَ، صيامُ شهرِ اللهِ المُحرَّمِ)،[٣] ولذلك الفضل الكبير المترتّب على صيام عاشوراء، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يُعوِّدون صبيانهم على صيامه، حتى إنّ بعض السلف حافظ على صيام عاشوراء في السفر منهم؛ ابن عباس، وأبي إسحاق السبيعي، والزهري، وقال الزهري في صيام عاشوراء: "رمضان له عدّةٌ من أيامٍ أخر، وعاشوراء يفوت". 


ومن الجدير بالذكر أنّ السُنّة صيام يومٍ قبل عاشوراء، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لئن بقِيتُ إلى قابلٍ لأصومَنَّ التاسعَ)،[٤] فصيام عاشوراء يكون على ثلاث مراتبٍ كما بيّنها ابن القيم في زاد المعاد، فالمرتبة الأولى والأكمل والأفضل تكون بصيام التاسع والعاشر والحادي عشر من مُحرّم، والثانية تكون بصيام التاسع والعاشر وذلك ما عليه الأحاديث النبوية، والثالثة تكون بصيام العاشر لوحده دون يومٍ قبله أو يومٍ بعده، وتجدر الإشارة إلى أنّ صيام العاشر لوحده لا يُكره، نصّ على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الاختيارات.[٥]


أحكامٌ متعلّقةٌ بيوم عاشوراء

بيّن العلماء العديد من الأحكام المتعلّقة بيوم عاشوراء وصيامه، إضافةً إلى العبر والدروس المستفادة منه، فيما يأتي بيان البعض منها بشكلٍ مفصّلٍ:[٦]

  • كان صيام يوم عاشوراء فرضاً على المسلمين قبل فرض صيام رمضان، إلّا أنّ فرض عاشوراء نُسخ بفرض رمضان، ويستحبّ صيام عاشوراء بعد فرض رمضان، فلمّا هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة المنورة، ووجدهم يصومون عاشوراء، وعرف الرسول أنّ هذا اليوم هو اليوم الذي نجّى الله -تعالى- فيه موسى وأغرق فرعون ومن معه، فصامه موسى شكراً وحمداً لله تعالى، قال الرسول: (أَنا أَوْلى بِموسى مِنهُم)،[٧] فصامه الرسول، وأمر بصيامه.
  • يجوز للمسلم أن ينوي صيام عاشوراء وتاسوعاء في النهار، إلّا أنّ الأفضل والأكمل تبييت النية من الليل لصيامهما، كما يجوز صيام عاشوراء لمن عليه قضاء، إلّا أنّ النية تكون للقضاء، لينال العبد بذلك أجر القضاء وأجر عاشوراء على الصحيح من الأقوال.
  • تجدر الإشارة إلى عدم جواز قضاء صيام يوم عاشوراء؛ لأنّه محددٌ بوقتٍ، وبزوال الوقت يزول الصيام، فالنوافل مربوطةٌ بقيدٍ وسببٍ، وبزوال السبب ينتفي القضاء، ومثال ذلك: الكسوف الذي لا تُقضى صلاته بفواته، وكذلك الأيام البيض التي لا تُقضى بعد انقضائها، ومثلها يوم عاشوراء.[٨]
  • قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تكفير عاشوراء للذنوب: "وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَعَرَفَةَ، وَعَاشُورَاءَ، لِلصَّغَائِرِ فَقَط"، ويؤيّد ذلك قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ).[٩][٨]
  • لم يرد أي دليلٍ من السنة النبوية، أو من أفعال الصحابة، أو التابعين ممّا تثبت صحته أو ضعفه، أو من أقوال الأئمة من علماء المسلمين، أو أقوال أئمة المذاهب الأربعة ما يدلّ على إظهار السرور والمصافحة وطبخ الحبوب والاكتحال يوم عاشوراء.[٨]


متى يأتي يوم عاشوراء؟

اليوم العاشر من شهر مُحرّمٍ هو يوم عاشوراء، ولذلك أُطلق عليه عاشوراء، كما أُطلق على التاسع من محرّم تاسوعاء، وتجدر الإشارة إلى تعدد أقوال العلماء في تحديد عاشوراء، إلّا أنّ الراجح أنّه العاشر من مُحرّمٍ، وهو ما ذهب إليه الجمهور من العلماء، وفي ذلك قال الإمام النووي -رحمه الله-: "عاشوراء وتاسوعاء اسمان ممدودان، هذا هو المشهور في كتب اللغة قال أصحابنا: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، وتاسوعاء هو التاسع منه هذا مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء، وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة".[١٠]


وعاشوراء هو اليوم الذي نُجِّيَ فيه موسى عليه السلام ومن آمن معه من بطش فرعون الذي ادّعى الربوبية وأتباعه، فكان فرعون ظالماً قاهراً لبني إسرائيل، يُقتّل أبناءهم، إلّا أنّهم لم يُقاتِلوه، بل أُمروا بالصبر عليه، والتوكّل على الله تعالى، والدعاء والصلاة، فجزاهم الله تعالى على ذلك، وورد ذلك في قوله سبحانه: (وَأَورَثنَا القَومَ الَّذينَ كانوا يُستَضعَفونَ مَشارِقَ الأَرضِ وَمَغارِبَهَا الَّتي بارَكنا فيها وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسنى عَلى بَني إِسرائيلَ بِما صَبَروا وَدَمَّرنا ما كانَ يَصنَعُ فِرعَونُ وَقَومُهُ وَما كانوا يَعرِشونَ)،[١١] وقال الحسن البصري في الآية السابقة: "والله، لو أنَّ الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يُرفع عنهم، وذلك أنّهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، ووالله ما جاؤوا بيوم خيرٍ قط".[١٢]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2006، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1134، صحيح.
  5. "عاشوراء فضائل وأحكام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018. بتصرّف.
  6. "يوم عاشوراء سنن وأحكام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3397، صحيح.
  8. ^ أ ب ت "عاشوراء تنبيهات وأحداث"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.
  10. "فضل صيام عاشوراء وتعريفه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018. بتصرّف.
  11. سورة الأعراف، آية: 137.
  12. "عاشوراء عبر وأحكام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018. بتصرّف.
4467 مشاهدة
للأعلى للسفل
×