ما قاله الشعراء عن الحب

كتابة:
ما قاله الشعراء عن الحب


قصيدة ما بَالُ عَين دموعُها تَكِفُ

يقول حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري:

ما بَالُ عَين دموعُها تَكِفُ،

مِن ذكْرِ خَوْدٍ شَطّتْ بها قَذَفُ

بَانَتْ بها غَرْبَة ٌ تَؤمُّ بهَا

أرْضاً سِوَانَا والشَّكْلُ مُختلِفُ

ما كنتُ أدري بوَشْكِ بينِهِمُ،

حتى رأيتُ الحدوجَ قد عزفوا

فغادروني، والنفسُ غالبها

ما شَفَّها، والهمومُ تَعتكِفُ

دعْ ذا وعدِّ القريضَ في نفرٍ

يدعونَ مجدي، ومدحتي شرفُ

إنْ تَدْعُ قوْمي للمجْدِ تُلفِهِمُ

أهلَ فعالٍ يبدو إذا وصفوا


قصيدة قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل

يقول الشاعر الجاهلي امرؤ القيس:

قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل

بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ

فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ

لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ

ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها

وقيعانها كأنه حبَّ فلفل

كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا

لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ

وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ

يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل

وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقة ٌ

فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ

كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها

وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل

فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً

عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي

ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح

ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ

ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي

فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ

فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها

وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل

ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة

فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي

تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً

عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ

فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ

ولا تُبعديني من جناك المعللِ

فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ

فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول

إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ

بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ

ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت

عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ

أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل

فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ

أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي

وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل

ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي

بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ

و بيضة ِ خدر لا يرامُ خباؤها

تَمَتّعتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ

تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً

عليّ حِراساً لو يُسروّن مقتلي

إذا ما الثريا في السماء تعرضت

تعرضَ أثناء الوشاح المفصَّلِ

فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثيابَها

لدى السِّترِ إلاَّ لِبْسَة َ المُتَفَضِّلِ

فقالت يمين الله ما لكَ حيلة ٌ

وما إن أرى عنك الغواية َ تنجلي


قصيدة ومضة حب

يقول عبد الرحمن العشماوي:

ما الحبُّ إلاَّ ومْضةٌ في خافِقي

بشُعاعِها يتألَّقُ الوجْدانُ

لولا الوَفاءُ لها لَمَاتَ وَمِيضُه

وَمُمِيتُها في قلبهِ الخُسرانُ

هيَ ومْضةٌ تجلو الظلامَ إذا سما

قصد المُحِبِّ وصانَها الإحسانُ

أمَّا إذا ساءتْ مقاصِدُ عاشقٍ

فهيَ اللَّظى في القلب و النيرانُ

ما الحُبُّ إلاَّ وَمضة لمَّاحة

بعطائِنا و وفَائِنا تزدانُ


قصيدة أجمل حب

يقول محمود درويش:

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوماً
وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً ... و نجما
وكنت أؤلف فقرة حب..
لعينيك.. غنيتها!
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا
كما انتظر الصيف طائر
ونمت.. كنوم المهاجر
فعين تنام لتصحو عين.. طويلا
وتبكي على أختها،
حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق، وأن القبل
طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ
على الدرب يوماً جديداً!
صديقان نحن، فسيري بقربي كفاً بكف
معاً نصنع الخبر والأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق .. لأي مصير
يسير بنا؟
ومن أين لملم أقدامنا؟
فحسبي، وحسبك أنا نسير...
معاً، للأبد
لماذا نفتش عن أغنيات البكاء
بديوان شعر قديم؟
ونسأل يا حبنا! هل تدوم؟
أحبك حب القوافل واحة عشب و ماء
وحب الفقير الرغيف!
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوما
و نبقى رفيقين دوما


قصيدة وإنّي لتعروني لذكراكِ رعدة

يقول عروة بن حزام:

وإنّي لتعروني لذكراكِ رعدة ٌ

لها بين جسمي والعظامِ دبيبُ

وما هوَ إلاّ أن أراها فجاءة ً

فَأُبْهَتُ حتى مَا أَكَادُ أُجِيبُ

وأُصرفُ عن رأيي الّذي كنتُ أرتئي

وأَنْسى الّذي حُدِّثْتُ ثُمَّ تَغِيبُ

وَيُظْهِرُ قَلْبِي عُذْرَهَا وَيُعينها

عَلَيَّ فَمَا لِي فِي الفُؤاد نَصِيبُ

وقدْ علمتْ نفسي مكانَ شفائها

قَرِيباً وهل ما لا يُنَال قَرِيبُ

حَلَفْتُ بِرَكْبِ الرّاكعين لِرَبِّهِمْ

خشوعاً وفوقَ الرّاكعينَ رقيبُ

لئنْ كانَ بردُ الماءِ عطشانَ صادياً

إليَّ حبيباً، إنّها لحبيبُ

وَقُلْتُ لِعَرَّافِ اليَمَامَة ِ داونِي

فَإنَّكَ إنْ أَبْرَأْتَنِي لَطَبِيبُ

فما بي من سقمٍ ولا طيفِ جنّة ٍ

ولكنَّ عَمِّي الحِمْيَريَّ كَذُوبُ

عشيّة َ لا عفراءُ دانٍ ضرارها

فَتُرْجَى ولا عفراءُ مِنْكَ قَريبُ

فلستُ برائي الشّمسِ إلا ذكرتها

وآلَ إليَّ منْ هواكِ نصيبُ

ولا تُذكَرُ الأَهْواءُ إلاّ ذكرتُها

ولا البُخْلُ إلاّ قُلْتُ سوف تُثِيبُ

وآخرُ عهدي منْ عفيراءَ أنّها

تُدِيرِ بَنَاناً كُلَّهُنَّ خَضيبُ

عشيّة َ لا أقضي لنفسي حاجة ً

ولم أدرِ إنْ نوديتُ كيفَ أجيبُ

عشيّة لا خلفي مكرٌّ ولا الهوى

أَمَامي ولا يَهْوى هَوايَ غَرِيبُ

فواللهِ لا أنساكِ ما هبّتِ الصّبا

وما غقبتها في الرّياحِ جنوبُ

فَوَا كَبِدًا أَمْسَتْ رُفَاتاً كَأَنَّمَا

يُلَذِّعُهَا بِالمَوْقِدَاتِ طَبِيبُ

بِنَا من جَوى الأَحْزَانِ فِي الصّدْرِ لَوْعَة ٌ

تكادُ لها نفس الشّفيقِ تذوبُ

ولكنَّما أَبْقَى حُشَاشَة َ مُقْولٍ

على ما بِهِ عُودٌ هناك صليبُ


قصيدة وملحة بالعذل ذات نصيحة

يقول أبو نواس:

ومُلحةٍ بالعذل ذات نصيحةٍ

ترجو إنابةَ ذي مجونٍ مارقِ

بكرَت تبصّرني الرشادَ وشيمتي

غيرُ الرشاد ومذهبي وخلائقي

لمّا ألحّت في العتابِ زجرتُها

فتأخّرت عنّي بقلبٍ خافقِ

كم رضتُ قلبي فاعلمي وزجرتهُ

فرأى اتّباع الرّشد غيرَ موافق

ومُدامةٍ مثل الخلوقِ عتيقةٍ

حُجِبت زماناً في كنائسِ دابقِ

تختالُ ألواناً إذا ما صُفّقَت

في الكأس تُخرسُ من لسانِ الناطقِ

ذهبيّةٌ تختالُ في جنباتِها

كالدرّ ألفَهُ نظامُ الراتقِ

باكرتُها من كفّ أغيدَ شادنٍ

حسنِ التنعّم فوق سُؤلِ العاشق

مُتَعَقربِ الصدغينِ في لحظاتهِ

فِتَنُ لها مقرونةٌ ببوائق

متخرّسٍ دينُ النصارى دينهُ

ذي قُرطقٍ لم يتّصل ببنائقِ

لَبِقٍ بديع الحسنِ لو كلّمتهُ

لنبذتَ دينكَ كلّهُ من حالقِ

واللَهِ لولا أنّني متخوّفٌ

أن أُبتلى بإمام جَورٍ فاسقِ

لتبعتهُ في دينهِ ودخلتهُ

ببصيرةٍ فيه دخولَ الوامقِ

إنّي لأعلمُ أن ربّي لم يكن

ليخُصّهُ إلّا بدينٍ صادقِ


قصيدة أحبها وهي تخفي حبه أدبا

يقول أحمد الكاشف:

أحبَّها وهي تخفي حبَّه أدبا

وظنها جهلت نجواه فانتحبا

يشكو إليها تباريح الغرام فلا

تجيبه فيبيت الليل مكتئبا

حتى إذا خاف أن يقضي أسىً وجوىً

أمضى إليها كتاباً فيه قد كتبا

حبيبة القلب ما هذا الجفاء وقد

أبكَى أليمُ بكائي الترك والعربا

لئن بقيت على الهجران قاسية

أضحى الثرى بدمي يا ميُّ مختضبا

تلت رسالته حرَّى الجوانح لا

ترى إليه لتبدي شجوها سببا

وبعدما هجعت هبَّت فأوقدت ال

مصباح مملوءة من وجدها لهبا

وأبدعته جواباً لا يغادر في

فؤاد مفتونها خوفاً ولا ريبا

قلبي بحبك مشغول كحبك لي

فلا تَرُعْنِي بعتب زادني تعبا

فإن لبثت مسيء الظن متهماً

كدرتَ عيشيَ بل أوردتَني العطبا

وأودعَتْهُ بريد الليل آمنة

لا تعرف الحذر المعتاد والرهبا

واستيقظت وهي لا تدري بما صنعت

ولو درت فضلت من خوفها الهربا

تلا الرسالة فاشتدت عزائمه

مستبشراً وتَثَنَّى عطفُهُ طربا

وظنها جهرت بالسرِّ واعترفت

في يقظة فتمادى يرسل الكتبا

ولم تجبه فكاد الغيظ يقتله

وبات بين الهوى والداء منتهبا

وعاده والد الحسناء وهو طبي

به فأدرك سر الداء فاضطربا

وكان طالَعَ بَيْتَيْ بِنْتِهِ وهما

أمام عاشقها الولهان فانقلبا


قصيدة عسى سادتي أن يقبلوا في الهوى عذري

يقول عبد الله فكري:

عسى سادتي أن يقبلوا في الهوى عذري

اذا علموا مني بهذا الهوى العذري

فلولا الهوى والضعف قد أوهنا القوى

لسرت لهم سعياً على قدم الشكر

سعوا جهدهم في القرب لطفاً ومنة

وابعاد أهل الحب من سنة الدهر

ولم أتخلف غادر ابعهودهم

ولا شأن فكري أن يميل إلى الغدر

ولكنني لم يبق مني الجوى سوى

بقية جسم كالخيال إذا يسري

ومالي على الأسفار في البحر طاقة

ولا جلد يقوى على السير في البر

فلي جسد بال وقلب كأنما

تقلبه الاشواق والوجد في الجمر

وما حيلة المشتاق ان عاقه الضنى

وألجأه قهراً إلى البعد والهجر

وان كان ذا التقصير مني اساءة

فعفو أبي رضوان يغنى عن العذر
3065 مشاهدة
للأعلى للسفل
×