مفهوم الموالاة
لنجاح أيّ عمل لا بدّ من الموالاة بين أجزائه، والاستمراريّة فيه وعدم الانقطاع عنه، وللوصول إلى مفهوم المولاة، فالموالاة مصدر الفعل والى يوالي، فالموالاة بين الأشياء التّتابع وعدم الانقطاع، وللموالاة معان أخرى، وهي: المناصرة أو المحاببة أو المصادقة أو المعاهدة، والموالاة أيضًا هي التّأييد والمبايعة، والمعنى المراد في هذا البحث التّتابع بين شيئين أو أكثر وعدم الفصل بينهم، كالموالاة بين أركان الصّلاة أو أركان الوضوء، والمعنى الاصطلاحي للموالاة; الموالاة في الصّلاة هو عدم الفصل بين أفعالها وأقوالها وكذلك الأمر في الوضوء،[١] فالموالاة في الصّلاة أو الوضوء بأن يأتي المسلم بالأركان على الوجه الأكمل والأمثل مع التّتابع بين هذه الأركان، وعدم الفصل بينها، بحيث يأتي بالرّكن بخشوع وطمأنينة ومع وجود التّتابع بين الرّكن والرّكن الذي يليه، وسيكون محور الحديث في هذا المقال حول: ما معنى الموالاة في الوضوء.[٢]
ما معنى الموالاة في الوضوء
بعد تعريف المولاة وبأنّه تتابع للعمل دون فاصل بين أجزاء العمل الواحد، فما معنى الموالاة في الوضوء؟ المولاة في الوضوء هو التّتابع بين أعضاء الوضوء، وعدم الفصل بينها بزمن يفصل بعضها عن بعض، كأن يغسل وجهه، ثمّ يديه، ثمّ يمسح رأسه، ثمّ يغسل رجليه، دون أن يفصل بين عضو وآخر، فهذه هي المولاة، فلو غسل وجهه ثمّ انشغل بأمر ما ثمّ أراد متابعة الوضوء، فهنا فصل بين أعضاء الوضوء بلا عذر، فلا يعدّ وضوءه مقبولًا، بل عليه أن يعيد وضوءه من البداية وذلك لحديث عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه: "أنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ علَى قَدَمِهِ فأبْصَرَهُ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: ارْجِعْ فأحْسِنْ وُضُوءَكَ فَرَجَعَ، ثُمَّ صَلَّى".[٣] وهذا إن دلّ فإنّما يدلّ على عدم صحّة أن يغسل فقط العضو الذي لم يعمّه الماء، ولذلك أمره صلّى الله عليه وسلّم أن يعيد وضوءه، ولأنّ الوضوء عبادة واحدة، فلا تكتمل مع تفرّق أجزائها.[٤]
حكم الموالاة في الوضوء
لقد تمّ الوقوف على معنى الموالاة في الوضوء، ولكن بقي معرفة ما حكم الموالاة في الوضوء ؟ جاء في الموسوعة الفقهيّة عن حكم المولاة في الوضوء بأنّه فرض من فُروضِ الوُضوءِ، وهذا مذهَبُ السّادة المالكيَّةِ في المشهورِ، والحنابلة، وقد اختاره الشّوكانيُّ، والشّيخ ابنُ باز، والشّيخ ابنُ عثيمين،[٥] .إذًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الموالاة في الوضوء على ثلاثة أقوال: الأوّل: سنّة وهو مذهب السّادة الحنفيّة والقول الجديد لإمام للشّافعي، ودليل الحنفيّة في ذلك مواظبة النّبيّ صلّى الله عليه وسلم على ذلك، ومذهب الظّاهريّة، الثّاني: وهو الوجوب مع الذّكر والعلم، وعدم الوجوب مع النّسيان والجهل، وهو مذهب السّادة المالكيّة، والثّالث: الوجوب مطلقًا وهو مذهب الحنابلة ودليل الوجوب عندهما: حديث عمر بن الخطاب أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النّبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فأحسن وضوءك"[٦]، فرجع ثم صلّى. [٧]
المراجع
- ↑ "معنى وتعريف الموالاة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "معنى الموالاة في الصلاة"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:243، حديث صحيح.
- ↑ "ما معنى الترتيب والموالاة في الوضوء؟"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "الموالاة في الوضوء"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-28. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:243، حديث صحيح.
- ↑ "من فروض الوضوء الموالاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-28. بتصرّف.