محتويات
شرح نداء (حيَّ على الفلاح)
أمر الله -تعالى- عباده بالصلاة وجعلها أعظم ركن بعد الشهادتين من أركان الإسلام، وجعل للصلاة أذاناً وإقامة، ومن عبارات الأذان والإقامة عبارة "حي على الفلاح"، ومعنى حيّ: هلمّ وأقبل، ومعنى الفلاح: الفوز والبقاء.[١]
ومنه قوله -تعالى-: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[٢] أي أولئك هم الفائزون، أو أولئك هم الذين كتب لهم البقاء في الجنة،[١] فمعنى "حي على الفلاح": هلمّوا وأقبلوا على سبب البقاء في الجنة، أو هلموا وأقبلوا على سبب النجاح والفوز في الدنيا والآخرة.[٣]
ما يقول من سمع (حي على الفلاح)
شرع الله -تعالى- الأذان؛ ليكون إعلاما للناس بدخول وقت الصلاة، وقد شرع الله -تعالى- لعباده أن يرددوا خلف المؤذن، فقد ثبت في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ المُؤَذِّنُ).[٤] ومعنى الحديث أن المسلم عندما يسمع المؤذن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا إذا قال: "حي على الفلاح"، فإن المسلم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا استثناء من عموم الحديث.
فقد ثبت في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قالَ المُؤَذِّنُ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، فقالَ أحَدُكُمْ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، ثُمَّ قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ قالَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ علَى الصَّلاةِ، قالَ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ علَى الفَلاحِ، قالَ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، قالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، ثُمَّ قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِن قَلْبِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ).[٥]
ولا يقول بعد قول المؤذن حي على الفلاح: حي على الفلاح، لأن معنى حي على الفلاح؛ هلمّوا وأقبلوا على أسباب الفوز في الجنة، فلا يتناسب أن يقولها السامع، وإنما ناسب أن يتبرأ من حوله وقوته ويستعين بحول الله وقوته.[٦]
معنى الفلاح في القرآن
ذُكر آنفا أن معنى الفلاح الفوز والبقاء، وقد ورد لفظ الفلاح في القرآن الكريم كثيراً، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
- قول الله -تعالى-: (أُولَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[٧]
- قول الله -تعالى-: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[٨]
- قول الله -تعالى-: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[٢]
ومعنى ذلك أنهم الفائزون، وأنهم ممن كُتِب لهم البقاء في الجنة خالدين فيها،[١] وجاء لفظ الفلاح بصيغة المضارع في القرآن كقول الله -تعالى-: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)،[٩] وقال الله -تعالى-: (وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتى).[١٠]
المراجع
- ^ أ ب ت بدر الدين العيني، كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صفحة 227. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الحشر، آية:9
- ↑ القاضي عياض، كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم، صفحة 252. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:611، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب ، الصفحة أو الرقم:385 ، صحيح.
- ↑ عبدالمحسن العباد، كتاب شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:5
- ↑ سورة آل عمران، آية:104
- ↑ سورة الأنعام، آية:21
- ↑ سورة طه، آية:69