محتويات
المعنى العام لكلمة سراج
السراج كل مصباحٍ زاهرٍ يُسْرَج بالليل كالفتيلة المُوقَدة، أو تطلق على محل السراج كالوعاء الذي فيه الدُهن والفتيلة مجازاً، وبسببه يتمكّن الإنسان من ممارسة الحياة بيسرٍ وسهولة، ولعلَّ كلمة "السَرْج" التي تعني ما يُوثَق على ظهر الفرس فييسر ويمكّن من الاستقرار عليه، أخِذت مجازاً لاتحادهما في معنى التيسير والتسهيل.[١]
وقد توسع استخدام العرب لكلمة "سراج" كمرادفٍ لكلمة "مصباح"، حتى صار يُعبَّر بها عن كل شيء مضيء، ومِن هنا أُطلق التعبير بكلٍّ من "سراج" و"مصباح" على كل جرمٍ مضيء كالشمس والنجوم الزاهرة المتوهجة وغيرها.[٢]
معنى السراج في سورة الفرقان
ذكر الله -تعالى- لفظ السراج في قوله: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا)،[٣] يعني الشمس؛[٤] بدليل قوله -سبحانه-: (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً)[٥]، ومِن الملفِت وجود قراءة متواترة قرأها حمزة والكسائي (وَجَعَلَ فِيهَا سُرُجاً) بالجمع بمعنى النجوم الكبيرة.[٦]
وبالتوفيق بين القراءتين: تكون الشمس نجماً كسائر النجوم، ففي قراءة الجمهور أرادَ النجم الأقرب والأكبر بالنسبة للبشر: وهو الشمس، وفي القراءة الأخرى أرادَ النجوم الكبيرة كلها.[٦]
معنى السراج في سورة الأحزاب
ذكر الله -تعالى- لفظ السراج في قوله: (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)،[٧] تعددت تفسيرات العلماء في تحديد المقصود بالسراج المنير في الآية على رأيين، بيانهم ما يأتي:[٨]
- الرسول -عليه السلام-، فيكون صلةً لقوله في الآية السابقة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا).[٩]
- القرآن الكريم؛ لأنَّ تقدير الآيتين: إنا أرسلناك داعياً إلى الله وداعياً إلى السراج المنير، وهو القرآن.
ويؤيد المعنى الأول قول الشاعر كعب بن زهير في مدح النبي: "إنَّ الرَّسُولَ لنورٌ يُستضاءُ به** مُهَنّدٌُ مِن سُيُوف الله مَسْلول"،[١٠] ولا مانع من الجمع بين الرأيين مِن باب التوسع في المعنى، فيكون معنى السراج في الآية الرسول --صلى الله عليه وسلم- وما جاء به من الوحي، وكأنَّ رسول الله يمسك بيده بسراج منير يهدي الناس وهو القرآن الكريم.[١١]
معنى السراج في سورة نوح
ذكر الله -تعالى- لفظ السراج في سورة نوح عند قوله -تعالى-: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا)[١٢]، وتفسير الآية: أنَّ الشمس التي تُرى للعين في الأرض هي المصباح الرئيسي المضيء الذي يُضيء لأهل الأرض.[١٣]
معنى السراج في سورة النبأ
ذكر الله -تعالى- لفظ السراج في قوله: (وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا)،[١٤] أي إنَّ الشمس جمعت بين كونها مصباحاً منيراً والتوهج، وقد تعددت تفسيرات العلماء في بيان المقصود بالوهَّاج بما سيأتي بيانه:[١٥]
- الرأي الأول: المنير، وقال به ابن عباس.
- الرأي الثاني: المتلألئ، وقال به مجاهد.
- الرأي الثالث: أنَّه مِن وهج الحر، وقال به الحسن البصري.
- الرأي الرابع: أنَّه الوقَّاد، أي الذي يجمع بين الضياء والجمال.
ومعنى التوهُّج في اللغة يشمل تلك الآراء جميعها؛ فتوقُّدُ حرارة الشمس أو النار شدة حرِّها المُسبِّب لوصولها إلى مكان بعيد، ويشبهه في معناه "وَهَجُ الطيبِ": انتشارُ رائحته، وتقصد العرب بالوَهَج والوهيج والهياج: تَوَقُّدُ الشيء، وتقصد بتَوَهَّجَت الجواهر: تلألأت وانتشر لمعانها وبريقها، جامعةً بين الضياء والجمال.[١٦]
المراجع
- ↑ محمد حسن جبل، المعجم الاشتقاقي المؤصل، صفحة 994. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع، الأمثال القرآنية القياسية المضروبة للإيمان بالله، صفحة 290. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان، آية:61
- ↑ الثعلبي، الكشف والبيان، صفحة 456.
- ↑ سورة نوح، آية: 16.
- ^ أ ب ابن خالويه، إعراب القراءات السبع وعللها، صفحة 307. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:46
- ↑ أبو منصور الماتريدي، تأويلات أهل السنة، صفحة 398. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:45
- ↑ عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، صفحة 512.
- ↑ أبو الليث السمرقندي، بحر العلوم، صفحة 65. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية: 16.
- ↑ الماوردي، النكت والعيون، صفحة 102. بتصرّف.
- ↑ سورة النبأ، آية:13
- ↑ الماوردي، النكت والعيون، صفحة 184. بتصرّف.
- ↑ محمد حسن جبل، المعجم الاشتقاقي المؤصل، صفحة 2288. بتصرّف.