مفهوم اليمين
اليَمين بفتح الياء وجمعها أَيمانٌ وأَيَمن وفي أصل اللغة اليد اليمنى، وسُمّي اليَمين بالحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كلٌ بيمين صاحبه، وقيل لأن اليمين تحفظ الشيء كما تحفظه اليد، ونقول الحلف، والإيلاء، والقسم فالألفاظ مترادفة، أمّا اليّمين في الاصطلاح الشرعيّ: تحقيق الأمر وتوكيده بذكر اسم الله -عزّوجلّ- أو صفة من صفاته، وقيل إنّ الحلف ما تعلق به حثٌّ أو منع أو تحقيق خبر وهو أقرب التعريفات لإجماله على كلُ حلف كالطلاق والنّذر وغيرها،[١] واليَمين تنعقد بمجرد النطق بها هزلًا وجدًّا، وقد وردت صيغ متعددة لليَمين عند الجمهور منها قول الحالف: والله وباللَّه ورب العالمين أو الحيّ الذي لا يموت، وقد يحلف العبد بصفة من صفات الله أيضًا كالحلف بعزة الله وكبريائه وعظمته، والحلف بكتاب الله والمصحف من اليَمين بإجماع المذاهب الأربعة، وقد لا تنعقد اليمين إلا إذا استثنى العبد ذلك، فما هو الاستثناء في اليمين وما حكمة مشروعية اليمين في هذا ما سيطرح في هذا المقال.[٢]
ما هو الاستثناء في اليمين
يجب على العبد المسلم أن يتحلى بالحُلم والصبر والبُعد عن الغضب الذي قد يذهب به إلى كثرة الحلف، ولهذا ينبغي على المسلم أن لا يُكثر من الحلف بدليل قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}[٣]وقال سبحانه: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}،[٤] وأمّا من حلف واستثنى في يمينه فلم يحنث، فالاستثناء هو قول "إن شاء الله" بعد الحلف مباشرة بدليل قول رسول الله: "من حلفَ فقالَ: إن شاءَ اللَّهُ لم يحنَثْ"،[٥]والحنث هو: إخلاف اليمين أي العمل بغير مضمونها، والاستثناء على أربعة شروط وهي كالآتي:
- اتصال الاستثناء بالمستثنى منه؛ أي الموالاة بقول إن شاء الله مباشرة إلا إنْ يعرض عارض كالعطاس أو السعال.
- ألا يكون المستثنى مستغرقًا للمستثنى منه؛ أي استثناء النصف في العدد.
- النطق والتلفظ به وجريانه على اللسان، إذ لا يعقد الاستثناء بالقلب.
- النية والقصد بحِل اليمين، لا أنْ يقصد التبرك بقول إن شاء الله.
فالاستثناء لا يفيد إلا بالشروط المذكورة فإن لم يقوم بها لم يحنث بدليل ما ورد في حديث أبي هريرة حيث قال: "قالَ سُلَيْمَانُ: لأطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُل إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُل إِنْ شَاءَ اللهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ يَحْمِل مِنْهُنَّ إِلا امْرَأةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قال: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فُرْسَانًا أجْمَعُونَ".[٦][٧]
حكمة مشروعية اليمين
شرع الله اليَمين لتأكيد الخبر والأمر المحلوف عليه، وذلك ليكون الكلام أكثر ثقة لكلام الحالف، وقد يكون لتقوية عزم الحالف نفسه على فعل أو ترك شيء، والأصل في حكمة مشروعية اليمين وثبوتها ما جاء في الكتاب والسُّنة والإجماع، قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}[٤] وقال النّبيّ -صلّى الله علّيه وسلم-: "إني والله إن شاء الله، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتت الذي هو خير، وتحللتها"،[٨] وأما الإجماع فقال ابن قدامة: "وأجمعت الأمة على مشروعية اليمين وثبوت أحكامها".[٩]
المراجع
- ↑ "تعريف اليمين"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
- ↑ "صيغة اليمين"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:224
- ^ أ ب سورة المائدة، آية:89
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1532، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6639، صحيح.
- ↑ "شروط صحة الاستثناء"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:6721، صحيح.
- ↑ "مشروعية اليمين"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.