معنى التصوف

كتابة:
معنى التصوف

معنى التصوف لغةً

من أين جاءت لفظة التصوف؟

إنّ الباحث عن جذر التصوف في اللغة العربية سوف يجد أنّ الجذر هو "صوف"، فالكلمة قد تكون آتية من الصوف الذي هو ما يكسو ظهر الضّأن ونحوه،[١] غير أنّ الإمام القشيري -وهو من أئمّة الصوفية الكبار- يرى أنّ لفظة الصوفية والتصوف مولّدة وغير مشتقّة من أيّ جذر من اللغة العربيّة؛ فهي إذًا لفظة تدلّ عليهم على الصوفية واصطلحوا على التسمّي بها، ويخالفه ابن خلدون الذي يرى أنّها إن كانت مشتقّة من اللغة العربية فهي من لبس الصوف الذي اشتُهر به أهل هذا الطريق ومعناه الابتعاد عن زينة الدنيا في ظل إقبال الناس عليها.[٢]


معنى التصوف اصطلاحًا

ما المعنى الذي اصطلح عليه القوم للفظة التصوف؟

إنّ لمعنى التصوف في الاصطلاح كثير من التعريفات قد وضعها أئمة التصوف الأوائل كالجنيد والداراني وسهل التستري وسمنون وغيرهم؛ إذ قد أحصى له الباحثون ما يربو على 60 تعريفًا قالها أولئك العلماء، وكلّها تدور حول مفهوم واحد هو أنّه طريقة لعبادة الله -سبحانه- قوامها الخروج من الملذات والتلبّس بأخلاق الإسلام التي كان عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته رضي الله عنهم، والأخذ بجوهر الشريعة الإسلامية وحقيقتها، ومن ذلك ما قاله معروف الكرخي: "التصوّف الأخذ بالحقائق واليأس ممّا في أيدي الخلائق"، وأيضًا ما قاله بشر الحافي: "الصوفي من صفا لله قلبه".[٣]


للتعرّف إلى الصوفية يمكنك الاطلاع على هذا المقال: ما هي الصوفية


الفرق بين التصوف والتشيع

هل ثمّة رابط بين التشيع والتصوف؟

إنّ الفرق بين التصوّف والتشيّع هو فرق كبير ظاهر وهو أنّ التصوّف سُنّيّ النّشأة؛ فكلّ أئمّته والسائرون على نهجه إلى يوم الناس هذا هم من أهل السنّة والجماعة، وهؤلاء يختلفون عن الشيعة بالاعتقاد وبالفقه،[٣] بينما التشيّع هو في ظاهره تعصب لآل البيت -عليهم السلام- وهم سلالة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من زوجه الزهراء ابنة النبي عليها وعلى أبيها الصلاة والسلام، ولكنّه في الباطن عداء للأمّة الإسلامية واتباع لأقوال منسوبة لآل البيت قد نصّ على كذبها علماء الشيعة المنصفون مثل الغريفي ومن قبله يوسف البحراني وغيرهما، فالفرق بينهما أنّ للشيعة عقيدة وفقه خاص وطريقة في العبادة تختلف عن التصوف والصوفية.[٤]


الفرق بين التصوف والزهد

أين ظهر الزهّاد الثائرون على التصوف؟

إنّ التصوّف في بعض جوانبه هو زهدٌ في الدنيا وخروج من ملذاتها واعتزال للشهوات وأهلها، وهو خلقٌ قد حثّ عليه الإسلام وكان عليه الصحابة الأوائل رضي الله عنهم، فعن الحسن البصري أنّه قال: "أدركتُ سبعين بدريًّا أكثر لباسهم الصوف"، فلبس الصوف علامة على الزهد في الدنيا وكذلك في الحديث الشريف: "عليكم بلِباسِ الصُّوفِ، تَجِدوا حلاوةَ الإيمانِ في قلوبِكم"،[٥] ففي الزهد واليأس من الدنيا علامة كبيرة على صفاء النفس وهو الذي يدعو إليه التصوّف.[٦]


ولكن قد ذكر بعضهم أنّه قد قامت جماعة في نيسابور من الزهّاد ثاروا على مبادئ التصوّف ورأوا فيها ما يعيقهم عن الوصول إلى رتبة الإنسان الكامل، فغالوا في الزهد، فالفرق بين المصطلحين هو أنّ الزهد أعمّ من التصوّف، والتصوّف من علاماته الفارقة هو الزهد ولكن بقدر وليس بمغالاة.[٧]


هل هناك فرق بين الصوفية والسنية؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: الفرق بين الصوفية والسنة


الفرق بين التصوف والعرفان

من الذي أحيا مفهوم العرفان في العصر الحديث؟

إنّ الفرق بين العرفان والتصوّف يحتاج أوّلًا إلى معرفة معنى العرفان وبعدها يُعرف الفرق بينه وبين التصوّف، فالعرفان هو طريقة فلسفيّة تأمليّة شيعيّة قديمة ولكنّها لم تكن معروفة حتى مجيء الخميني المرجع الشيعي المعروف فأحياها وبثّ فيها الروح من جديد، ومبدأ العرفان يقوم على تغييب الجماهير للوصول بهم إلى درجة الاتباع الأعمى لكلام الأئمّة الشيعة الأوائل المبني -كما مرّ آنفًا على أقوال مكذوبة على آل البيت عليهم السلام- بعيدًا عن الاتباع المبني على الحقيقة،[٨] وهذا عكس التصوّف الذي هو في جوهره يقوم على اتباع الكتاب والسنة وتقديمهما على أيّ كلام آخر كما يقول الإمام الجُنيد سيّد الطائفة.[٩]


الفرق بين التصوف السني والتصوف الفلسفي

ما التعاليم التي استند عليها التصوف الفلسفي؟

إنّ التصوّف السنّي هو امتداد لما كان عليه كثير من الصحابة والسلف في طرد الشهوات والوصول بالنفس إلى الصفاء، فإذا صفت النفس رأت ما لا تراه نفوس الآخرين كما يرى أئمّة الصوفيّة، فكلامهم مستند على تعاليم الكتاب والسنة النبويّة الشريفة وأقوال الصحابة وأئمّة السلف والأئمّة الأربعة وغيرهم، فهم إذًا فرعٌ من فروع أهل السنة والجماعة يمثلون الإسلام الصافي ولا يقولون بغير الكلام المستند على أدلّة من الشريعة، ولكن حدث في العصور المتأخّرة أن اختلط بعض المحسوبين على التصوّف بالأمم الأخرى ودرسوا فلسفاتهم واطّلعوا عليها وحاولوا أن يُضفوا على تعاليمهم صبغة شرعيّة.[١٠]


فجاؤوا بعادات الهندوس والبوذيين والفرس الزرادشتيين والمسيحيين واليونان وحاولوا أن يكسوها كساء الشريعة الإسلاميّة، وصارت عباراتهم واصطلاحاتهم التي يقولون بها فلسفية قد تحمل في باطنها ما لا يتوافق مع الفكر الصوفي الحقيقي الذي يقول عنه مؤسسه وواضع مبادئه أبو القاسم الجنيد: "عِلْمُنَا مَضْبُوطُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَكْتُبِ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ لَا يُقْتَدَى بِهِ"، فالفرق بين المصطلحين إذًا هو أنّ التصوّف السنّي هو التصوف الذي يستمد تعاليمه من الشريعة من دون شوائب، بينما التصوف الفلسفي هو نظرة تأمليّة تستمدّ قوامها من تعاليم الديانات والملل والثقافات الأخرى.[١٠]


الفرق بين التصوف العلمي والتصوف الطرقي

أيهما أسبق في الوجود التصوف العلمي أم الطرقي؟

إنّ التصوّف العلمي والتصوف الطرقي في الحقيقة وجهان لعملة واحدة وهو التصوف السني، ولكنهما يختلفان في أنّ لكلّ منهما نهج يسير عليه، فالتصوف العلمي هو سير على الطريق التي مشى عليها الأئمة الأوائل من دون أن يكون له شيخ أو مرشد يدلّهم على ماذا يفعلون، بينما التصوف الطرقي فهو التزام شيخ معيّن يتّبع طريقة معيّنة قد أخذها مشافهة عن شيوخه حتى يصل إلى مؤسس هذه الطريقة؛ كالطريقة الشاذلية والرفاعية ونحوها، فالسالك في التصوف الطرقي لا يسعه الخروج على تعاليم هذا الشيخ أو هذه الطريقة، بينما الذي يسلك الطريق الذي سلكه الشيوخ الأوائل فهو لا يحتاج إلى طريقة يتبعها ما دام يتبع الكتاب والسنة وتعاليم الشريعة الإسلامية.[١١]


ما هي أشهر كتب الصوفية؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: أشهر كتب الصوفية

المراجع

  1. ابن منظور، لسان العرب، صفحة 199-200. بتصرّف.
  2. ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، صفحة 611. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أبو العلا عفيفي، التصوف الثورة الروحية في الإسلام، المملكة المتحدة:مؤسسة هنداوي، صفحة 37-42. بتصرّف.
  4. أحمد بن سعد حمدان الغامدي، التشيع نشأته ومراحل تكوينه، صفحة 6. بتصرّف.
  5. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:5556، حديث صحيح.
  6. محمد بن الحسين السلمي، تسعة كتب في أصول التصوف والزهد، صفحة 6. بتصرّف.
  7. عبد الله حسين، التصوف والمتصوفة، المملكة المتحدة:مؤسسة هنداوي، صفحة 63. بتصرّف.
  8. محمد السيد الصياد، العرفانية والانقلاب على مسار الحوزة في قم _ سقوط النظرية وصعود الآيديولوجيا، صفحة 34. بتصرّف.
  9. أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، صفحة 255. بتصرّف.
  10. ^ أ ب عبد القادر أحمد عطا، التصوف الإسلامي بين الأصالة والاقتباس في عصر النابلسي، بيروت:دار الجيل، صفحة 339. بتصرّف.
  11. أبو العلا عفيفي، التصوف الثورة الروحية في الإسلام، المملكة المتحدة:مؤسسة هنداوي، صفحة 231-236. بتصرّف.
6882 مشاهدة
للأعلى للسفل
×