محتويات
ما تعريف التعبير المجازي؟
المجاز لغةً مأخوذٌ من جاز الشيء يجوزه إذا تعدّاه إلى غيره، فقد سمّي بالمجاز اللفظ الذي يعدل به عمّا يوجبه أصل الوضع، وأمّا اصطلاحًا فهو ذلك اللفظ الذي يستخدم في غير ما وضع له، وذلك لعلاقة معيّنة، مع وجود قرينة دالّة على عدم إرادة المعنى الأصلي.[١]
ما أنواع التعبير المجازي؟
ينقسم المجاز في البلاغة العربيّة إلى نوعين هما: المجاز اللغوي، والمجاز العقلي، وتفصيل ذلك فيما يأتي:[٢]
المجاز اللغوي
ويعني الكلمة التي استُعملت في غير ما وضعت له في أصل اللغة؛ وذلك لعلاقة غير المشابهة مع وجود قرينة دالة على عدم إرادة المعنى الأصلي، وللمجاز اللغوي علاقات كثيرة، ومن هذه العلاقات ما يأتي:[٣]
- السّببية
هي أن يُذكر السّبب ويُراد المُسبَّب، وذلك على نحو: رعت الماشية الغيث، فقد ذُكر الغيث السّبب، وأريد العشب المُسبَّب، والقرينة التي دلّت على ذلك لفظيّة هي رعت.
- المسببية
هي أن يُذكر المسبّب ويراد السّبب، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا}،[٤] فقد ذكر المُسبّب رزقًا، وأريد السّبب وهو المطر.
- الكلية
هي أن يذكر الكل ويراد البعض، وذلك على نحو قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ}،[٥] فقد ذكر الكل أصابعهم وأريد البعض أطراف الأصابع إذ لا يمكن وضعها كلّها.
- الجزئية
هي أن يذكر الجزء ويريد الكل، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}،[٦] فقد ذكر الجزء رقبة وأريد الكل وهو عبد مؤمن.
- الآلية
هي أن يذكر الآلة ويراد أثرها، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}،[٧] فقد ذكر الآلة لسان وأريد أثرها وهو الذكر الحسن.
- العموم
هي أن يُذكر العام ويراد الخاص، وذلك على نحو قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ}،[٨] فقد ذكر العام الناس وأريد الخاص النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- الخصوص
هي أن يذكر الخاص ويراد به العام، وذلك على نحو إطلاق اسم الشخص على القبيلة مثال: ربيعة وقريش.
- اعتبار ما كان
هو ذكر الشيء باعتبار ما كان عليه في الماضي، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ}،[٩] فإن اليتامى قد ذكروا باعتبار ما كانوا عليه في الماضي.
- اعتبار ما سيكون
هو ذكر الشيء بما سيكون عليه في المستقبل، وذلك على نحو قوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}،[١٠] فقد ذكر لفظ خمر على اعتبار ما سيكون عليه العصير الذي يعصر في المستقبل.
- الحالية
هي أن يُذكر الحال ويراد المحل، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}،[١١] فقد ذكر الحال رحمة الله وأريد المحل الجنة.
- المحلية
هي أن يُذكر المحل ويراد الحال به، وذلك على نحو قوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}،[١٢] فقد ذكر المحل الأفواه وأريد الحال الألسن.
المجاز العقلي
هو إضافة الفعل إلى ما ليس بفاعل في الحقيقة، وذلك على نحو قولهم: نهارك صائم وليلك قائم، فقد أسند الصيام للنهار، وفي الحقيقة ينبغي أن يسند للكاف العائدة على الإنسان، وكذلك القيام فقد أسند لليل، وينبغي هنا أيضًا أن يُسند إلى الكاف العائدة على الإنسان، وينقسم المجاز العقلي إلى 4 أقسام، وهي كالآتي:[١٣]
- الأول
ما كان طرفاه حقيقيين، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}.[١٤]
- الثاني
ما كان طرفاه مجازيين، وذلك على نحو قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ}.[١٥]
- الثالث والرابع
ما كان أحد طرفيه حقيقيين دون الآخر، ولا بدّ هنا من قرينة لفظية أو غير لفظية، نحو قولهم: أحيا الأرضَ الربيعُ.
يختص المجاز العقلي بمجموعة من العلاقات، وذلك بحسب الإسناد الواقع في الجملة، وهذه العلاقات هي كالآتي:[١٦]
- المفعولية
هي ما بني للفاعل وأسند إلى المفعول به الحقيقي، وذلك على نحو قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ}،[١٧] فإنّ لفظ راضية جاء على صيغة اسم الفاعل لكنّه جاء بمعنى المفعول به، أي مرضيّة.
- الفاعليّة
في هذا النوع يبنى الاسم للفاعل ويراد اسم المفعول، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا}،[١٨] فإنّ لفظ مستوراً فيه قولان؛ فالأوّل أنّ الحجاب مستورٌ عنكم لا ترونه، وأمّا الثاني أنّ الحجاب ساتر عنكم ما وراءه، وهذا المعنى الأخير أخذ على المجاز، فقد ذُكر المفعول وأريد الفاعل.
- الزمانية
في هذه العلاقة يسند الفعل للزمان، ويبنى للفاعل، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ}،[١٩] فإنّ الليل لا يسجو بل الإنسان هو من يسجو، وقد أسند لليل مجازًا وفي الحقيقة هو مسند للفاعل وهم الناس الذين يسجون في الليل.
- المكانية
في هذا النوع يسند الفعل إلى الزمان ويبنى للفاعل، وذلك على نحو قوله تعالى: {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}،[٢٠] فكلمة الأنهار هي أماكن جريان المياه وليست ما يجري فعلًا، وقد أسند هنا الفعل للمكان مجازًا وبني للفاعل.
- السّببية
في هذا النوع يسند الفعل أو ما في معناه إلى سببه، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا}،[٢١] فإسناد فعل البناء لهامان ليس حقيقيًّا، فهامان هو السبب الذي سيأمر البنائين.
- المصدرية
يكون ذلك إذا ما أسند الفعل للمصدر وبني للفاعل أو المفعول، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}،[٢٢] أي من معلومه.
ما الفرق بين التعبير المجازي والحقيقي؟
إنّ التعبير الحقيقي هو استخدام الألفاظ في نفس وضعها دون اختلاف أو تغيير، فتبقى هذه الألفاظ في نفس معانيها اللغوية التي وضعت لها في أصل اللغة، أمّا التعبير المجازي قائم على استخدام اللفظ في غير ما وضع له مع وجود قرينة تدلّ على ذلك الاستخدام وذلك التجاوز اللغوي، وتكون هذه القرينة موجودة في الجملة.[٢٣]
من أمثلة ذلك لفظة الربا، فالتعبير الحقيقي لها هو الزيادة والنماء، ولكنّها في اصطلاح الشريعة صارت تعني زيادة المال بطريقة مخالفة للشرع.[٢٣]
أمثلة على التعبير المجازي
من الأمثلة على التعبير المجازي ما يأتي:
- قوله تعالى: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}.[٢٤]
المجاز واقع في كلمة يد فقد ذكر السبب وأريد المسبّب القوة مجاز لغوي علاقته السببية.
- طلب الشّاب يد محبوبته.
المجاز واقع في كلمة يد فقد ذكر الجزء يد وأريد الكل مجاز لغوي علاقته الجزئية.
- عمّر الحاكمُ أبراجًا جديدة.
المجاز واقع في إسناد الفعل عمّر للمسبّب الحاكم فقد أسند الفعل للسبب، مجاز عقلي علاقته السببية.
المراجع
- ↑ أحمد بن مصطفى المراغي، علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع، صفحة 248. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 143. بتصرّف.
- ↑ حسن إسماعيل عبد الرازق، البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع، صفحة 33 - 37. بتصرّف.
- ↑ سورة غافر، آية:13
- ↑ سورة البقرة، آية:19
- ↑ سورة النساء، آية:92
- ↑ سورة الشعراء، آية:84
- ↑ سورة النساء، آية:54
- ↑ سورة النساء، آية:2
- ↑ سورة يوسف، آية:36
- ↑ سورة آل عمران، آية:107
- ↑ سورة آل عمران، آية:167
- ↑ رسمية علي عطوة الضمور، شعرية الشاهد المجازي في البلاغة، صفحة 55 - 56. بتصرّف.
- ↑ سورة الزلزلة، آية:2
- ↑ سورة البقرة، آية:16
- ↑ رسمية علي عطوة الضمور، شعرية الشاهد المجازي في البلاغة، صفحة 56 - 61. بتصرّف.
- ↑ سورة القارعة، آية:7
- ↑ سورة الإسراء، آية:45
- ↑ سورة الضحى، آية:2
- ↑ سورة البقرة، آية:25
- ↑ سورة غافر، آية:36
- ↑ سورة البقرة، آية:255
- ^ أ ب مصطفى الصاوي الجويني، البلاغة العربية تأصيل وتجديد، صفحة 102 - 104. بتصرّف.
- ↑ سورة الفتح، آية:10