محتويات
ما هو الشرك الأصغر؟
هو ما أطلق عليه الشرع أنه شرك، لكنه لا يخرج صاحبه من الملة،[١] فهو كبيرة من الكبائر، ويطلق عليه اسم الكفر الأصغر،[٢] ويكون بمساوة غير الله تعالى مع الله تعالى في الفعل أو القول.[٣]
حكم الشرك الأصغر
هل الشرك الأصغر يوجب الخلود في النار؟
يعدُّ من أكبر الكبائر ولا ينقص التوحيد، إلا أنه يتنافى مع كمال التوحيد، وإن مات عليه فيموت مسلمًا، ويعذب على شركه الأصغر يوم القيامة ولا يخلد في نار جهنم، وذهب معظم أهل العلم إلى أنَّ الراجح من القول أنَّ الشرك الأصغر لا يغفره الله تعالى لصاحبه، بل يُعذّب عليه حتى وإن دخل الجنة.[٤]
أقسام الشرك الأصغر
ما الفرق بين الشرك القولي والقلبي والفعلي؟
الشرك القولي
هو مساواة الله تعالى بالمخلوقات بما يتلفظه من ألفاظ وأقوال دون اعتقاد القلب بذلك وإلا اعتبر من الشرك الأكبر المخرج لصاحبه من الملة الإسلامية.[٥]
الشرك القلبي أو الاعتقادي
هو مجموعة الأقوال أو الأفعال الخالية من الإخلاص والتي لا يُبتغي بها رضا الله بل يطلب من ورائها مصالح أو سمعة.[٦]
الشرك الفعلي
هو مساواة الله تعالى بالمخلوقات بما يصدر منه من أفعال، دون اعتقاد القلب بذلك وإلا اعتبر من الشرك الأكبر المخرج لصاحبه من الملة الإسلامية.[٥]
أمثلة على الشرك الأصغر
أمثلة على الشرك القولي
- الحلف بغير الله تعالى:[٣] جاء رجل إلى عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- فطلب منه أن يحلف بالكعبة، فرفض عبد الله ذلك وقال له إن والده كان يُقسم بأبيه فنهاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك وقال له: "لا تحلِفْ بأبيكِ، فإنَّه مَن حلَف بغيْرِ اللهِ فقدْ أشرَك"،[٧]والفيصل في اعتبار الحلف بغير الله تعالى شركًا أكبر إن اعتقد الحالف بتعظيم المحلوف به.[٨]
- التسوية بين الخالق والمخلوق: كان يقول ماشاء الله وأنت، أو لولا الله وأنت، وقد ورد في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حلفَ أحدُكم فلا يقل ما شاءَ اللَّهُ وشئتَ ولَكن ليقل ما شاءَ اللَّهُ ثمَّ شئتَ".[٩][١٠]
- الرقية البدعية: ويدخل فيها كذلك الرقى الشركية، كالقسم بالنجوم والكواكب والاستغاثة بالمخلوقات أوالاستغاثة بالمخلوق من دون الله، أو إذا كانت بعبارات غير واضحة وغير مفهومة.[١١]
أمثلة على الشرك القلبي أو الاعتقادي
- الرياء: كأن يظهر عبادة ما بقصد اطلاع الناس عليها ليمتدحوه على فعلها، تاركًا الإخلاص لله تعالى بمراعاة غير الله تعالى، أي هو طلب المنزلة في قلوب الناس لأجل الحصول على مال أو جاه ونحوه،[١٢]قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى يُرَائِي، فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرائِي فَقَدْ أَشْرَكَ".[١٣][١٤]
- الاستسقاء بالأنواء: أي اعتقاد نزول المطر بسبب ظهور نجمٍ ما بمشيئة الله فهو محرمٌ، والدلالة على ذلك ما روي عن زيد بن خالد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلّى بالناس بالحديبية، وحين انتهائه أقبل على الناس فقال لهم: "هلْ تَدْرُونَ ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: قالَ: أصْبَحَ مِن عِبادِي مُؤْمِنٌ بي وكافِرٌ، فأمَّا مَن قالَ: مُطِرْنا بفَضْلِ اللهِ ورَحْمَتِهِ فَذلكَ مُؤْمِنٌ بي كافِرٌ بالكَوْكَبِ، وأَمَّا مَن قالَ: مُطِرْنا بنَوْءِ كَذا وكَذا فَذلكَ كافِرٌ بي مُؤْمِنٌ بالكَوْكَبِ"،[١٥]أمَّا لو اعتقد أن إنزال المطر ينسب للنجم دون مشيئة الله، فهنا يعدّ من الشرك أكبر.[١٤]
- التشاؤم والتطيّر: ويقصد بالطيرة إطلاق طير فإذا اتجه يمينًا تفاءلوا وإذا طار شمالًا تشاءموا،[١٦] والتشاؤم مما ينافي حقيقة التوحيد لاعتقاد أن النفع أو الضر من غير الله تعالى،[١٧] ودلالة تحريمه قول الله عن آل فرعون: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}،[١٨]ومن السنة النبوية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ".[١٩][٢٠]
أمثلة على الشرك الفعلي
- الغلو في شخص ما على ألا يصل مرتبة العبادة وإلا أصبح كفرًا مخرجًا من الملة.[٣]
- القيام بأعمال صالحة، الأصل فيها ابتغاء وجه الله فتخالط نية الفاعل شوائب من الرغبة في متاع الدنيا، كحفظ القرآن أو المحافظة على الصلاة لينال وظيفة معينة، تعلم العلم لينال المال، ومما روي في ذلك عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الرجل إذا سأل رسول الله -صلى الله عليه سلم- عن أجر مَن يجاهد وهو يتطلع إلى ما في الدنيا من متاع، فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيءَ له، فأعادها ثلاثًا كلُّ ذلك يقولُ: لا شيءَ له، ثم قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إن اللهَ لا يَقبلُ من العملِ إلا ما كان له خالصًا وابْتُغىَ به وجهُه.".[٢١][١٤]
- لبس التمائم؛ لدفع العين أو لدفع شر متوقع، وباعتقاد أن التمائم تنفع وتضر دون الله تعالى فهنا يصبح شركًا أكبر، أمَّا لو كان اعتقاه أنَّها سببًا للسلامة من الإصابة بالعين أو مس الجن فيكون شركًا أصغر قال الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ}.[٢٢][٢٣]
ما صحة حديث أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر؟
عن محمود بن لبيد الأنصاري رضي الله عنه، إنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: "إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصغَرُ. قالوا: وما الشِّركُ الأصغَرُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الرِّياءُ، يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لهم يَومَ القيامةِ، إذا جُزِيَ الناسُ بأعْمالِهِم: اذْهَبوا إلى الذين كُنتُم تُراؤونَ في الدُّنيا، فانْظُروا هل تَجِدونَ عندَهم جَزاءً!"[٢٤] ذكر الإمام أحمد بن حنبل في كتابه المسند أنه حديث حسن، رجاله رجال الصحيح.[٢٥]
هل الشرك الأصغر يحبط جميع الأعمال؟
لا تحبط جميع الأعمال، إنما يحبط العمل المصاحب بالشرك الأصغر،[٣] فيوم القيامة تعرض أعمال صاحب الشرك الأصغر، فيقابل الشرك الأصغر بالحسنات، فيسقط الشرك الأصغر إن كثرت الحسنات، وإلا فيذهب صاحب الشرك الأصغر إلى النار ليعذب بشركه الأصغر.[٢٦]
المراجع
- ↑ ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 11. بتصرّف.
- ↑ ناصر العقل، شرح الطحاوية، صفحة 8. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث عبدالقادر عطا، المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 127. بتصرّف.
- ↑ عبدالقادر عطا، المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 127. بتصرّف.
- ^ أ ب هيئة كبار علماء المملكة العربية السعودية، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، صفحة 67. بتصرّف.
- ↑ هيئة كبار علماء المملكة العربية السعودية، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، صفحة 68. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الآثار، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:831، حديث صحيح.
- ↑ عبدالقادر عطا، المفيد ف مهمات التوحيد، صفحة 133-134. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1733، حديث حسن صحيح.
- ↑ عبدالقادر عطا، المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 135. بتصرّف.
- ↑ عبدالقادرعطا، المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 139-140. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 4552. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن كثير، في جامع المسانيد والسنن، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:5149، حديث إسناده حسن.
- ^ أ ب ت عبدالقادر عطا، المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 128. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم:71، حديث صحيح.
- ↑ عبدالمحسن العباد، شرح سنن ابي داود، صفحة 255. بتصرّف.
- ↑ عبدالله التويجري، البدع التحويلية، صفحة 133. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف ، آية:131
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5757، حديث صحيح.
- ↑ عبدالقادر عطا، المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 144-145.
- ↑ رواه ابن حج العسقلاني، في فتح الباري، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 35/6، حديث إسناده جيد.
- ↑ سورة الزمر، آية:38
- ↑ عبدالقادر عطا، المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 141-142. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الارناؤوط، في تخريج المسند، عن محمد بن لبيد الانصاري، الصفحة أو الرقم:23631، حديث إسناده حسن.
- ↑ أحمد بن حنبل، مسند أحمد، صفحة 39. بتصرّف.
- ↑ عبدالعزيز الراجحي، فتاو منوعة، صفحة 4. بتصرّف.