ما هو الفرق بين الرسول والنبي

كتابة:
ما هو الفرق بين الرسول والنبي

الفرق بين الرسول والنبي من حيث اللغة

النبي في اللغة

مأخوذ من الفعل نبأ بتخفيف الباء أو نبَّأ بتشديدها بمعنى أخبر، وسُمي بذلك لأنَّه أنبأ عن الله تعالى، وهو على وزن فعيل بمعنى فاعل،[١] وقيل أيضا أن النبيّ مأخوذ من النَّبوَة وهي العلو والارتفاع، ويطلق النبيُّ على العَلَم من الأرض؛ أي المرتفع الذي يُهتدى به، ولذلك قيل إنَّه اشتق منه لشرفه وعلو قدره، وعلى القول الأول فإنَّ النبيَّ مسهَّل من المهموز وعلى القول الثاني فالاشتقاق يكون بغير الهمز.[٢]


الرسول في اللغة

مأخوذ من الإرسال بمعنى التوجيه، والرسول بهذا المعنى هو الذي وجَّهه الله تعالى لإنذار عباده وهدايتهم ودعوتهم،[٣] وتستعمل كلمة الرسول أيضًا بمعنى الرسالة ذاتها،[٤] وتستخدم أيضًا للدلالة على الجمع، كما في قوله تعالى: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،[٥] ولم يقل إنا رسُل ربّ العالمين؛ وذلك لأن ما جاء على وزن فعيل وفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع.[٦]


الفرق بين الرسول والنبي في الإصطلاح الشرعي

من الجدير بالذكر قبل الشروع في بيان الفرق بين النبيِّ والرسول، الإشارة إلى أنَّ كلمة رسول تطلق أحيانًا على الملائكة، الذين يرسلهم الله إلى أنبيائه كجبريل وميكائيل، كما بيّن الله تعالى ذلك في قوله: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}،[٧]، فتعيَّن الاحتراز بالقول أنَّ الرسول المقصود في موضوع البحث هنا هو الرسول من البشر لا من الملائكة، وأشهر أقوال العلماء في التفريق بين النبي والرسول أربعة أقوال:


لا فرق بين النبي والرسول

وهذا الرأي ذهب إليه المعتزلة، وقالوا: إن كل نبي رسول وكل رسول نبي ولا فرق بينهما، واحتجوا لذلك بأن الله تعالى خاطب نبيه أحيانًا بوصف النبي وأحيانًا بوصف الرسول، واحتجوا بأن الله تعالى قال: {وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ}،[٨] وقال: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}،[٩] فقالوا: إن الله أخبر عن النبيِّ بلفط الإرسال، فكان ذلك دالًا على أنه لا فرق بين النبي والرسول.[١٠]


وقد أجاب جمهور العلماء على ذلك بأن هذه الآيات التي استشهدوا بها تدل على العكس تمامًا، فاستخدام القرآن الكريم للعطف بالواو بين كلمة رسول وبين كلمة نبي، يفيد المغايرة كما هو معلوم من اللغة العربية، فما قبل الواو هو غير ما بعدها، وأما التعبير بالإرسال فمعناه البعث والتكليف، وليس معناه ترادف التعابير.[١٠]


وكون الله تعالى خاطب نبيه مرَّة بالرسول ومرَّة بالنبي، فهذا يدلُّ على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمل الوصفين معًا، وليس معناه أن الوصفين مترادفان في المعنى،[١١] كما أنَّ هذا القول لا يستقيم مع ما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ عدة الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، وعدَّة الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر رسولاً"،[١٢] فلو لم يكن هناك فرق بين النبي والرسول، لما كان هناك حاجة في التفصيل في العدد.[١٣]


الرسول من بُعث بكتاب ومعجزة بخلاف النبي

هذا القول يتضمَّن أنَّ الرسول والنبي كلاهما يوحى إليه، ويؤمران بالدعوة والتبليغ، إلا إنَّ الرسول يُجري الله تعالى على يديه الخوارق والمعجزات ويؤيده بكتاب منزل، وهذا لا يحصل للنبي، ومع أنَّ هذا القول قد قال به بعض العلماء إلا أنَّه قد نوقش بأنَّه لا ينطبق على بعض المرسلين، فإسماعيل -عليه السلام- لم يكن له كتاب، مع أنَّ القرآن الكريم قد نصَّ على أنَّه رسول.[١٤]


الرسول مكلَّف بالتبليغ والنبي غير مكلَّف

هذا القول هو الشائع المتداول عند كثير من العلماء مثل الفرَّاء والكلبي حيثُ قالوا بناءً على ذلك: إنَّ كلَّ رسول نبيٌّ وليس كل نبي رسولًا،[١٥] وبناءً على هذا القول فلا يشترط في وصف الرسول أن تكون له معجزة أو يخص بكتاب، ولكن ما يميزه عن النبيِِّ هو أنَّه مأمور بالدعوة إلى دينه وبلاغ قومه، وأمَّا النبي فيوحى إليه فحسب، وليس من مهمته أن يبلغ الدعوة أو يدعو قومه إلى الإيمان، وهذا التفريق على شيوعه في كتب العلماء، إلا إنه قد نوقش بجملة من الاعتراضات، ومنها:[١٦]

  • أنَّ الله تعالى قد نصَّ على أنَّه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل، في آيات متعددة من القرآن الكريم كقوله تعالى: {وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ}،[٨] وقوله: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}،[٩] فمن الواضح في الآيات أن الله تعالى أرسل الرسل والأنبياء بنفس الكيفية، وإرسال الرسل يقتضي البلاغ وهو كذلك بالنسبة للأنبياء.
  • أنَّه من غير المتصوَّر في حقِّ الأنبياء أن يُوحى إليهم فيعرفون الحق ثمَّ يكتمونه ولا يبلغونه لأقوامهم، وكذلك فقد نوقش هذا القول بما ورد في الحديث، الذي رواه البخاري ومسلم، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "عُرضت عليّ الأمم، فجعلَ يمرّ النبي ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي ومعه الرهط، والنبي وليس معه أحد"،[١٧] وهذا يدلُّ على أنَّ الأنبياء كانوا يبلغون الدعوة إلى أقوامهم، فيستجيب البعض منهم لهذه الدعوة.


الرسول يأتي بشرع جديد، والنبي يبلِّغ فقط

ذهب بعض المحققين من العلماء والمفسرين مثل ابن تيمية، إلى أنَّ الرأي الذي يظهر من خلال استقراء النصوص، ويسلم من معظم الاعتراضات التي وُجِّهت للأقوال الأخرى، هو أنَّ الرسول والنبيَّ كلاهما يُوحِى إليه من الله تعالى، ويُكلِّفان بتبليغ الدعوة وهداية الناس، إلَّا إنَّ الرسول يزيد عن النبيِّ في أنَّه يأتي بشرع جديد، فكل من أوحي إليه وكُلّف بالتبليغ فهو نبي، ولكن لا يُطلق وصف الرسالة إلا على من جاء بشريعة جديدة، وعلى هذا فكلِّ رسول يعتبر نبيًا ولكن ليس العكس.[١٨]


وبذلك يمكن فهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كانت بنو اسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي"،[١٩] ومن المعلوم أن جميع أنبياء بني اسرائيل كانوا على شريعة موسى، كما أنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي"، يفيد أنَّ النفي يشمل كلَّ مدعٍ للنبوة أو الرسالة، لأن وصف النبوة مشترك بين النبي والرسول، فنفي النبي يلزم منه نفي الرسول بالضرورة، ولو قال لا رسول بعدي، لاحتجَّ بذلك الذين ادَّعوا النبوَّة، وقالوا: إنَّ المنفي هو الرسول ونحن أنبياء.[٢٠]


الفرق بين الرسول والنبي من حيث التكليف

الرسول يأتي بشرع جديد ويُعزِّز أحيانًا بكتاب منزل، والنبيُّ يأتي ليؤكد رسالة سابقة، ولا يأتي بشريعة جديدة، ومع ذلك فإنَّ جميع الأنبياء والمرسلين مكلَّفون بذات المهام والوظائف، حيث أوكل الله لهم مهمة تغيير عقائد الناس وتصحيحها، وتهذيب سلوكهم وتعليمهم، وقيادتهم، وتقويم الانحرافات الاجتماعية والأخلاقية والفكرية في مجتمعاتهم، إذ يقول تعالى: {هوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}.[٢١][٢٢]


وقال تعالى عن النبيين: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}،[٢٣] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي"،[١٩] أي كانوا يتولون مهام القيادة والحكم فيهم.[٢٢]


عدد الأنبياء والرسل

للعلماء في تحديد عدد الأنبياء والرسل وجهتان، الأولى: تفويض العلم بذلك إلى الله وعدم الجزم برقم معين، والوجهة الثانية: اعتماد ما ورد في حديث أبي ذر الطويل المختلف في صحته:


عدد الأنبياء

جاء في مسند أحمد ومعجم الطبراني عن أبي ذر -رضي الله عنه- أنَّه قال: "قلت يا رسول الله كم المرسلون؟ قال: (ثلاثمائة وبضعة عشر جمًا غفيرًا. وقال مرة: خمسة عشر) وفي رواية أخرى قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله، كم وَفاء عدّة الأنبياء؟ قال: (مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمًا غفيرًا"، وقد اختلف المحدِّثون في صحَّة هذه الروايات، فحكم بعضهم عليها بالضعف وحكم عليها بعضهم بالصحة.[٢٤]


وقد قام المحدث الألباني بتتبُّع روايات هذا الحديث، وجمع طرقها وشواهدها، وناقش أسانيدها بشكل موسَّع وتفصيلي في كتابه السلسلة الصحيحة، وخلص من ذلك إلى القول: إنَّ عدد الرسل المذكورين في الحديث صحيح لذاته، وأنَّ عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه، وفي حديث أبي ذر من ثلاث طرق، فهو صحيح وعدد الأنبياء كما ورد في الحديث هو مائة وأربعة وعشرون ألفًا.[٢٥]


عدد الرسل

عدد الرسل كما ورد في حديث أبي ذر السابق والذي صححه الألباني، هو ثلاثمائة وبضعة عشر رسولًا، وفي بعض الروايات ثلاثمائة وثلاثمائة وخمسة عشر رسولًا.[٢٥]


أمثلة على الأنبياء والرسل

ذكر الله تعالى في القرآن الكريم بالاسم 25 نبيًا؛ ثمانية عشر في موضع واحد وهم المذكورون في قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ* وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ* وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}،[٢٦] وذكر في مواضع متفرقة آدم، وهودًا، وصالحًا، وشعيبًا، وذا الكفل، ومحمدًا، عليهم الصلاة والسلام.[٢٧]


وأنبياء العرب من جملة المذكورين في القرآن الكريم أربعة فقط، وهم: هود، وصالح، وشعيب، وإسماعيل، ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وهناك أنبياء تمت الإشارة لهم في القرآن الكريم دون ذكر أسمائهم، وهم الأسباط أبناء يعقوب، وقد ورد أيضًا ذكر لأنبياء آخرين في السنة النبوية، لم ترد أسماؤهم في القرآن الكريم مثل يوشع بن نون، وشيث.[٢٧]


أمثلة على الأنبياء عليهم السلام

داود، سليمان، إسحق، ويعقوب، ويوسف، وزكريا، ويحيى فإنَّهم جميعًا لم يأتوا بشرائع جديدة، وإنَّما بعثوا على شريعةِ من سبقهم من الرسل.[٢٨]


أمثلة على الرسل عليهم السلام

نوح، إبراهيم، موسى، عيسى ومحمَّد عليهم الصلاة والسلام، فكلُّ رسولٍ منهم جاء بشرع جديد وبعثوا إلى أقوام ليس فيها سواهم من الأنبياء في أوقاتهم.[١٣]


أمثلة على الذين تجتمع فيهم صفة النبي والرسول

جمع القرآن وصف النبوة والرسالة في موضع واحد، لكل من موسى وإسماعيل عليهما السلام، وذلك في قوله تعالى: {واذكر في الكتابِ موسى إنّهُ كان مُخْلَصًا وكان رسولًا نبيًّا}،[٢٩] وفي قوله تعالى أيضًا: {واذكر في الكتاِبِ اسماعيلَ إنَّهُ كان صادقَ الوعدِ وكان رسولًا نبيًّا}.[٣٠][٣١]


كيف يُعرف صدق الأنبياء والرسل؟

للأنبياء دلائل وعلامات تدلُّ على صدقهم في الانتساب للنبوَّة، ومن هذه الدلائل:

  • المعجزات: وهي ما يجريه الله من الخوارق على يد الرسول لتدلَّ على صدقه، ومثال ذلك: معجزة العصا لموسى، والناقة لصالح، والقرآن الكريم لمحمد عليهم الصلاة والسلام.[٣٢]
  • بشارات الأنبياء السابقين: وهي أخبار موثوقة أخبر بها نبي سابق أو وردت في كتاب إلهي سابق، تبشر بالنبي اللاحق، وتصفه بصفات واضحة وعلامات دالة عليه، كما حصل مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث بشَّر به نبي الله عيسى عليه السلام.[٣٣]
  • مراقبة أحواله وتفحص صفاته: وذلك من خلال معرفة قومه به عن قرب، واستفاضة الأخبار بصدقة وأمانته ورجاحة عقله، وعدم نزوعه لطموحات السيادة والمناصب والمال، وهو ما استدلَّ به قيصر الروم هرقل، عندما سأل أبا سفيان وكان مشركًا آنذاك، عن صفات رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل بعثته، فعرف هرقل صدق نبوته من صفاته.[٣٤]
  • مضمون دعوته وانسجامه مع دعوات الأنبياء السابقين: وذلك أنَّ دعوة الأنبياء تتصف بجوامع الفضائل، وأصول العقائد، ومكارم التوجيهات، وما تتضمَّنه من العقائد يتقبلها العقل وتنسجم مع الفطرة، ولا تتناقض مع دعوات الرسل السابقين، لأنَّ جميع الأنبياء يحملون نفس الرسالة، ويدعون لنفس الاعتقاد، ويمتازون بنفس الفضائل، فمن ادَّعى النبوة وجاء بما يتعارض مع رسالة الأنبياء السابقين دلَّ ذلك على كذب دعواه.[٣٥]
  • حفظ الله وتأييده ونصرته: جرت سُنّة الله في الكون بحفظ رسله ونصرتهم، قال تعالى: {إنّا لننصرُ رُسُلنا والذين آمنوا في الحياةِ الدنيا ويومَ يقومُ الأشهادُ}،[٣٦] وهذه النصرة من العلامات الدالة على صدق دعوة النبي، فإنَّ من ادَّعى النبوَّة ثمَّ خذله الله، وأهلكه وبدَّد دعوته، دلَّ ذلك على كذبه وافترائه على الله.[٣٧]


خصائص الأنبياء والرسل

للأنبياء والرسل خصائص، تجعلهم قادرين على حمل الدعوة وتبليغها، وإقناع الناس بصدق رسالتهم، وقابليتها للتطبيق والاتباع، ومن هذه الخصائص:[٣٨]

  • البشرية: من خصائص الأنبياء أنَّهم بشر كباقي البشر من حيث طبيعتهم، فليسوا ملائكة ولا أنصاف آلهة، ومن الحكمة في ذلك تحقيق الأسوة والاقتداء، فلو كان الأنبياء ملائكة أو ذوي طبيعة خاصَّة، لاحتجَّ بذلك أقوامهم للتقاعس عن التكاليف، ولقالوا إنَّنا أضعف من أنبيائنا ولا نقدر على ما يقدرون عليه، قال تعالى على لسان نبيه: {إنّما أنا بشرٌ مثلُكم}.[٣٩][٣٨]
  • الحرية: فلا يكون النبي عبدًا مملوكًا، وذلك لأنَّ العبد غير مالك لقراره ووقته، والنبوَّة تقتضي التفرُّغ الكامل لتكاليفها وأعبائها، ولأنَّ الرق صفة انتقاص يمتنع الناس عن اتِّباع أيِّ شخص كان رقيقًا، فضلًا عن أن يجعلوه إمامًا لهم.[٤٠]
  • الذكورة: اقتضت حكمة الله أن لاتكون النبوة في النساء، بل لا بد أن يكون النبي رجلًا قادرًا على تحمل تبعات النبوة بما فيها من مشاق ومخاطر، قال تعالى: {وما أرسلنا قبلَك إلا رجالًا نوحي إليهم}.[٤١] وقد خالف في هذا الشرط القرطبي وأبو الحسن الأشعري وغيرهم، ولكنَّ الراجح اعتبار الذكورة في النبوة لأنَّها تقتضي إشهار الدعوة، والإنوثة تستوجب التستُّر.[٤٢]
  • العصمة: من خصائص الأنبياء أنهم معصومون من الوقوع في المعاصي والذنوب، فهم على أعلى مرتبة من الطاعة لله تعالى، وهم معصومون من نسيان التشريع والتكاليف التي أوكلها الله لهم، ولا ينافي ذلك جريان الطبيعة البشرية على النبي في كونه قد ينسى أو يسهو أو يخطئ فيما ليس له علاقة بالتشريع من الأمور الدنيوية، قال تعالى: {سَنُقرؤك فلا تنسى}.[٤٣][٣٨]
  • الوحي: من خصائص الأنبياء أنهم يوحى إليهم من الله تعالى، قال تعالى على لسان نبيه: {إنّما أنا بشرٌ مثلُكم يُوحى إليَّ}،[٤٤] وهم بذلك على اتصال دائم بالغيب الذي يخفى على الناس، وهم بذلك أيضًا تحت التوجيه الإلهي المباشر، الذي يضمن لهم السداد والصواب.[٣٨]

المراجع

  1. اسماعيل بن حماد الجوهري، المنتخب من صحاح الجوهري، صفحة 40. بتصرّف.
  2. جمال الدين بن منظور، لسان العرب، صفحة 15- 302. بتصرّف.
  3. مرتضى الزبيدي، تاج العروس، صفحة 29- 72. بتصرّف.
  4. جمال الدين بن منظور، لسان العرب، صفحة 11 - 283. بتصرّف.
  5. سورة الشعراء، آية:16
  6. اسماعيل بن حماد الجوهري، المنتخب من صحاح الجوهري، صفحة 366. بتصرّف.
  7. سورة الحج، آية:75
  8. ^ أ ب سورة الأعراف، آية:94
  9. ^ أ ب سورة الحج، آية:52
  10. ^ أ ب شهاب الدين الآلوسي، روح المعاني، صفحة 9 - 165. بتصرّف.
  11. فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، صفحة 23 - 253. بتصرّف.
  12. رواه أحمد، في المسند، عن أبو ذر، الصفحة أو الرقم:21546، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 6 - 359.
  13. ^ أ ب عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 14. بتصرّف.
  14. فخر الدين الرازي، تفسير الرازي، صفحة 23 - 236. بتصرّف.
  15. الرازي، فخر الدين، تفسير الرازي مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، صفحة 236. بتصرّف.
  16. سليمان الأشقر، عمر، كتاب الرسل والرسالات، صفحة 14. بتصرّف.
  17. رواه البخاري ومسلم، في صحيح البخاري صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5752، مسلم 220.
  18. ابن تيمية، النبوة والنبوات، صفحة 2 - 714. بتصرّف.
  19. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرية، الصفحة أو الرقم:3455.
  20. أبو السعود، تفسير أبو السعود، صفحة 6 - 113. بتصرّف.
  21. سورة الجمعة، آية:2
  22. ^ أ ب جامعة المدينة، أصول الدعوة وطرقها، صفحة 1 - 108. بتصرّف.
  23. سورة البقرة، آية:213
  24. ناصر الدين الألباني، السلسلة الصحيحة، صفحة 6 - 359. بتصرّف.
  25. ^ أ ب ناصر الدين الألباني، موسوعة الألباني في العقيدة، صفحة 8 - 140. بتصرّف.
  26. سورة الأنعام، آية:83-86
  27. ^ أ ب عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 18. بتصرّف.
  28. سليمان الأشقر، عمر، كتاب الرسل والرسالات، صفحة 15. بتصرّف.
  29. سورة مريم، آية:51
  30. سورة مريم، آية:54
  31. محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 2 - 456. بتصرّف.
  32. عمر الأشقر، الرسل والرسلات، صفحة 121. بتصرّف.
  33. عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 162. بتصرّف.
  34. عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 197. بتصرّف.
  35. عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 202. بتصرّف.
  36. سورة غافر، آية:51
  37. عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 119. بتصرّف.
  38. ^ أ ب ت ث عمر الأشقر (1995)، الرسل والرسالات (الطبعة 6)، عمان ـ الأردن:النفائس، صفحة 69. بتصرّف.
  39. سورة الكهف، آية:110
  40. السفاريني، لوامع الأنوار البهية، صفحة 2 - 265. بتصرّف.
  41. سورة الأنبياء، آية:7
  42. السفاريني، كتاب لوامع الأنوار البهية، صفحة 265-266. بتصرّف.
  43. سورة الأعلى، آية:6
  44. سورة الكهف، آية:110
7255 مشاهدة
للأعلى للسفل
×