محتويات
ما هي اليمين الغموس؟
اليمين الغموس هي اليمين الكاذبة التي يحلفها صاحبها وهو مدركٌ أنّه كاذبٌ، كأن يحلف أنّه ما فعل ذلك وهو يعلم أنّه فعله، أو يحلف بفعل شيءٍ مع أنّه لم يفعله، وقد سُمّيت اليمين الغموس بهذا الاسم؛ لأنّها تغمس صاحبها بالإثم في الدنيا، ثمّ تغمسه في النّار بالآخرة إذا لم يتب من ذنبه، وتُسمّى أيضاً بيمين الصبر، واليمين الكاذبة، ويمين الزّور، واليمين الفاجرة.[١]
حكم يمين الغموس
حرّم الله -عز وجل- يمين الغموس، وجعلها كبيرةً من الكبائر إذا ترتّب عليها أذى لمن لا يستحقّ الأذى، أو قطع حق، أو اتّهام بريء، وقيل: بل هي من الكبائر مطلقاً، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ. قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فيها كاذِبٌ).[٢][٣]
الكفّارة في يمين الغموس
تعدّدت آراء الفقهاء في وجوب الكفّارة ليمين الغموس على قولين، وبيانهما فيما يأتي:[٤]
- القول الأول: لا كفّارة ليمين الغموس
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنّ يمين الغموس لا تجب فيها الكفّارة، لأنّ ذنبها أعظم من أن يُكفّر، واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)،[٥] إذْ بيّن الله -تعالى- عاقبة يمين الغموس في الآخرة ولم يذكر لها كفّارة، ولو كان لها كفّارة لبيّنها، كما استدلّوا بعدة أحاديث.
- القول الثاني: تجب الكفّارة ليمين الغموس
ذهب الشافعية إلى وجوب الكفارة في اليمين الكاذب الغموس، لأنّها يمينٌ منعقدة، ويمين الغموس يمينٌ مقصودٌ فوجب فيه الكفّارة، واستدلّوا بقول الله -تبارك وتعالى-: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)،[٦] وقوله -سبحانه-: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ).[٧]
شروط التوبة من اليمين الغموس
يمين الغموس كما أسلفنا كبيرةٌ من الكبائر، ولا كفّارة لها عند أكثر أهل العلم، لِذا يجب التوبة منه بصدقٍ وإخلاص، وعلى العبد أن يُكثر من الاستغفار والتقرّب إلى الله -تعالى- بالنوافل والطاعات عسى أن يعفو عنه، ويتقبّل منه توبته.[٨]
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خمسٌ ليسَ لهنَّ كفَّارةٌ: الشِّركُ باللهِ، وقتل النَّفسِ بغيرِ حقٍّ، وبُهْتُ المؤمنِ، والفِرارُ من الزَّحفِ، ويمينٌ صابرةٌ يُقْتَطَعُ بها مالًا بغيرِ حقٍّ)،[٩] فحتى تُقبل توبة صاحب اليمين الغموس فيجب عليه أنْ:[١٠]
- يُرجع الحقوق والمظالم إلى أصحابها.
- يندم على ما فعل ويعزم على عدم العودة لذلك.
- يُكثر من فعل الخير والتقرب إلى الله، ويتضرّع إليه بقبول توبته.
المراجع
- ↑ عبد القادر شيبة الحمد، فقه الإسلام، صفحة 24، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6920، صحيح.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 392، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 41، جزء 35. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:77
- ↑ سورة البقرة، آية:255
- ↑ سورة المائدة، آية:89
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 138، جزء 23. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8722، حسنه الألباني.
- ↑ "شروط التوبة من اليمين الغموس"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 28/2/2023. بتصرّف.