ما هو حد القذف

كتابة:
ما هو حد القذف

ما هو حد القذف

إنَّ القذفَ بالمعنى اللغوي يعني: الرميُ بالحجارةِ وما شابه، ثمَّ تمَّ استعماله في الرميِ بما يكره الإنسانُ؛ لما في الأمرينِ من مشابهةٍ في التأثيرِ، أمَّا في الاصطلاح الشرعي فيُقصد به: اتهامِ الإنسان العفيفِ بفعلِ الفاحشةِ، وقد شرعَ الله -عزَّ وجلَّ- عقوبةً مقدرةً على من يقومَ بهذا الذنبِ العظيم، وسيتمُّ بيان مشروعيةِ حدِّ القذفِ، وسبب وجوبه، ومقداره فيما يأتي:[١]

  • مشروعية حد القدف

وردت مشروعيةُ حدَّ القذفِ في كتاب الله -عزَّ وجلَّ-، وفي سنةِ نبيِّه الكريم -صلى الله عليه وسلم-، أمَّا ما يدلُّ على مشروعيته في القرآنِ الكريمِ، فقد جاء في سورةِ النورِ وبالتحديد في قول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).[٢]

أمَّا ما يدلُّ على مشروعيته في السنةِ النبوية المطهرةِ، قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ).[٣]

  • سبب وجوب حدَّ القذف

يهدف وجوب حدَّ القذفِ إلى صيانةِ أعراضِ النَّاس وسمعتهم؛ إذ إنَّ اتهامَ الغيرِ بالزنا وغيره يُلحق العارَ بهم، كما أنَّه يهدف إلى صيانةِ المجتمعِ من القتلِ وغيره؛ إذ إنَّ الرجلَّ قد تأخذه الحميةُ إلى قتلِ القاذفِ، أو قتل المقذوفِ خصوصاّ إن كانت أنثى، من غيرِ أن يتبيَّن صدقَ ما رُميت به من كذبه.[١]

  • مقدار حدَّ القذف

يُعاقب القاذفَ عقوبةً بدنيةً مقدرةً وهي ثمانونَ جلدةٍ، كما أنَّه يُعاقب عقوبةً معنويةً أدبيةً وهي أنَّ شهادته تُصبح مردودةً ولا تُقبل أبداً، إلَّا إذا تابَ عند الفقهاء من غير الحنفيةِ، بالإضافةِ إلى أنّه يُحكم عليه بالفسقِ، وقد جاء ذلك صريحاً في قول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).[٢]

شروط وجوب حد القذف

إنَّ لوجوبِ حدِّ القذفِ عدداً من الشروط التي لا بدَّ أن يتمَّ مراعاتها والأخذ بها في عين الاعتبار، وهذه الشروط منها ما يتعلق بالقاذف، ومنها ما يتعلق بالمقذوف، ومنها ما يتعلق بالقذفِ ذاته، وفيما يأتي ذكر هذه الشروط بشيءٍ من التفصيل:[٤]

  • شروط القاذف

يُشترطُ بالقاذف أن يكون بالغاً عاقلاً، وأن يكون عالماً بتحريمِ القذفِ في الشريعة الإسلامية، وأن يكون ملتزماً بأحكامِ الإسلامِ، كما يُشترطُ به أن يكون مُختاراً غير مكرهٍ على القذف، وأن لا يكون قد سبق رميُه بالقذف.[٤]

  • شروط المقذوف

يُشترط بالمقذوفِ أن يكونَ مُحصناً ويقصد بذلك: أن يكون مسلماً حراً عفيفًا عاقلاً، وأن يكون قادراً على الجماعِ، كما يُشترطُ به أن يكونَ معلوماً معروفًا غير مجهولٍ، وأن يُطالب بإقامةِ الحدِّ على من قذفه.[٤]

  • شروط القذف

يُشترطُ أن يكون القذفُ إمَّا باتهام المرء بأنَّه قد فعل الفاحشةِ مثل الزنا واللواط، أو أن يكون القذفُ بنفي نسب المرء عن أمِّه أو أبيه.[٤]

كيفية ثبوت حد القذف

إنَّ حدَّ القذفِ يثبتُ على القاذفِ بكيفيتينِ، وهما: الإقرارِ أو البينةِ، وفيما يأتي بيانُ المقصودِ بهما:[٥]

  • الإقرار

ويكون ذلك باعتراف القاذف، وإقراره بأنَّه قذف فلاناً من النَّاس، وبهذه الكيفيةِ يُقر عليه حدُّ القذفِ.

  • البينة

ويكونُ ذلك من خلالِ شهادةِ الشهودِ، والشهادة المعتبرة في الحدود، هي شهادةِ رجلينِ ذكرينِ حرينِ عدلينِ، ولا بدَّ من الإشارةِ إلى أنَّ شهادةَ المرأةِ في الحدودِ لا تُعدُّ شهادةً مقبولةً، كما إنَّه لا تُقبلُ شهادةَ واحدٍ ذكرٍ عدلٍ حرٍ مع يمينه، وهذا بإجماعِ أهل العلمِ.

الحكمة من مشروعية حد القذف

إنَّ كلَّ ما شرعه الله -عزَّ وجلَّ- في الإسلامِ إنَّما شرعه لحكمةٍ بالغةٍ، وفي هذه الفقرةِ من هذا المقال، سيتمُّ ذكر بعض الحكمِ من مشروعيةِ حدِّ القذف في الإسلامِ، وفيما يأتي ذلك:[٦]

  • إنَّ حدَّ القذفِ يعمل على صيانةِ المجتمعِ؛ وذلك من خلالِ إغلاقِ بابِ إشاعةِ الفاحشةِ بين المؤمنين في المجتمعِ الإسلاميِّ.
  • إنَّ حدَّ القذفِ يُحافظُ على أعراضِ المسلمين، وذلك من خلال قطع ألسنة الفُسَّاق والسوء وأمثالهم عن أعراض غيرهم من النَّاس.

المراجع

  1. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 5397، جزء 7. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة النور، آية:4
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2766، صحيح.
  4. ^ أ ب ت ث محمد بن إبراهيم التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 136، جزء 5. بتصرّف.
  5. عبد الله الطيار (2011)، الفقه الميسر (الطبعة 1)، الرياض- المملكة العربية السعودية:مدار الوطن للنشر، صفحة 140، جزء 7. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين (1424)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 370، جزء 1. بتصرّف.
3949 مشاهدة
للأعلى للسفل
×