محتويات
حق الله على عباده
إنّ لله -تعالى- حقًا على عباده، فلم يستخلف الله -تعالى- الإنسان في هذه الأرض عبثًا، وإنما جعل لهم حقًا عليه كما جعل لنفسه حقًا على العباد؛ فالله -تعالى- هو مدبر الكون ومصرف الأمور، وهو الخالق المستحق للعبادة، وعلى الإنسان أن يظهر هذه العبودية لخالقه ويؤمن به وحده ولا يشرك به شيئًا.[١]
وقد بيّن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- حق الله على عباده في الحديث الذي رواه معاذ بن جبل عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما ناداه ثلاث مرات ثم قال له: (هلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولَا يُشْرِكُوا به شيئًا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعَاذُ بنَ جَبَلٍ، قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، فَقالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبَادِ علَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوهُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ العِبَادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ)،[٢] وتفصيل حق الله على العباد كما ورد في الحديث الشريف يتلخص في أمرين:[١]
توحيد الله تعالى
إنّ من حقّ الله -تعالى- على العباد توحيده وعدم الإشراك به، وهذا هو مقتضى العبادة، ويكون التوحيد بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، والإقرار بأنّه هو المستحق للعبادة والطاعة.[٣]
والتوحيد إقرار باللسان يجب أن يرافقه عمل بالجوارح، فلا يجوز توحيد الله وإشراك غيره في العبادة، ومتى كان العبد موحدًا لله -تعالى- ولا يشرك به شيئًا ويعبد الله -تعالى- كما أمره؛ يكون قد استوفى حق الله عليه، فقبول الأعمال تنبني على صدق التوحيد.[٣]
عبادة الله تعالى
جعل الله -تعالى- الإنسان خليفته في الأرض، وبيّن -تعالى- أن سبب خلقه للإنس والجن هو عبادته وطاعته، حيث قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}،[٤] فالله -تعالى- لا يحتاج أحدًا من خلقه، فهو الغني عن العالمين، وقد جعل الله -تعالى- عبادته من حقه على عباده،[٥] وهي السبب الموصل للجنة.
ويجب أن تكون عبادة الله -تعالى- خالصة لوجهه الكريم من غير شرك ولا تحريف، فالعبادة هي القيام بما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، مع إخلاص النية بذلك لله وحده، وكذلك التصديق بالأوصاف التي وُصف بها، وعبادته بما له من أسماء وصفات، وتنزيهه عن كل نقص أو مشابهة أو غير ذلك.[٦]
حق العباد على الله
حق العباد على الله هو تحقيق الوعد الذي وُعدوا به في الدنيا، وهو الجزاء والأجر في الآخرة، وهذا من فضل الله -تعالى- وكرمه العظيم أنّه جعل لعباده حقًا عليه، وهو جزاءً لهم على قيامهم بحق الله -تعالى- من توحيد وعبادة كما أُسلف.[٧]
فمن مات وهو مؤمن موحدٌ لله ولا يشرك به شيئًا؛ كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، وأما من مات وهو مشرك بالله فليس له أن يدخل الجنة، وهذا ما أخبر به النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حديث آخر، فلاستحقاق العبد هذا الحق من ربه عليه القيام بحق الله أولًا، من توحيد من غير إشراك وصدق في النية والطاعة.[٧]
ما أهمية معرفة حقوق الله على عباده؟
تتلخّص أهمية معرفة حقوق الله في أمرين، وهما ما يأتي:[٨]
- سبب في تدبر القرآن الكريم، والتفكير في عظيم آيات الله -تعالى-
وهذا ما يدفع العبد إلى معرفة ربه وفهم مقاصده ومراده، والوصول لدرجة العبودية التي يريدها الله تعالى من عباده.
- سبب في معرفة معاني أسماء الله -تعالى-، وفهم صفاته
واستيعاب تفرده وكماله بهذه الأسماء والصفات، وهذا باب لمعرفة الله -تعالى- والإيمان به، والتصديق بصفاته ومعانيها العظيمة التي تدفع العبد إلى الإخلاص والعبادة.
المراجع
- ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني، عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 528. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن معاذ بن جبل ، الصفحة أو الرقم:5967، حديث صحيح.
- ^ أ ب المباركفوري، مرعاة المفاتيح شرج مشكاة المصابيح، صفحة 89. بتصرّف.
- ↑ سورة الذاريات، آية:56
- ↑ ابن تيمية ، جامع المسائل لابن تيمية، صفحة 45. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن محمد الغنيمان، شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري، صفحة 50. بتصرّف.
- ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني ، فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري، صفحة 355. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم الدويش، دروس للشيخ إبراهيم الدويش، صفحة 8. بتصرّف.