محتويات
داء فون ويلبراند
اضطرابات النزيف اختلالات مَرَضيّة تؤثر في عملية تجلط الدم التي تحدث بشكلٍ طبيعي، وتُعدّ عملية تجلط الدم من العمليات المهمة والحساسة التي تحافظ على حياة الشخص؛ فهي تمنع استمرار النزيف في الجسم، والذي يُفقِد الجسم كمية كبيرة من الدماء بتحويل الدم من الحالة السائلة إلى الصلبة، ويشترك في عملية تجلط الدم كلٌّ من الصفائح الدموية ومجموعة من البروتينات تُسمّى عوامل تجلط الدم، وأي خللٍ في أيٍ منهما سيؤدي إلى حدوث اضطرابات نزيف الدم، ومن أشهرها داء فون ويلبراند (Von Willebrand disease)[١]؛ وهو اضطراب في نزيف الدم نتيجة اضطرابات في عامل التخثُّر فون ويلبراند، والذي يحدث بسبب انخفاض في كمية عامل تخثُّر الدم هذا، أو يبدو موجودًا بكميات طبيعية عند المصاب، لكنّه لا يعمل بالشكل الصحيح لتظهر أعراض على المصاب، ومن أبرزها النزيف لمدة طويلة بعد التعرض لجرح أو إصابة. وفي هذا المقال حديث عن داء فون ويلبراند أسبابه وأعراضه وطرق علاجه.[٢]
أنواع داء فون ويلبراند
توجد أربعة أنواع رئيسة لداء فون ويلبراند مذكورة في الآتي:[٣]
- النوع الأول: أكثر الأنواع شيوعًا للإصابة؛ بحيث يصيب 60-80% من مرضى داء فون ويلبراند، وتتراوح أعراضه بين الخفيفة والشديدة، لكنَّها غالبًا ما تبدو خفيفة، ويتميز هذا بانخفاض كمية عامل فون ويلبراند، وعند معظم المرضى المصابين بالنوع الأول لديهم مشكلة أيضًا في العامل الثامن من عوامل التجلط.
- النوع الثاني: يصيب هذا النوع ما بين 15-30% من مرضى داء فون ويلبراند، وتحدث الإصابة بسبب الكثير من الطفرات الجينية، وقسّم العلماء النوع الثاني مجموعة من الأنواع الفرعية أيضًا، ويجب تحديد النوع الفرعي لتحديد العلاج المناسب للحالة، ويرتبط هذا النوع باختلال عمل عامل فون ويلبراند وليس انخفاض كميته.
- النوع الثالث: هو من أكثر الأنواع شدة في الأعراض وأكثرها ندرة في الإصابة، ويصيب هذا النوع ما بين 5-10% من مرضى داء فون ويلبراند، وفيه يفتقد المصاب تمامًا لعامل التجلط فون ويلبراند، أو توجد كمية قليلة جدًا منه في الدم.
- النوع الرابع المكتسب: على الرغم من أنَّ معظم أنواع داء فون ويلبراند من ضمن فئة أمراض موروثة، لكنَّ النوع الرابع منها مكتسب؛ إذ يتطور المرض بسبب الإصابة ببعض الأمراض المرضية الأخرى؛ مثل: السرطان ومرض الذئبة أو بسبب تناول بعض الأدوية.
أعراض داء فون ويلبراند
تختلف أعراض الإصابة بداء فون ويلبراند باختلاف نوع الإصابة وشدتها، وتشمل أبرز أعراض الإصابة بداء فون ويلبراند ما يأتي:[٤]
- سهولة ظهور الكدمات والنزيف تحت الجلد.
- النزيف من الأنف أو اللثة.
- النزيف الشديد للمرأة أثناء الحيض.
- زيادة خطر النزيف أثناء الحمل والولادة.
- المصابون بالنوع الثالث الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالنزيف الداخلي؛ بما في ذلك النزيف من الجهاز الهضمي والمفاصل.
أسباب داء فون ويلبراند
السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بداء فون ويلبراند العوامل الوراثية والجينات؛ إذ يرث المصاب الجين المسؤول عن عامل التجلط فون ويلبراند من أبويه غير طبيعي أو يحتوي على طفرة، فعامل فون ويلبراند ضروري لعملية التجلط، ومن دونه لن تستطيع الصفائح الدموية أن تلتصق معًا، ولا تستطيع أن تلتصق على جدران الوعاء الدموي عند حدوث نزيف، وبالتالي لن تتمكّن من تشكيل خثرة صغيرة توقفه، الأمر الذي يُسبِّب النزيف لمدة أطول من الطبيعي.
على الرغم من أنَّ السبب الوراثي المُسبِّب لمعظم الإصابات بمرض فون ويلبراند، لكن هناك عدة حالات للإصابة بداء فون ويلبراند لم تنتج من العوامل الواثية، وفي هذه الأحوال غالبًا ما ترتبط الإصابة بوجود اضطراب مرضيّ كامن آخر لدى المصاب، وتسمى هذه الحالة متلازمة فون ويلبراند المكتسبة.[٥]
تشخيص داء فون ويلبراند
يلعب التشخيص المبكر لمرضى فون ويلبراند دورًا مهمًا في السيطرة على المرض وتقليل المضاعفات التي قد تحدث، وغالبًا ما تُلاحَظ الأعراض التي تدلّ على اضطرابات النزيف عند مرضى النوع الثالث منذ الطفولة، أمّا النوعان الأول والثاني فيُلاحظان عند التعرض لإصابة خطيرة أو إجراء عملية جراحة، وتُشخّص الإصابة بداء فون ويلبراند وفق الآتي:[٣]
- أخذ التاريخ المرضي والأعراض التي يعاني منها: فيطرح الطبيب مجموعة من الأسئلة على المصاب لتقييم أي مشكلة في النزيف قد يكون مصاب فيها، وتشمل الأسئلة ما يأتي:
- هل يعاني المريض من أي نزيف مفرط بعد إجراء أي جراحة أو علاج للأسنان؟
- هل يلاحظ وجود دم بالبراز؟
- هل يلاحظ وجود كدمات تحت الجلد تظهر بسهولة عند التعرض لضربات بسيطة؟
- هل يحصل نزيف عند تناول بعض الأدوية؟؛ مثل: الأسبرين، ومميعات الدم، وبعض مسكنات الألم؛ مثل: مضادات الالتهاب الاستيرويدية (NSAID).
- هل يعاني من نزيف الأنف المتكرر والذي يستمر لمدة تزيد على عشر دقائق؟
- إذا كان جنس المصاب أنثى هل تعاني من غزارة الطمث؟، والتي تستمر لمدة تزيد على أسبوع ويحتوي الدم على قطع متخثرة كبيرة.
- الفحص السريري للمريض: فيجرى فحص المريض لملاحظة وجود أي كدمات تحت الجلد قد تدل على اضطرابات في النزيف.
- فحوصات الدم المخبرية: التي تُنفّذ للكشف عن أي مشكلة وتقييمها في نظام تخثر الدم، وتشمل الفحوصات المخبرية الآتي:
- فحص تعداد الصفائح الدموية.
- فحص زمن النزيف.
- فحص مستوى عامل التخثر فون ويلبراند بالدم وشكله ونشاطه؛ للكشف عن أي مشكلة فيه.
- فحص عامل التخثر الثامن.
علاج داء فون ويلبراند
لأنَّ أسباب الإصابة بأول ثلاثة أنواع جينية وغير مكتسبة؛ فلا يوجد علاج فعَّال ونهائي للمرضى، وتعتمد طرق العلاج المتوفرة على تقليل خطر النزيف وإدارته قبل أن يحدث أصلًا، كما تختلف خطة علاج مرضى داء فون ويلبراند باختلاف نوع الإصابة وحدتها، وتشمل طرق العلاج ما يأتي:[٦]
- تجنب تناول الأدوية التي تسبب النزيف: إذ تشمل هذه الأدوية كلًا من الأسبرين والأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرودية؛ مثل: الإيبوبروفين والنابروكسين.
- العلاج بدواء ديزموبريسين: (Desmopressin) يتوفر هذا الدواء في شكل حقن أو بخاخ للأنف، ومبدأ عمله تحفيز إطلاق خلايا الجسم لعامل التخثر فون ويلبراند، وتجدر الإشارة إلى ضرورة الحد من تناول السوائل أثناء أخذ هذا الدواء؛ لأنّه يُسبِّب احتباس السوائل بصفته أثرًا جانبيًا.
- العلاج بالأدوية التي تثبط الجلطات وتمنع تحللها: إذ تشمل كلًا من حمض أمينوكابرويك (aminocaproic acid) وحمض الترانيكساميك (tranexamic acid)؛ إذ تمنع هذه الأدوية تحلّل الجلطات الدموية مما يحدّ من النزيف، ويجرى تناولها عبر الفم إمّا بالشكل السائل أو الحبوب، وغالبًا ما يتناولها المريض عند حدوث نزيف من الفم أو الأنف أو نزيف الدورة الشهرية الشديد.
- وسائل منع الحمل: حيث اللجوء إلى حبوب منع الحمل إذا كانت المرأة مصابة بداء فون ويلبراند وتعاني من نزيف الدورة الشديد، إذ توصف حبوب منع الحمل الهرمونية، كما يُلجَأ إلى استخدام اللولب الهرموني، أو استئصال بطانة الرحم إذا لم ترغب المرأة بالحمل مجددًا.
- عوامل التخثُّر: يحتاج المصابون أحيانًا إلى سوائل تحتوي على تراكيز عالية من عوامل التخثّر تؤخَذ عن طريق الوريد.
من الجدير بالذكر أنَّ الأشخاص المصابين بالنوع الأول من داء فون ويلبراند لا يحتاجون إلى العلاج سوى في حال الخضوع لعملية جراحية، أو خلع سن، أو في حال التعرُّض للإصابات المباشرة، أمّا في حال النوع الثالث فمن الضروري الخضوع للعلاج فوريًا في حال النزيف؛ لأنَّه قد يبدو مميتًا.[٦]
مضاعفات داء فون ويلبراند
قد تؤدي الإصابة بداء فون ويلبراند أحيانًا إلى الإصابة بالنزيف الذي تصعب السيطرة عليه، والذي يهدّد الحياة أحيانًا، لكنَّ ذلك يحدث في حالات نادرة، ومن مضاعفاته الأخرى الإصابة بفقر الدم؛ كفقر الدم الناجم عن عوز الحديد، خصوصًا في حالات غزارة الطمث، كما قد يُسبِّب الألأم والتورّم نتيجة النزيف من المفاصل والأنسجة الأخرى من الجسم.[٥]
المراجع
- ↑ "Bleeding Disorders", www.healthline.com, Retrieved 11-05-2020. Edited.
- ↑ "What is von Willebrand Disease?", www.cdc.gov, Retrieved 10-05-2020. Edited.
- ^ أ ب "What to know about Von Willebrand's disease", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 10-05-2020. Edited.
- ↑ "Von Willebrand Disease: Types, Causes, and Symptoms", www.healthline.com, Retrieved 10-05-2020. Edited.
- ^ أ ب "Von Willebrand disease", www.mayoclinic.org, Retrieved 10-05-2020. Edited.
- ^ أ ب "What Is von Willebrand Disease?", www.webmd.com, Retrieved 10-05-2020. Edited.