محتويات
ما هو عذاب يوم الظلة؟
كان لقوم مديَن ستة ملوك؛ أبجد، وهوس، وحطى، وكلمن، وسعفص، وقرشت، رئيسهم هو كلمن، وهم قوم شعيب -عليه السّلام-، عذبهم الله بما أرسله عليهم يوم الظلّة؛ فقد فتح الله عليهم باباً من أبواب جهنّم، فعانوا من الحرّ أياماً عديدةً، بلغت سبعة أيامٍ،[١] فارتفعت حرارة بيوتهم حتى الغليان، وحميت مياه الآبار والعيون، والأرض من تحت أرجلهم أسقطت جلودهم من شدّة حرارتها.[٢]
فاتّخذوا من الماء مبرداً لهم فلم تنفعهم بشيءٍ، فأرسل إليهم غيمةً وقف تحتها رجلٌ وبدأ ينادي القوم ويقول لهم ما رأيهم ظلاً أطيب من ظلّ هذه الغمامة، حتى اجتمع القوم كلّهم تحتها يحتمون بظلها وبردها، فلمّا كانوا كذلك أوقدها الله عليهم ناراً تحرقهم جميعاً، قال -تعالى-: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ).[٣][٤]
قوم النبي شعيب أصحاب عذاب يوم الظلة
كان قوم مديَن قد سكنوا في أرض معان التي تقع بين الشام والحجاز، وكان شعيب -عليه السّلام- قد هاجر من أرض بابل وسكن معهم، ففهم لغتهم وعرفها حتى أتقنها، فأرسله الله لهم نبياً، وأنعم عليهم بنعمٍ عديدةٍ، فقد كانوا قلّةً فكثّرهم، فشملت الكثرة جميع جوانب حياتهم، قال -تعالى-: (وَاذكُروا إِذ كُنتُم قَليلًا فَكَثَّرَكُم).[٥][٦]
وأمدّهم الله بالقوة بعد ضعفهم، فصاروا يعترضون طريق المارّة، وأغناهم الله بعد فقرهم، فقد عملوا بالتجارة وكانت لهم مكانةٌ عاليةٌ بين القبائل في هذا المجال، حيث ساعد موقعهم الجغرافيّ على تفوقهم، إلّا أنّهم ومع كل هذه النّعم أشركوا بالله واتّخذوا معه إلهاً آخر.[٦]
ونشروا الفساد في الأرض، فقاموا بتطفيف الميزان، وبخسوا الناس أشيائهم، وأكلوا أموال الناس بالباطل، واتّبعوا سيء الأخلاق، ونشروا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ومنعوا الخلق من اتّباع الحق والسير وفق صراط الله المستقيم، وحاولوا جاهدين تشويه الحق وتغييره وفق أهوائهم، فاستحقّوا العذاب من الله.[٧]
أصناف عذاب قوم شعيب
عذّب الله قوم شعيب بثلاثة أصنافٍ من العذاب، تتناسب مع ما قالوه لشعيب أثناء دعوتهم، وردت هذه الأصناف في الآيات القرآنيّة، وهي:[٨]
- الرّجفة
فقد قالوا لنبيّ الله شعيب: (لَنُخرِجَنَّكَ يا شُعَيبُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَكَ مِن قَريَتِنا أَو لَتَعودُنَّ في مِلَّتِنا قالَ أَوَلَو كُنّا كارِهينَ)،[٩] فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين.
- الصّيحة
حيث كانت ردة فعلهم على دعوة سيّدنا شعيب لهم الاستهزاء به، فقالوا: (أَصَلاتُكَ تَأمُرُكَ أَن نَترُكَ ما يَعبُدُ آباؤُنا أَو أَن نَفعَلَ في أَموالِنا ما نَشاءُ إِنَّكَ لَأَنتَ الحَليمُ الرَّشيدُ)،[١٠] فقد استهزؤوا به، فأرسل الله عليهم الصّيحة لتوقفهم عن فعلهم، قال -تعالى-: (وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ).[١١]
- عذاب يوم الظلّة
فقد عاندوا نبيّهم وقالوا له: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ)،[١٢] فأرسل الله عليهم عذاب الظلّة بعدما اشتد عليهم الحر سبعة أيامٍ، فلمّا استظلّوا بها اشتعلت فوق رؤوسهم ناراً، قال -تعالى-: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).[١٣]
المراجع
- ↑ محمد الخطيب (1964)، أوضح التفاسير (الطبعة 6)، القاهرة :لمطبعة المصرية، صفحة 454، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الشوكاني (1414)، فتح القدير (الطبعة 1)، بيروت/ دمشق :دار ابن كثير/ دار الكلم الطيب، صفحة 134، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء ، آية:189
- ↑ جلال الدين السيوطي ، الدر المنثور، بيروت :دار الفكر ، صفحة 319-320، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف ، آية:86
- ^ أ ب أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة، صفحة 160، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 160-161. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي (1991)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 1)، دمشق/ بيروت :دار الفكر / دار الفكر المعاصر ، صفحة 217، جزء 19. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف ، آية:88
- ↑ سورة هود ، آية:87
- ↑ سورة هود ، آية:67
- ↑ سورة الشعراء ، آية:187
- ↑ سورة الشعراء، آية:189