محتويات
التعريف بمذهب الإمام الشافعي
يعود تأسيس المذهب الشافعي إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي القرشي، الذي وُلد في مدينة غزة في العام الخمسين بعد المئة من الهجرة، والمتوفي في العام الرابع بعد المئتين من الهجرة في مصر، وقد عُرف بشدة الفهم والحفظ، وهو صاحب ثالث مذهب من المذاهب الفقهيّة الأربعة، وقد أطلق أهل خراسان على أصحاب المذهب الشافعي لفظ أهل الحديث، وقد أخذ الإمام الشافعي العلم عن الإمام مالك، ثمّ استقلّ بمذهبه.[١]
نشأة المذهب الشافعي وتطوره
تتلمذ الإمام الشافعي في المدارس الفقهيّة شأنه شأن الأئمة من قبله، فلمّا كان صبيّاً جلس إلى علماء مكة يأخذ عنهم؛ أمثال مسلم بن خالد الزنجي، وسفيان بن عُيينة، واستمر في ذلك حتى وصل العشرين ونيّف من عمره، فانتقل إلى المدينة المنورة وجلس إلى الإمام مالك بن أنس صاحب المذهب المالكي حتى توفّي الإمام مالك، ثمّ اجتمع بالإمام محمد بن الحسن الشيباني الذي كان قد حمل المذهب الحنفيّ، فأخذ الكثير من علمه.[٢]
وعاد بعد ذلك إلى مكة المكرمة فجلس فيها معلّما يُقبل إليه طلاب العلم ليأخذوا عنه العلم، ثمّ توجّه إلى بغداد ليجلس إليه العلماء فيها أمثال الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وقد أُطلق على الاجتهادات التي اجتهد فيها الإمام الشافعي في هذه المرحلة المذهب القديم.[٣]
ثمّ قرّر الإمام أن يذهب إلى مصر من أجل الاطّلاع على مذهب الإمام الليث بن سعد، فلمّا وصل بدأ الناس يأخذون من علمه وفي ذات الوقت كان يستزيد من مذهب الليث، وبقيَ في مصر حتى توفاه الله، وقد سمّيت هذه المرحلة بالمذهب الجديد.[٣]
انتشار المذهب الشافعي
كانت بداية انتشار المذهب الشافعي في مصر، فقد كانت مصر البلد التي عاش فيها الإمام الشافعي معظم حياته، وتواجد فيها معظم طلابه ومؤلّفاته، ثمّ انتشر المذهب في بلاد فارس، وخراسان، وسجستان، وما وراء النهر من طريق الربيع بن سليمان الذي كان يروي المذهب.[٤]
وكان يأتي إليه الطلاب من هذه البلدان ويقومون بنسخ ما سمعوه منه ثمّ نقله إلى بلدانهم، وكان المذهب الشافعي هو المذهب الذي طغى في بلاد الشرق، وكانت الكلمة لأصحاب المذهب الشافعي في بلاد الشام، والعراق، واليمن، ومصر، والحجاز، ومكة، والمدينة، وغيرها من البلدان.[٤]
أصول المذهب الشافعي
ذكر الإمام الشافعي الأصول التي قام عليها مذهبه صراحة في كتابه الأمّ والرسالة، وهذه الاصول هي القرآن الكريم، والسنة النبويّة الشريفة، والإجماع إن وُجد، وإلّا فقول الصحابي الذي لم يعارضه قول صحابي آخر.[٥]
وإن تعارضت أقوال الصحابة أخذ بالقول الأقرب إلى القرآن والسنّة أو المطابق للقياس، ولا يخرج عن أقوال الصحابة بالمسألة، ثمّ يعمل بالقياس على مسألة ورد حكمها بالقرآن أو السنّة، أو القياس المجمع عليه، أو المعروف بين الصّحابة من غير خلاف.[٥]
علماء المذهب الشافعي
فيما يأتي ذكر أهمّ علماء المذهب الشافعي:[٦]
- الشيخ زكريا الأنصاري
يعتبر الشيخ زكريا الأنصاري من مشايخ الإسلام، مصري أزهري شافعي، عاش مئة سنة مليئة بالعلم والعمل يواصل فيها اللّيل بالنهار، قام بتأليف العديد من المؤلفات منها: أسنى المطالب في شرح روضة الطالب، وتحفة الباري على صحيح البخاري، والغرر البهية في شرح البهجة الوردية، وغيرها من المؤلفات.
- ابن حجر الهيتمي
شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي، أصله من مصر، ومن مؤلفاته: الإمداد شرح الإرشاد الذي اختصره بكتاب فتح الجواد، وكتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج.
- محمد الخطيب الشربيني
محمد بن محمد الخطيب شمس الدين الشربيني القاهريّ الشافعيّ، عُرف بالعلم والزهد والورع والعبادة، قام بشرح كتاب المنهاج وكتاب التنبيه شرحين عظيمين، وألّف كتاب الإقناع في ألفاظ أبي شجاع، وكتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج.
- شمس الدين الرملي
محمد بن أحمد بن حمزة شمس الدين الرمليّ، كان فقيهاً ومفتياً في مصر في زمانه، وكان النّاس يسمّونه بالشافعي الصغير، سُمّي بالرملي نسبة إلى قرية من قرى مصر، وقد قام بتأليف مصنفات وشروح عديدة.
أشهر مصادر المذهب الشافعي
تعدّدت المصنّفات في المذهب الشافعي وكثُرت، ومن هذه المصنّفات ما يأتي:[٧]
- الأمّ للشافعي.
- المهذّب للشيرازي.
- التبصرة للشيرازي.
- المجموع شرح المهذّب للنووي.
- الطراز المذهب في تلخيص المهذّب لأحمد بن عبد الله الطبري.
مميزات المذهب الشافعي
تميّز المذهب الشافعي بعددٍ من المميّزات، أهمّها:[٨]
- الإكثار من الاستدلال بالحديث النبويّ الشريف، والإكثار من القياس.
- التأثر بمدرسة الحجاز ومدرسة العراق، كون الإمام الشافعي تتلمذ على يد الإمام مالك.
- اتصال الإمام الشافعي بأصحاب المذهب الحنفيّ، وتعلّمه من كتب الإمام محمد بن الحسن.
- علمه بطريقة أهل العراق والتأثر ببعضه، فقد كان يرى أن لا يأخذ طريقتهم كاملة ولا يدعها كاملة، فأخذ منها ما رآه حسناً.
- التوسّع في استعمال الحديث والاستدلال به أكثر ممّا سبقه من المذاهب، وجعل اعتماده على الرأي والقياس ضعيفاً، وفي المقابل أخذ من القياس ووضع له القواعد وجعل له الأصول، ممّا جعل بعضاً من الحنفيّة يعدلون عن مذهبهم إلى مذهبه.
نبذة عن الإمام الشافعي مؤسس المذهب الشافعي
اسمه أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي، يلتقي مع رسول الله بعبد مناف، والمطلب الذي أحد أبناء عبد مناف هو جدّ الإمام الشافعي.[٩]
وقد كان الإمام الشافعي كريم الخلق، عالماً متواضعاً، ما جلس أحدٌ إليه إلّا وأُعجب به، وكان شديد المروءة، وكان يقول: لو أنّ شرب الماء البارد يُنقص من مروءتي ما شربته، وكان كثير الصدقة، وهو من الأئمة الصالحين شديدي العبادة لله -تعالى-.[١٠]
وقد حرص على تقسيم اللّيل إلى ثلاثة أثلاث؛ الأول يكتب فيه، والثاني ينام فيه، والثالث يصلّي فيه، وكلّما مرّ بآيةٍ فيها رحمة سأل الله بها لجميع المؤمنين والمؤمنات، وإذا مرّ بآيةٍ فيها عذاب تعوّذ منه ودعا الله بالنجاة منه له للمؤمنين جميعاً.[١٠]
المراجع
- ↑ أحمد تيمور باشا (1990)، نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة (الطبعة 1)، بيروت :دار القادري، صفحة 70. بتصرّف.
- ↑ سراج الدين البلقيني (2012)، التدريب في الفقه الشافعي (الطبعة 1)، الرياض :دار القبلتين، صفحة 11، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب سراج الدين البلقيني (2012)، التدريب في الفقه الشافعي (الطبعة 1)، الرياض :دار القبلتين، صفحة 12-13، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب سراج الدين البلقيني (2012)، التدريب في الفقه الشافعي (الطبعة 1)، الرياض :دار القبلتين ، صفحة 20-21، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد شلبي (1985)، المدخل إلى الفقه الإسلامي (الطبعة 10)، بيروت :الدار الجامعية ، صفحة 195. بتصرّف.
- ↑ سراج الدين البلقيني (2012)، التدريب في الفقه الشافعي (الطبعة 1)، الرياض:دار القبلتين ، صفحة 35-36، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عماد علي جمعة (2003)، المكتبة الإسلامية (الطبعة 2)، ناقص:سلسلة التراث العربي الإسلامي، صفحة 178-179. بتصرّف.
- ↑ سراج الدين البلقيني (2012)، التدريب في الفقه الشافعي المسمى بـ تدريب المبتدي وتهذيب المنتهي (الطبعة 1)، الرياض :دار القبلتين، صفحة 18-19، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مقتدر عبد المجيد ، الإمام الشافعي وسيرته، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب مقتدر عبد المجيد، الامام الشافعي وسيرته، صفحة 5. بتصرّف.