العنبر
خلق الله الكون وسخّر ما فيه من مخلوقات لمنفعة البشر، ومن مخلوقات الله الحيوانات التي تزوّدنا بالكثير من المنتجات التي نستخدمها في حياتنا اليوميّة مثل الحليب، والعسل، والبيض، والمسك، والعنبر. والعنبر مادة شمعيّة صلبة القوام، تتكوّن من أحماض، وأشباه قلويات، ومادة شبيهة بالكولسترول تُسمى العنبرين، أو الأمبرين، ويُشتقّ اسمه (بالإنجليزيّة: Ambergris) من كلمة فرنسية تعني الكهرمان الرّمادي، وهو بذلك يختلف عن الكهرمان الذي يُطلَق عليه في بعض الأحيان اسم العنبر لأنّ اسمه (بالإنجليزيّة: amber). يكون العنبر الطّازج أسود اللون وناعم الملمس، وذا رائحة كريهة، ولكن عند تعرضه للهواء، وأشعة الشّمس وماء البحر يتحوّل لونه إلى الرّمادي الفاتح، أو الأصفر، وأثناء ذلك يكتسب رائحة طيبة، وهو يُستخدَم لتثبيت الرّوائح العطريّة، وصنع الأدوية، وكنوع من التّوابل.[١]
مصدر العنبر
عرف البشر العنبر منذ فترة طويلة، إلا أنهم لم يتمكنوا من معرفة مصدره، لذلك برزت الكثير من الفرضيات التي تحاول أن تحدّد من أين يأتي العنبر، وقد ورد في رسالة نشرتها الجمعيّة الملكيّة في لندن في القرن السّابع عشر أن مصدر العنبر هو مخلوق غير معروف يعيش ضمن أسراب على شاطئ البحر أو بداخله، وكان يعتقد البعض أنّ العنبر نوع من مخلّفات البراكين، أو من فضلات الطّيور، وقد عرف المستكشف ماركو بولو أنّ البحارة الشّرقيين يصطادون الحيتان للحصول على العنبر، إلا أنّه كان يعتقد أن الحوت يبتلع العنبر أثناء تناوله للطعام.[١]
من المعروف الآن أنّ العنبر يُستخرَج من نوع محدّد من الحيتان وهو حوت العنبر (بالإنجليزيّة: sperm whale)، وقد حاول العلماء تفسير إنتاج حوت العنبر لهذه المادة ففحصوا مكوناتها فوجدوا أنّها تحتوي على الأجزاء الصّلبة لبعض الحيوانات البحريّة، مثل: منقار الحبار العملاق وهو الوجبة المفضلة لحوت العنبر، فافترضوا أنّ حوت العنبر يفرز هذه المادة لحماية الجدران الداخليّة للقناة الهضميّة من الخدش أثناء مرور هذه المكونات الصّلبة داخل القناة، أمّا طريقة تخلّص الحوت من العنبر فقد اختلف العلماء بشأنها؛ فالبعض يعتقد أنّ الحوت يتخلّص منه بقذفه من فمه لذلك يُسمّى العنبرُ قيءَ الحوت، والبعض يعتقد أنّ العنبر يخرج من القناة الهضميّة للحوت مع الغائط. يُعدّ العنبر من المنتجات غالية الثّمن، وتعود أسباب ارتفاع سعره إلى نُدرته، فهو يتكوّن في الجهاز الهضمي لحوت العنبر تحديداََ، ليس هذا فقط، بل إنّ نسبة حيتان العنبر التي تتمكّن بالفعل من تكوين العنبر لا تزيد عن 1% من حيتان العنبر كما ورد في كتاب الذهب العائم-تاريخ العنبر الذي نشرته جامعة شيكاغو عام 2012م، كما أنّ هذا العنبر يتم طرحه في مكان ما وسط المحيط، وقد تمرّ سنوات قبل أن يجد شخص ما قطعة من العنبر على الشّاطئ.[٢][٣]
حوت العنبر
يُعدّ حوت العنبر (الاسم العلميّ: Physeter catodon)، أكبر أنواع الحيتان المسنّنة وأكثرها تطوّراََ، وقد يكون لون جسمه أزرق داكناً، أو رمادياً، أو بنياً، مع بقع بيضاء على البطن، ويتميّز برأسه العريض وفكّه السفلي الضيق، ويكون الرأس مربّع الشّكل ويمثّل طوله ثُلث طول الحوت، ويُقدَّر وزنه بأكثر من ثلث وزن الجسم. يحتوي الفك السّفلي لحوت العنبر ما بين 36-50 سناََ مخروطيّ الشّكل، أما الفك العلوي فيحتوي على أسنان يُعتقَد أنّها لا تؤدي وظيفة محدّدة. لحوت العنبر زعانف صغيرة جداََ، وبعض النّتوءات دائريّة الشّكل على ظهره، ويبلغ طول ذكر حوت العنبر 19م، أما الإناث فيصل طولها إلى 12م. يوجد على رأس حوت العنبر عضو فريد من نوعه مملوء بسائل مكوّن من مادتين؛ الأولى تُسمّى العنبريّة، والثّانية هي زيت العنبر، وقديماً كان يتم استخراج هذا السّائل واستخدامه للتشحيم والإنارة.[٤]
استخدامات العنبر
للعنبر أو "لعاب التنين العطري" كما سماه الصّينيون فوائد واستخدامات متعددة، ويقال إنّ من أسباب غزو البرتغال لجزر المالديف في القرن السّادس عشر رغبتهم في السّيطرة على الجزر التي يكثر فيها العنبر، ومن المعروف أنّ سكان مناطق الشّرق الأوسط كانوا يتناولون العنبر منذ آلاف السّنين بعد طحنه لزيادة قوتهم البدنيّة، وقدراتهم الجنسيّة، ولعلاج أمراض القلب والدّماغ، أما قدماء المصريين فكانوا يحرقونه كبخور، كما استُخدم في بعض المناطق لتحسين رائحة السّجائر، وقد ورد في تقرير طبي بريطاني يعود تاريخه إلى العصور الوسطى أنّ العنبر مفيد في علاج الكثير من الحالات المرضيّة من ضمنها الصّرع، ونزلات البرد، والصّداع، وكان يُعتقد خطأَ أنّ العنبر يقضي على رائحة الطّاعون التي تنقل المرض من شخص لآخر. وفي الوقت الحاضر يُستخدم العنبر في صناعة العطور والكولونيا، لتحسين وتثبيت رائحتها، وفي صناعة مستحضرات التّجميل.[٥][٦]
معلومات عامة عن العنبر
فيما يأتي بعض المعلومات العامة عن العنبر:[٧]
- يدل لون العنبر الأبيض على أنّ العنبر ظل طافياََ في المحيط لفترة طويلة مما عرّضه للأكسدة، ويظل لون العنبر الأبيض من الدّاخل رمادياً داكناََ، أو أسود، أو بنياً، ويمكن أن يكون قوامه هشاََ أو صلباََ.
- يُعد العنبر الطّازج، أو العنبر الأسود اللامع والذي قد يكتسب أحياناً طبقة رقيقة من مسحوق أبيض اللون نتيجة أكسدته أقل أنواع العنبر جودة ويكون ليّن القوام مثل القطران الذّائب، وله رائحة كريهة، ويذوب بسرعة إذا تعرّض للحرارة.
- تصعب ملاحظة القوام الشّمعي للعنبر عند التقاطه من الشّاطئ بسبب تأثير مياه البحر المالحة والباردة، وبسبب وجود نسبة من الرّطوبة فيه.
- يصبح العنبر مع مرور الوقت أخف وزناََ، وتُصقل حوافه نتيجة لوجوده في الماء لفترة طويلة فيكتسب شكلاََ بيضاوياََ أو دائرياً، وبالرّغم من ذلك يمكن العثور على عنبر بأشكال متنوعة، وغريبة.
- يمكن فحص العنبر والتّأكد من أنّه بالفعل عنبر وليس أي مادة أخرى بوضع إبرة ساخنة على سطح العينة لمدة 3-4 ثوانِِ ثم إزالتها، إذا كانت العينة من العنبر فسيذوب السّطح على الفور ويتكوّن خيط من العنبر السّائل الذي يكون لامعاََ، ولزجاََ وله لون أسود، أو شبيه بلون الكراميل.
المراجع
- ^ أ ب "Ambergris", www.britannica.com,26-2-2018، Retrieved 2-4-2018. Edited.
- ↑ JULIA LAYTON, "How can whale vomit help me retire?"، animals.howstuffworks.com, Retrieved 2-4-2018. Edited.
- ↑ Marc Lallanilla (1-2-2013), "Whale-Poop Find May Fetch Man $180,000"، /www.livescience.com, Retrieved 2-4-2018. Edited.
- ↑ "Sperm whale", www.britannica.com,23-3-2018، Retrieved 2-4-2018. Edited.
- ↑ Cynthia Graber (26-42007), "Strange but True: Whale Waste Is Extremely Valuable"، www.scientificamerican.com, Retrieved 3-4-2018. Edited.
- ↑ "WHALE VOMIT (AMBERGRIS)", www.whalefacts.org, Retrieved 2-4-2018. Edited.
- ↑ "Identification", www.ambergris.co.nz, Retrieved 3-4-2018. Edited.