مفهوم الدين
الدين مجموعة أفكار وآراء ومعتقدات مرتبطة مع بعضها البعض بطريقة تستطيع من خلالها أن تُقنع مُعتنقيها بتفسير وجود الكون والحياة وعلاقة الإنسان بهما، وغالبًا ما يشملُ الدين ما يسمّى بالعلوم الغيبية غير مرئية يؤمن بها الإنسان دون دليل سوى إيمانه بأنها صحيحة، وتقسم الأديان إلى قسمين: ديانات سماوية أنزلها الله تعالى على أنبيائه على فترات متباعدة من الزمن لهداية البشر، وديانات وضعية وضعها بعض البشر استنادًا إلى ثقافات وحضارات سابقة جمعوا فيها أفكار ومعتقدات وبثُّوها بين الناس على أنَّها أديان، وهذا المقال سيتناول الحديث عن مفهوم التدين والتدين المغشوش. [١]
ما هو مفهوم التدين
يمثِّلُ مفهوم التدين التطبيق العملي لما جاء به الدين من تعاليم وقواعد وضوابط وتشريعات سواءً كان الدين أحد الديانات السماوية أو أحد الديانات الوضعية، حيثُ يُسمى اتِّباع البشر للتعاليم الدينية والتقيُّد بها وتطبيقها بالتدين، فهناك فرق كبير بين مفهوم الدين ومفهوم التدين، فالدين هو النص الثابت والتدين هو تطبيق هذا النص وتحريكه وجعله عملًا يقوم به الإنسان، وبالنسبة للإسلام مثلًا فإنَّ الدين الإسلامي هو ما جاء به من نصوص شرعية ثابتة تمثَّلت في كتاب الله وسنة نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتطبيق ما جاء به الإسلام هو ما يسمى مفهوم التدين، وفي الحديث عندما سُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصَفت تديُّنه أي تطبيقه للإسلام بأرقى تعبير عندما قالت: "كان خلقه القرآن" [٢]، وقال تعالى في محكم التنزيل: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [٣]، فالتدين الصحيح لا يقتصر على تطبيق العبادات فقط وإنَّما ينسحبُ ذلك على تحقيق غاية هذا العبادات كما ورد في الآية، وكما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدًا" [٤]، فالتدين يشملُ تطبيق تعاليم الدين وتحقيق غايتها بالأخلاق الحسنة والإحسان إلى الناس والتقوى في السر والعلن. [٥]
التدين المغشوش
بعد أن تمَّ التعرف على مفهوم التدين سيُشار إلى موضوع التدين المغشوش، حيثُ يرجعُ بعض الناس انحرافات التدين إلى الدين نفسه وهذا خطأ كبير ناتج عن الخلط بين مفهوم الدين والتدين؛ لأنَّ انحرافات التدين تكون نتيجة التقصير في تطبيق تعاليم الدين أو التمسك ببعض التعاليم وترك التعاليم الأكثر أهمية، ورغم أن التدين وانحرافاته يشملُ جميع المجتمعات في البلاد الإسلامية إلا أنَّه يزداد وينقص حسب حركة الإصلاح وجهود أهل العلم والدعاة، والتدين هو الانعكاس الصحيح لتعاليم الإسلام دون حرج ودون عنت، قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [٦]، أمَّا ما يعتري المسلم من أخطاء وتناقض في التصرفات القائمة على فساد الشخص نفسه لا يتحمله الدين ولا المجتمع كاملًا ولا يمكن أن يشمل مفهوم التدين المغشوش كل متدين، وهذا من الأخطاء الناتجة عن انحرافات التدين نفسه. [٧]
المراجع
- ↑ دين, ، "www.wikiwand.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 6-3-2019، بتصرف
- ↑ الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 24601، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ {العنكبوت: الآية 45}
- ↑ الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: السفاريني الحنبلي، المصدر: شرح كتاب الشهاب، الصفحة أو الرقم: 90، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
- ↑ بين الدين والتدين (تصحيح مفهوم), ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 6-3-2019، بتصرف
- ↑ {الأعراف: الآية 157}
- ↑ التدين المغشوش.. الداء والدواء, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 6-3-2019، بتصرف