محتويات
تعريف الزكاة
شرَعَ الله -عزَّ وجلَّ- الزكاة وجعلها أحد أركانِ الإسلام الخمس وأمر المسلمين بها فقد قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}،[١] والزكاة لغةً: هو الزيادة والنماء، أما شرعًا: فهو التعبد لله تعالى بإخراج جُزءٍ واجب شرعاً في مال معين لطائفة أو جهة مخصوصة، وظاهر الزكاة أنها نقص في المال ولكنها في الحقيقة تزيد البركة والرزق في المال فقد قال الله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}،[٢] والزكاة تزيد من إيمان المسلم كما تزيد من خلقه وتعوده على الكرم والسخاء وقد وضع الله -عزّ وجلّ- نصابًا للزكاة وشروطًا لوجوبها وشروطًا أخرى لاستحقاقها فما هو نصاب الزكاة وما هي هذه الشروط وما فضلها؟.[٣]
شروط وجوب الزكاة
والزكاة لا تجب على كلّ البشر ولو كانت كذلك لأصبح من المشقة ما فيه أمر عظيم ولكن قد وضع الشارعُ شروطًا للزكاة لا تجب الزكاةُ إلا بها وإذا اختل فيها شرط أصبحت الزكاة غير واجبة والشروط هي:[٤]
- الإسلام: فقد قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[٥] والمقصود من هذا هم المسلمون.
- الحرية: وخرج بذلك العبيد فلا تجب عليهم لأنهم لا يملكون مالًا فهم بمنزلة الفقير.
- النصاب: وهو المال المُقَدَّر إذا بلغ تَمَلُّكُهُ وجبت فيه الزكاة بقدرٍ معين، وسيأتي تفصيله.
- الحَول: والمقصود بالحول أن يَمُرَّ على ما هو نصاب الزكاة عامٌ كاملٌ بناءًا على التقويم الهجري وليس الميلادي ويُحسب ابتداءُ الحول من وقت امتلاك النِصاب ويجب أن يظلَّ كاملًا حتى يَمُرَّ العام فإذا نقص عن النصاب ثم كَمُلَ فيبدأ بحسابه من جديد وقتَ كماله، ويُستثنى من شرط الحول أمور وهي: الخارج من الأرض فقد قال الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فيُخرج في يوم حصاده ويُستثنى أيضًا نِتاجُ المواشي فإذا ولدت الماشية أثناء الحول فإن الصغار يُعتبروا من النصاب ويُستثنى أيضًا رِبح التجارة فإن الأرباح تُضافُ إلى رأسِ المال ويُستثنى أيضًا الرِّكاز وهو المالُ والآثار المدفونة والتي لها قيمة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وفي الرِّكازِ الخُمُسُ"[٦]
ما هو نصاب الزكاة
عندما فرض الله تعالى الزكاة حدّد لها نصابًا أي مقدارًا معينًا إذا بلغه المرءُ وجبت عليه الزكاة بقدرٍ معين منها وفي تعيين النصاب حكمةٌ عظيمة، فلولا تحديد النصاب لكانت الزكاة تجب على كل فرد في المجتمع وبغير قدر ولكن عند تحديدها فقد يسر الدين على الأفراد غير القادرين عليها كالفقراء والمساكين فقد قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}،[٧] وبالجواب عن سؤال ما هو نصاب الزكاة فيجب القول أن الزكاة في نصابها تُقَسَّمُ إلى أقسامٍ حسب الصنف المُزكَّى به، وهي:
- النصاب في زكاة الأنعام: وعند القول ما هو نصاب الزكاة في الأنعام فإنَّ الأنعام هي الأصناف الثلاثة الإبل والبقر والغنم ويدخل فيهم الجاموس والمعز، فنصاب الغنم والمعز هو أربعون رأسًا ويُزَكَّى عنهم بواحدة وأما البقر والجواميس فالنصاب هو ثلاثون رأسًا ويُزَكَّى عنهم بواحدة وأما نصاب الإبل فهو خمسة رؤوس ويُزَكَّى عنهم بواحدة، والزكاة لا تَجب على كل حيوان من هذه الأصناف إلى إذا كان الغرض من تربيته هو للدرِّ والنسلِ والتسمين فقط.[٨]
- النصاب في زكاة الذهب والفضة: تجب الزكاة في الصنفين سواءَ كانا سبائك أم نقدين ونصاب الذهب هو عشرون مثقالًا أو دينارًا وهو يساوي 85 جرامًا من الذهب الخالص، وقد اتفق المؤرّخون على أن وزن الدينار الذهبي هو 4.25 جرامًا وبناءًا على هذا فإن 4.25×20= 85 جرامًا وأما الواجب من ما هو نصاب الزكاة في الفضة فهو 200 درهم ما يزِنُ 595 جرامًا، وتجبُ الزكاة في الصنفين برُبع العُشر فهنا في الذهب يُزَكَّى بنصف مثقال وفي الفضة 14.875 جرامًا، أما ما زاد من النصاب فيُزَكَّى بحسابه.[٩]
- النصاب في زكاة الزروع والثمار: وتجب الزكاة في الحبوب والثمار في كل ما يُقتات أو يُدخر وذلك إذا بلغت خمسة أوسق والوسق هو ستون صاعًا والصاع هو أربع حفنات يكفي الرجل المعتدل، وما يجب على المسلم الزكاة به هو عُشر المحصول إذا كان قد سُقيَ بالأنهار والعيون والأمطار، أما إذا كان قد سُقيَ بالآلات فالواجب فيه نصف العُشر.[١٠]
- النصاب في زكاة النقود وعروض التجارة: وهنا إذا بلغ المال النصاب وجبت االزكاة فيه ونصاب المال يُقَدَّرُ بحسب قيمة النقود من الذهب والفضة فإذا بلغت النقود ما قيمته عشرون مثقالًا من الذهب أو ما هو نصاب الزكاة في الفضة وجبت عليه الزكاة برُبع العشر أي 2.5 بالمائة وكذلك عروض التجارة أي ما يُعرَضُ للتجارة فإنه يُقَدَّرُ بقيمته من الذهب والفضة حتلى يبلغ النصاب، وإذا كان يملك الإنسان من الذهب والفضة والنقود وعروض التجارة فإنه لا يتم النظرُ إليهم بشكلٍ منفصل عن بعضهم بل يتم جمعهم جميعهم ثم رؤيتهم هل بلغو قيمة النصاب أم لا، فإذا بلغوا قيمة النصاب أخرج ربع العشر وهذا من قيمة مجموعهم.[١١]
شروط استحقاق الزكاة
فكما كان هناك شروطٌ حتى تجب الزكاة فأيضًا يُوجَدُ شروطٌ لاستحقاق الزكاة فإن ما هو نصاب الزكاة المُقَدَّر لا يُعطى لكل إنسانٍ بل هناك أصناف معينةٌ قد حدَّدها الشارع ممن تجب عليهم الزكاة، وهذه الأصناف هي:[١٢]
- الفقراء والمساكين والفقير مَن لا يوجد لديه مال يكفيه، والمسكين أعسرُ حالًا منه.
- العاملون عليها: وهم من يجمعون الزكاة ويقسمونها على الناس من غير تقاضي أجر أو راتب مُعين.
- المؤلفة قلوبهم: هم الذين يُرجى بإعطائهم الزكاة دخول الإسلام.
- الرقاب: وهم العبيد والمكاتَبون أي الذين يشترون أنفسهم من أسيادهم بالدَّين فيُعطَونَ المال لكي يسدُّوا دينهم.
- الغارمون: وهم الذين عليهم دَين.
- في سبيل الله: وهم المجاهدون في سبيل الله ويشمل هذا أيضًا بعض الأعمال الدعوية والمشاريع الإسلامية التي تساعد في نشر الدعوة إلى الله.
- ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطع به الطريق ولم يبقَ معه مال.
وقد جمع الله هذه الأصناف الثمانية في كتابه فقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.[١٣]
الحكمة من مشروعية الزكاة
إن تشريع الزكاةِ في الإسلام يحمل معاني عظيمة وقد جاء الإسلام بكل ما هو من شأنه أن يزرع المودة والرحمة وما يُيَسِرُ على حياة الناس وقد تَبَيَّنَ هذا عند توضيع من تجب عليهم الزكاة وأيضًا ما هو نصاب الزكاة المُحدَّد فقد قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ومن الفوائد والفضل الناتج عن الزكاة ما هو الكثير ومن بعضها ما يأتي:[١٤]
- تزكيةُ صاحبها: فهي تُطَهِرُ صاحبها من الدنس والبُخل وتُنقِّيهِ من الآثام والمعاصي كما في التوبة إلى الله كما قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}.[٥]
- سببٌ لقضاء الحوائج: فبها تُقضى حاجة من يأخذ ما هو نصاب الزكاة المعروف المعروف كالفقراء والمساكين وحاجة من يُعطيها أيضًا فالجزاءُ من جنسِ العمل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ".[١٥]
- زيادة المال ونماؤه: فإن الصدقة لا تُنقِصُ من المال بل هي تزيدة وتباركه.
- الترغيب بالإسلام ونشره: كإعطاءِ الزكاة للمؤلفة قلوبهم وفي هذه ترغيبٌ لهم وتحبيبهم في الإسلام وحثُّهم على التقوى وهذا سيجعلهم ينشرون ذلك في أقوامهم وكذلك الجهاد والشهادة في سبيل الله يُساعد على بقاء الدولة الإسلامية ونشرها.
المراجع
- ↑ سورة النور، آية: 56.
- ↑ سورة سبإ، آية: 39.
- ↑ "ما المقصود بالزكاة في اللغة والشرع، وما العلاقة بينهما؟"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "شروط وجوب الزكاة وحكم مانعها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة التوبة، آية: 103.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6746، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 286.
- ↑ "نصاب الزكاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "زكاة الذهب والفضة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "زكاة الزروع والثمار في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019.
- ↑ "ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "من هم مستحقو الزكاة"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 60.
- ↑ "الحكمة من مشروعية الزكاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699، صحيح.