محتويات
تقديم السلام على الاستئذان
من آداب الاستئذان أن يُقدّم المسلم السلام على الاستئذان، فيسلِّم بقوله "السلام" أو "السلام عليكم" ثم يستأذن بالدخول فقد قال الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).[١][٢]
وقد استدل جمهور العلماء من هذه الآية بتقديم السلام على الاستئذان، مستندين بتفسيرها بما ورد في السنة (أن رجلاً من بني عامر استأذن على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وهو في البيت فقال: أألجُ؟ فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لخادمه اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له: السلام عليكم أأدخل؟).[٣][٢]
الوقوف بمحاذاة الباب وعدم استقباله
ومن الأدب أيضاً وقوف المسلم بمحاذاة الباب لا مقابله، بل يقف إلى اليمين أو اليسار كما ذُكر عن رسول الله -صلى الله عليه و سلم-، فعن عبدالله بن بسر -رضي الله عنهما- قال: (كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا أتى بابَ قومٍ ؛ لمْ يستقبلِ البابَ منْ تلقاءَ وجهِهِ، ولكن منْ ركنهِ الأيمنِ، أو الأيسرِ، فيقول: السلامُ عليكمْ، السلامُ عليكمْ ؛ وذلك أنَّ الدورَ يومئذٍ لمْ تكنْ عليها سُتورٌ).[٤][٥]
وذلك لأن الاستئذان شرع بسبب النظر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر).[٦][٧]
تعريف المستأذن بنفسه
ومن الأدب أيضاً أن يُعرِّف المسلم عن نفسه، وأن يكون هذا التعريف بصيغةٍ واضحة الدلالة وليس بكلمةٍ غامضةٍ، مثل أن يقول: أنا دون التوضيح عن اسمه، كما جاء في الحديث عن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: (أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فدققت الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا فقال: أنا أنا، كأنه كرهها).[٨][٩]
الاستئذان ثلاثاً
ويكون عدد مرات الاستئذان ثلاث مرّات كما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: (الاستئذان ثلاث: بالأولى يستنصتون، وبالثانية يستصلحون، وبالثالثة يأذنون أو يردون)،[١٠][١١] فلا ينبغي للمسلم أن يزيد في القرع عن ثلاث مرّات؛ لأنه قد يكون المُستأذَن لا يريد الإذن، أو أنه مشغولٌ في أمرٍ لا يستطيع أن يقطعه، فقد قال النبي -صلّى الله عليه وسلم- لرجلٍ من الأنصار حين استأذن عليه، فخرج مستعجلاً: (لعلنا أعجلناك).[١٢][١٣]
عدم طرق الباب بعنف
و يكون طرق الباب خفيفاً بحيث يُسمع دون عنف، فقد قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانت أبواب النبي -صلّى الله عليه وسلم- تُقرع بالأظافير).[١٤][١٥]
الرجوع في حال عدم الإذن بالدخول
من الآداب أن يرجع المسلم إذا طُرق الباب ثلاثاًولم يُجب عليه، فقد جاء بحديث قيس بن سعد بن عبادة أنه قال: (زارَنا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في مَنزلِنا، فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ، قال: فرَدَّ سعدٌ رداً خَفيّا، قال قَيسٌ: فقلْتُ: ألَا تأذَنُ لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-؟ قال: ذَرْهُ يُكثِرْ علينا مِنَ السلامِ، ثمَّ قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ، فرَدَّ سعدٌ رَدّا خَفيّا، فرجَعَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، واتَّبَعَه سعدٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، قد كنتُ أَسمَعُ تَسليمَك، وأَرُدُّ عليك رَدّا خَفيّا؛ لتُكثِرَ علينا مِنَ السلامِ، قال: فانصرَفَ معه رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-).[١٦]
والشاهد هنا أن النبي -صلى الله عليه و سلم- انصرف بعد ثلاث مرات من الاستئذان وقد علِم أن أهل البيت في البيت وبالرغم من ذلك انصرف بعد ثلاث مرات، و قد بيّن الله أنه إذا قيل للمُستأذِن أن يرجع فعليه أن يرجع فقال -سبحانه-: (فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).[١٧][١٨]
الاستئذان عند الخروج
و كما أنَّه شُرِع الاستئذان بالدخول، فمن باب الأدب الاستئذان بالانصراف؛ خشية أن يقع البصر على شيءٍ أثناء الخروج، وقد جاء في الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إذا زار أحدكم أخاه فجلس عنده، فلا يقومن حتى يستأذنه).[١٩][٢٠]
الاستئذان على أهل البيت
لعلَّ من جمال شريعتنا اهتمامها بالتفاصيل التي قد يلتبس الأمر فيها على المسلم فجاء من الأدب أن يستأذن الرجل على أهل بيته، أمه أو أخته ومن في حكمهما، فقد جاء رجل إلى عبد الله فقال: (أأستأذن على أمي؟ فقال: ما على كل أحيانها تحب أن تراها)،[٢١] ومن هذا الباب أيضاً يأتي استئذان الزوج على زوجته خشية أن يرى ما لا يحبه، أو يراها في وضعٍ هي لا تحبه.[٢٢]
المراجع
- ↑ سورة النور، آية:27
- ^ أ ب محمد علي الصابوني، روائع البيان تفسير آيات الأحكام، صفحة 134. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن رجل من بني عامر، الصفحة أو الرقم:159.
- ↑ رواه أبو داوود، في سنن أبي داوود، عن عبدالله بن بسر، الصفحة أو الرقم:5186.
- ↑ ابن الأثير، أبو السعادات، جامع الأصول، صفحة 584. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:6241.
- ↑ محمد علي الهاشمي، شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب و السنة، صفحة 314. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2155.
- ↑ محمد علي الهاشمي، شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب و السنة، صفحة 315. بتصرّف.
- ↑ رواه العراقي، في تخريج الإحياء، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:244.
- ↑ محمد علي الصابوني، روائع البيان تفسير آيات الأحكام، صفحة 135. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:345.
- ↑ وهيك الزحيلي، المنير، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ رواه الهيثني، في مجمع الزوائد، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:46.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 207. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داوود، في سنن أبي داوود، عن قيس بن سعد بن عبادة، الصفحة أو الرقم:5185.
- ↑ سورة النور، آية:28
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب، صفحة 12.
- ↑ رواه الألباني، في الصحيح الجامع، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:650.
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد و الرقائق و الآداب، صفحة 442. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن علقمة بن قيس، الصفحة أو الرقم:809.
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، فص الخطاب في الزهد و الرقائق و الآداب، صفحة 434. بتصرّف.