الإنسان والأرزاق
خلق الله تعالى الإنسان في أحسنِ تقويم، وهيّأ له كلّ الأسباب التي تساعده على عبادته على الوجه الذي يرضاه له سبحانه، وقد كتبَ الله على الناس أن يكونوا متفاوتين في الأعمار والأرزاق والنِّعَم، فجعل لكُلِّ إنسانٍ أجلاً محددًا، وزرقًا معلومًا، وموعدًا لانتهاء الأجل، وكل ذلك بعلم الله -عزّ وجل-، ومهما حاول الإنسان فإنه لن يستطيع أن يُغيّر من أقدار الله التي كتبها له شيئًا، وقد حثَّ الدين الإسلامي العظيم الإنسان على الكدِّ والاجتهاد من أجل كسب الرزق، وتجلّى ذلك في العديد من المواضع في القرآن الكريم من خلال آيات الرزق والغنى، وفي هذا المقال سيتم الإجابة عن سؤال: ما هي آيات الرزق والغنى.
آيات الرزق والغنى
وردَ في القرآن الكريم العديد من آيات الرزق والغنى، حيث اشتملت هذه الآيات الكريمة على العديدِ من المعاني والوصايا الرّبانية التي تُوسِّع رزق الإنسان، وتجعل البركة تسري في كلّ ما يملك بأمر الله تعالى، وفيما يأتي أهم آيات الرزق والغنى الواردة في بعض سور القرآن الكريم، وبعض الإشارات التي وردت فيها:
- سورة نوح: قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا 10 يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا 12"، [١] حيث ورد في هذه الآيات الحثُّ على الاستغفار من كل ما يصدر عن الإنسان من المعاصي والذنوب، كما أن الاستغفار هو الباب الكبير الذي يعود منه العبد إلى الله تعالى راغبًا فيما عنده، لهذا فإن الله تعالى يفتح أبوابه للمستغفرين، فتحصل لهم البركة في المال والبنين والزرع، وهذا يدل على رحمة الله بخلقه، فهو الذي يقبل التوبة عنهم، ويتجاوز عن سيئاتهم ولو بلغت هذه السيئات عنان السماء. [٢]
- سورة الأنعام: قال تعالى: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"، [٣]، حيث ورد في هذه الآيات منعُ قتل الذرية خشية الفقر، ووضحت الآيات أن الله تعالى هو الذي يرزق العباد جميعًا، وهو المُتكفِّل برزقهم، وما من مولود يولد على وجه هذه الأرض إلا وقد كتب الله له رزقه. [٤]
- سورة طه: قال تعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى" [٥]، حيث جاء في الآية الكريمة الأمر بإقامة الصلاة والحثُّ عليها كلٌّ ضمن رعيّته، كما تحمل هذه الآية مضمونًا يقضي بأن الآخرة أولى من الدنيا، فلا ينبغى للمرء أن ينشغل في جمع المال، والسعى وراء الرزق على حساب آخرته، فالله تعالى هو الذي يرزق العباد بعد بذل الأسباب المعقولة في ذلك، والسعي في طلب الرزق لا يعني أن يلهث الإنسان وراء العيش على حساب طاعة الله، وتم تخصيص الصلاة لأنها حبل الصلة بين العبد وربه، وهذا يدل على أهمية الصلاة، ومكانتها في الدين الإسلامي. [٦]
- سورة الزمر: قال تعالى: "أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"، [٧]، ورد في هذه الآية من آيات الرزق والغنى حكمةُ الله تعالى في توزيع الأرزاق بشكل مختلف بين الخلائق، حيث إن الله تعالى يبسط في أرزاق بعضهم، ويقْدِرُها على بعضهم، وفي ذلك اختبار لإيمان الناس بالله تعالى، وامتحان لهم عن مدى رضاهم عن الله -عز وجل-، وكل ما يحدث مع الإنسان في هذه الحياة فيما يتعلق بمسألة الرزق يكون بتدبير ربِّ العالمين الذي لا يظلم أحدًا، كما أن الرضا بما كتب الله للإنسان من رزق يدخل في باب الإيمان بالقضاء والقدر الذي يعد من أهم أركان الإيمان بالله -عز وجل-. [٨]
أسباب توسيع الرزق
كتب الله تعالى للإنسان رزقه، وجعل رزق الإنسان مرهونًا بالتوكل على الله تعالى، والأخذ بالأسباب الكافية التي تجعل الإنسان يحصل على زرقه، فالإنسان لا يلجأ إلى التواكل دون بذل أي جهد يُذكر ثم يطلب من الله أن يرزقه، وهناك العديد من الأمور التي يجب على الإنسان أن يُقبل عليها حتى تَحِل البركة فيما آتاه الله تعالى، ليتسبب ذلك في سعة رزقه، وعليه فإن هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى توسيع الرزق والتي من أبرزها ما يأتي: [٩]
- تقوى الله: إن الامتثال لأوامر الله تعالى واجتناب ما نهى الله تعالى عنه يزيد من البركة فيما يُرزق به الإنسان، كما أن تقوى الله سببٌ في النجاة ممّا يصيب الإنسان من الكروب والأحزان، قال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا 2 وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ 3 " [١٠].
- الدعاء: إن الدعاء هو حبل الصلة بين العبد وربه في كل ما يحتاجه في هذه الحياة، حيث يلجأ المؤمن إلى الله تعالى القادر على كل شيء، مبتعدًا عن أن يطلب شيئًا من عباد الله، فكل مفاتيح الرزق عند الله تعالى، وهو القادر وحده على أن يوسِّعَ في أرزاق الناس أو أن يضيقها.
- صلة الرحم: تعد صلة الرحم من العبادات التي يُتَقرب بها إلى الله تعالى، وعادة ما ترتبط صلة الرحم بالبذل في سبيل ذوي القربى، سواء كان ذلك من خلال البذل المادي، أو البذل المرتبط بالكلمة الطيبة، والأفعال الحسنة، وكل ذلك يُجازي به الله تعالى الإنسانَ على ما يبذله لذوي الأرحام.
آيات الرزق
في هذا الفيديو، يتحدّث فضيلة الدكتور عبد الرحمن إبداح حول آيات الرزق.
المراجع
- ↑ [سورة نوح: الآيات 10-12]
- ↑ "أدعية لتحصيل الرزق والغنى وقضاء الدين"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-07-2018.
- ↑ [سورة الأنعام: الآية 151]
- ↑ "آيات عن الرزق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-07-2018.
- ↑ [سورة طه: الآية 132]
- ↑ "مقاصد سورة طه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-07-2018.
- ↑ [سورة الزمر: الآية 52]
- ↑ "أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.."، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-07-2018.
- ↑ "أسباب السعة في الرزق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-07-2018.
- ↑ [سورة الطلاق: الآيات 2-3]