ما هي أحكام النون الساكنة والتنوين

كتابة:
ما هي أحكام النون الساكنة والتنوين

الإظهار

يُعدّ حُكم الإظهار الحُكم الأول من أحكام النون الساكنة والتنوين، ويُعرّف في اللُغة على أنَّه البيان، وفي الإصطلاح التجويديّ: هو إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنّة في الحرف المظهر،[١] وعرّفه البعض بأنَّه البيان والوضوح، وأمّا حُروفه فهي ستةِ حُروف؛ وهي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، وجمعها البعض في أوائل شطر البيت التالي: أخى هاك علما حازه غير خاسر.[٢]


وسُمّي الإظهار بالحلقيّ؛ لأنه جميع حُروفه تخرُج من الحلق، وأمّا سببه بعد المخرج؛ لأنّ النون الساكنة ونون التنوين يخرجان من طرف اللسان، أما أحرف الإظهار فتخرج من الحلق، ولا يوجد بينهما ما يستوجب الإدغام؛ لأنّه الإدغام سببه التماثل والتقارب ولا يوجد هذا بأحرف الإظهار، ولا يوجد ما يستوجب الإخفاء؛ لأنَّ الإخفاء لا يكون إلا عند الحروف السهلة، ولا يوجد ما يستوجب الإقلاب لأنَّ الإقلاب وسيلة إلى الإخفاء، فكان بذلك الإظهار.[٢]


وللإظهار ثلاث مراتب، عليا؛ وهي عند الهمزة والهاء لأنهما يخرُجان من أقصى الحلق، ووسطى؛ عند العين والحاء لأنهما يخرجان من وسط الحلق، وأدنى مرتبة من مراتب الإظهار تكون عند الغين والخاء لأنهما يخرُجان من أدنى الحلق، وأمّا كيفية نُطقه؛ فيكون بنطق النون الساكنة أو التنوين بوضوحٍ كامل من غير فصل أو سكت، ومن أمثلته كلمة" (وَالْمُنْخَنِقَةُ).[٣][٢]


ويأتي الإظهار في كلمة أو كلمتين، وأمّا إن جاء في التنوين فإنّه لا يكون إلا في كلمتين،[٤] وقُدّم الإظهار على باقي الأحكام لأنه الأصل، وسُمّي بذلك لإظهار النّون الساكنة والتنوين عند مُلاقاتها لأحد حُروفه،[٥] وجاء عن بعض القُراء أنّ الغُنة تبقى فيه، ومن أمثلته: "عليماً"، "خبيراً"، "من عند"، "الأنهار"، وغيرها.[٦]


الإدغام

يُعرّف الإدغام في اللُغة على أنه إدخال شيءٍ في شيء، وفي الإصطلاح: هو إدخال الحرف الساكن فى الحرف المتحرك، بحيث يصيران حرفاً واحداً مُشدداً،[١] وللإدغام ستةُ حُروف مجموعة في كلمة: "يرملون"، ويُقسم الإدغام إلى قسمين، الأول: بغنة، وحُروفه أربعة، ومجموعة في كلمة: "ينمو"، وهذا النوع لا يكون إلا في كلمتين، وإذا جاء في كلمةٍ واحدة فيكون الحُكم عندها إظهاراً، وقد جاء الإدغام في كلمةٍ واحدة في أربع مواضع في القُرآن الكريم، وهي: "صنوان"، "قنوان"، "بنيان"، "الدُنيا"، ويُسمّى إظهاراً مُطلقاً؛ لأن في إدغامها تغييرٌ للمعنى. ومن أمثلة الإدغام بغنة" "من مال الله"، وإذا جاء الحُكم في بداية السور؛ كبداية سورة القلم، يكون الحُكم إظهاراً.[٧]


وأمّا القسم الثاني فيُسمّى الإدغام بغير غنة، ويكون عند حرفي اللام والراء، ومن أمثلته: "أن لن ينقلب"، "من ربهم"، ويكون الإدغام كامل التشديد فى أربعة أحرف: وهى اللام والراء باتفاق، والميم والنون على أقوى الاحتمالين، ويُضبط في المُصحف بوضع الشدة عليها، وتعرية الواو والياء.[٧]


كما يكون الإدغام أيضاً في الحُروف، إذ إنَّه يأتي في اللام الشمسيّة، ككلمة: "والشمس"،[٨] وعلّة الإدغام الكامل بلا غنة في اللام والراء قُرب مخرج النون والتنوين من بعضهما البعض، وأمّا في حرف النون فتكون العلة التماثل، وفي الواو والياء؛ التشابه بين كل من الغُنة، والمد، واللين، وفي الميم تكون على الإدغام إشتراكهما في الغُنة،[٩] ومن أمثلة الإدغام: "من يقول"، "من وال"، "قولٌ معروف".[١٠]


الإقلاب

يُعرّف الإقلاب في اللُغة على أنه تحويل الشيء عن وجهته، وفي الإصطلاح: هو وضع حرف مكان حرف آخر، فيكون بقلب النون الساكنة والتنوين ميماً، وحرفه الباء فقط، وعلّة الإقلاب عُسر الإتيان بالنون الساكنة ونون التنوين للإظهار والإدغام للثقل عند النطق، وذلك لاختلاف مخرج الباء والنون الساكنة، واشتراك الباء والميم في نفس المخرج، وبعض الصفات.[١١]


ويُضبط الإقلاب في المُصحف بوضع حرف ميم فوق حرف النون، ومن أمثلته: "من بعد"،[١٢] فالقلب يكون بقلب النون الساكنة والتنوين في اللفظ فقط مع بقاء الغُنة،[١] وقد يأتي الإقلاب في كلمة وفي كلمتين،[١٣] وأمّا التنوين فلا يكون إلا في كلمتين، ويُتحرّز عند لفظه من كزّ الشفتين على الميم المقلوبة، بل يجب تسينكها من غير ثُقل.[١٤]


الإخفاء

يُعرّف الإخفاء في اللُغة على أنَّه الستر، وفي الإصطلاح: هو النطق بالحرف بصفة بين الإظهار، والإدغام عارٍ عن التشديد مع بقاء الغنّة في الحرف المخفي،[١] وعددُ حُروفه خمسةَ عشر حرفاً، وهي باقي الحُروف ما عدا حُروف الإظهار، والإدغام، والإقلاب، ويكون في كلمةٍ وفي كلمتين، ويُنطق به في حالةٍ مُتوسطةٍ بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغُنة.[١٥]


وسبب الإخفاء أنّ النون الساكنة ونون التنوين لم يقرب مخرجهما من مخرج حروف الإخفاء كقرب مخرجهما من حروف الإدغام، ويُقسم الإخفاء إلى أقرب الحُروف، وأبعدُها، وأوسطُها، ومن أمثلتها: "أن صدوكم"، "عذاباً صعداً"، "من ذا"، "الأُنثى"،[١٥] ويكون النُطق به بحالةٍ أخف من الإدغام،[١٦] ويُسمّى بالإخفاء الحقيقيّ لتمييزه عن الإخفاء الشفويّ.[١٧]


وحُروف الإخفاء مجموعة في بداية بيت الشعر التالي: "صف ذا ثناكم جاد شخص قد سما ... دم طيبا زد فى تقى ضع ظالما"، وأمّا مراتب الإخفاء فأعلاها: عند الطاء، والدال، والتاء، وأدناها: عند القاف والكاف، وأوسطها: عند باقي الحُروف.[١٧]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث محمد محيسن (1997)، الهادي شرح طيبة النشر في القراءات العشر (الطبعة 1)، بيروت:دار الجيل، صفحة 283، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت على الله أبو الوفا (2003)، القول السديد في علم التجويد (الطبعة 3)، المنصورة:دار الوفاء ، صفحة 55-57. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية:3
  4. محمد ابن بلبان (2001)، بغية المستفيد في علم التجويد (الطبعة 1)، بيروت:دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 34-35، جزء 1. بتصرّف.
  5. أحمد الحفيان (2000)، الوافي في كيفية ترتيل القرآن الكريم (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 29. بتصرّف.
  6. شمس الدين ابن الجزري (1985)، التمهيد في علم التجويد (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة المعارف، صفحة 153-155. بتصرّف.
  7. ^ أ ب على الله أبو الوفا (2003)، القول السديد في علم التجويد (الطبعة 3)، المنصورة:دار الوفاء، صفحة 58-62. بتصرّف.
  8. محمد ابن بلبان (2001)، بغية المستفيد في علم التجويد (الطبعة 1)، بيروت:دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 35-36، جزء 1. بتصرّف.
  9. شمس الدين ابن الجزري (1985)، التمهيد في علم التجويد (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة المعارف، صفحة 155-157. بتصرّف.
  10. عبد القيوم السندي (1415)، صفحات في علوم القراءات (الطبعة 1)، صفحة 250-252. بتصرّف.
  11. شمس الدين ابن الجزري (1985)، التمهيد في علم التجويد (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة المعارف، صفحة 157. بتصرّف.
  12. على الله أبو الوفا (2003)، القول السديد في علم التجويد (الطبعة 3)، المنصورة:دار الوفاء ، صفحة 63-64. بتصرّف.
  13. محمد ابن بلبان (2001)، بغية المستفيد في علم التجويد (الطبعة 1)، بيروت:دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 36، جزء 1. بتصرّف.
  14. عطية نصر، غاية المريد في علم التجويد (الطبعة 7)، صفحة 63-64. بتصرّف.
  15. ^ أ ب على الله أبو الوفا (2003)، القول السديد في علم التجويد (الطبعة 3)، المنصورة:دار الوفاء ، صفحة 65-67. بتصرّف.
  16. محمد ابن بلبان (2001)، بغية المستفيد في علم التجويد (الطبعة 1)، بيروت:دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 37، جزء 1. بتصرّف.
  17. ^ أ ب محمود بن علي بسّة (2004)، العميد في علم التجويد (الطبعة 1)، الإسكندرية:دار العقيدة ، صفحة 29-30. بتصرّف.
4209 مشاهدة
للأعلى للسفل
×