محتويات
أسباب ضيق الرزق
إنّ الله -تعالى- قد قسّم الرزق بين عباده وحدّد لهم نصيبهم من الرزق، وكتب لهم رزقهم وفقًا لعلمه وحكمته، وأمرهم بالسعي في طلب هذا الرزق والأخذ بأسبابه، وأمرهم أيضًا بالرضى وبالإيمان بأنّ ما لم يكن لهم لن يأتيهم مهما عملوا وما كان لهم محالٌ أن يذهب لغيرهم.[١] فالعبد يسعى في الأرض ويعمل ما هو واجبٌ عليه طلبًا لرزقه المقسوم الذي جُعل له أسبابًا تزيده، وأسبابًا أخرى تُضيّقه وتجعله قليلًا وليس فيه بركة.[١]
قلة التوكل على الله
إنّ التوكّل على الله -تعالى- من أعظم أسباب الرزق، والعكس صحيح فقلّة التوكّل وكثرة التفكير والظن بأنّ التدبير يقع على عاتق العبد هو أحد أهم أسباب ضيق الرزق، وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَو أنَّكُم كنتُم تَوكَّلُونَ على اللهِ حقَّ تَوكُّلِهِ لرُزِقْتُمْ كما تُرزَقُ الطَّيرُ، تغدو خِماصًا، وتروحُ بطانًا).[٢][٣]
ومعنى هذا الحديث أنّ العبد عندما يصل إلى درجة عالية في التوكل على الله فإنّ الله -تعالى- سيرزقه حتى لو بذل أدنى مجهود،[٣] كما تكفّل الله -تعالى- بكفاية من يتوكّل عليه، ولهذا فمن ضاقت به السبل وقلّ رزقه فليجدّد التوكّل في قلبه وليجعله مُقدّماً على كلّ عملٍ سواه.[٤]
الذنوب والمعاصي
لقد دلّت الكثير من النّصوص الشرعية على أنّ الذنوب والمعاصي هي من أسباب ضيق الرزق والحرمان من خيري الدنيا والآخرة، وبيّنت هذه النصوص أنّ الإيمان والتقوى والتوبة والاستغفار من الأسباب المعينة على جلب الرزق ودوامه.[٥]
قال الله -تعالى-: (وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلـكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ)،[٦][٥] فالحل إذاً هو التقوى، والابتعاد عن المعاصي، وتجديد التوبة، والإكثار من الاستغفار، والعزم الصادق على الإقلاع عن جميع الذنوب؛ حتى لا تقف تلك الذنوب مانعةً للرزق.[٧]
كسب المال الحرام
إنّ العبد رزقه مقسوم وما وصل إليه بالحرام كان سيصل إليه بالحلال لو أنّه اتّبع السُبل المشروعة، ولكنّ اللجوء إلى مصادر الرزق المُحرّمة؛ كالسرقة والنهب وأكل أموال الناس والربا سيمحق ما هو حلال لديه، وسيغمسه في شرور المال الحرام وتبعاته.[٨]
ولهذا فعلى العبد الحذر من كسب المال بالطُرق المحرّمة وتحرّي المال الحلال الطيّب، فنتيجة رزقه واحد مهما كانت الطريقة، فلو صار الإنسان غنيًا بالمال الحرام فإنّ هذا ما هو إلّا هلاك ودمار عليه في الدُّنيا والآخرة.[٨]
عدم أداء الحقوق المالية
إنّ أداء الحقوق الواجبة في المال كالزكاة والمندوب إليها كالصدقة من أعظم أسباب البركة في الرزق ونمائه ودوامه؛ فالمال يزداد بالانفاق، وقد قال -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)،[٩] أمّا الامتناع عن الزكاة والإمساك عن الصدقة فهو سبب في ضيق الرزق ونقصانه وذهاب بركته.[١٠]
قطع الأرحام
إنّ قطع الأرحام هو سبب من أسباب ضيق الرزق، حيث بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صلة الرحم هي سبب من أسباب بسط الرزق، فقال: (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ عليه رِزْقُهُ، أوْ يُنْسَأَ في أثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).[١١][١٢]
وصلة الرحم تكون بالزيارة وبالهدايا وبالنّفقة إذا اقتضى الأمر، وتكون أيضًا بالكلمة الطيّبة والقول اللين والمشاركة في الفرح وفي الحزن، وفي الخدمة البسيطة والجليلة، وعلى من ضاق رزقه وبحث عن الأسباب ألّا يُغفل هذا السبب، فيصل رحمه طاعةً لربّه وطمعًا في ثوابه في الدنيا والآخرة.[١٢]
قلة السعي على الرزق
لقد شجّع الإسلام على العمل ورغّب على السعي في طلب الرزق فالعبد الذي لا يعمل سيكون عالةً على غيره يتكفّفهم ويطلب منهم ما يسدّ حاجته،[١٣] فالعمل الحلال الذي يكون مقرونًا بالنيّة الصالحة هو نوع من أنواع العبادة، وقد قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ).[١٤][١٥] والواقع يدلّ على أنّ ترك العمل وعدم السعي في طلب الرزق سيكون سببًا في قلّة الرزق وانقطاعه؛ لذلك رفع الله من شأن العمل والعمال.[١٥]
المراجع
- ^ أ ب علي الطنطاوي، كتاب نور وهداية، صفحة 128-127. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:2344، حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
- ^ أ ب أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 338. بتصرّف.
- ↑ محمد حسان، دروس للشيخ محمد حسان، صفحة 10. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الملك بن قاسم، كتاب الرزق أبوابه ومفاتحه، صفحة 11. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:96
- ↑ عبد الله السوالمة، البركة في الرزق والأسباب الجالبة لها في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 299. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد الطويل، كتاب اتقاء الحرام والشبهات في طلب الرزق، صفحة 76. بتصرّف.
- ↑ سورة سبأ، آية:39
- ↑ شحاتة صقر، كتاب دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، صفحة 323. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2557، حديث صحيح.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 267. بتصرّف.
- ↑ محمد شوقى الفنجرى، كتاب الإسلام والتوازن الاقتصادي بين الأفراد والدول، صفحة 63. بتصرّف.
- ↑ سورة تبارك، آية:15
- ^ أ ب ، كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية، صفحة 28. بتصرّف.