ما هي الأشهر الهجرية

كتابة:
ما هي الأشهر الهجرية

الأشهر الهجرية بالترتيب

إنَّ تتبع دورة القمر منذ بداية ظهوره هلالاً حتى اكتماله بدراً، ثمّ إلى حالة انتهائه في آخر الشهر مُحاقاً، تُسمَّى بمسيرة القمر؛ أي الشهر الهجري، وعدد هذه الأشهر اثنا عشر شهراً، كما جاء في كتاب الله -تعالى-، قال الله -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم وَقاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّةً كَما يُقاتِلونَكُم كافَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ المُتَّقينَ).[١][٢]


ويتمّ اعتماد الشهر الهجري وتحديد بدايته وأوّل يوم منه بمراقبة الهلال، ورؤيته بعد غروب الشمس في آخر الشهر، وعدد أيام الشهر الهجري هو 29 يوماً أو 30 يوماً، ويتمّ تحديدها من الغروب إلى الغروب.[٣] أما ترتيب الأشهر الهجرية وأبرز الأحداث فيها ذكره فيما يأتي:[٤]

  1. الْمُحَرَّمَ: وسُمّي بذلك للتأكيد على أنّه من الشهر الحُرم؛ لأنّ العرب كانت تُحرِّمه عاماً وتُحلُّه عاماً.
  2. صَفَر: صفر بمعنى المكان الذي فرغ وخلا؛ وكانوا يخرجون فيه من بيوتهم للسفر أو للقتال.
  3. ربيع الأول: وسُمّي بذلك لأن الناس كانوا يرتبعون فيه؛ أي يقيمون في بيت الرّبْع.
  4. رَبِيعٌ الْآخِر: وهو كما سبق ذكره في الأول.
  5. جُمَادَى الأولى: وقيل إنّه سُمي بذلك لجمود الماء فيه.
  6. جُمَادَى الاخرة: وهو كما سبق ذكره في الأولى.
  7. رَجَب: من الترجيب، وهو التّعظيم؛ لأنّه من الأشهر الحرم.
  8. شَعْبَان: كانت القبائل تتشعَّب فيه للغارات.
  9. رَمَضَانُ: من الرمضاء؛ ويعني شِدَّة الحرّ.
  10. شَوَّال: قيل إنّه سُمّي بذلك لأنّ الإبل تتحرَّك وتشيل أذنابها فيه؛ أي ترفعها من أجل التزاوج.
  11. ذو الْقعْدَة: وتُقرأ بفتح القاف وكسرها؛ سُمّي بذلك لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال.
  12. ذو الْحِجَّة: وتُقرأ بكسر الحاء وفتحها، وسُمّي بذلك لأنّه شهر الحج.


يتلخّص مما سبق أنّ عدد الأشهر الهجرية 12 شهراً، وتعتمد على مسار القمر، وقد كان في سبب تسمية الأشهر عدة أحداث جرت في الأزمنة السابقة عند العرب.


تقسيم الأشهر الهجرية

إنّ الاعتماد في تقسيم الشهور الهجرية منبعه الكتاب والسُّنة، قال الله -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ)،[٥] فالله -تعالى- يوم خلق السماء والأرض جعل الأيام والشهور والسنين، وخلق السّنة مُعتمدة على القمر، وجعل السنة اثنا عشر شهراً؛ منها أربعة حُرُم، وتُسمَّى بالأشهر الحُرم، وثمانية أشهر تُسمّى أشهر الحِلِّ.[٦]


وكانت هذه شريعة إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-، وظلَّت العرب عليه زمناً، ثمّ تلاعبت العرب بالشهور، حتى جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعاد ترتيب الشهور كما خلقها الله -تعالى- يوم خلق السموات والأرض، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الزَّمَانُ قَدْ ‌اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ)[٧][٦]


الأشهر الحُرُم

الأشهر الحرم: هي الشهور التي حَرَّم الله -تعالى- فيها القتال، وهي أربعة أشهر، ثلاثة منها سَرْد، وواحد فرد، أي ثلاثة متوالية، وواحد مُنفرد عنها، أمّا الثلاثة المتوالية فهي: (ذو القعدة، ذو الحجة، ومحرم)، والمُنفرد هو (رجب).[٨]


وكانت العرب تتلاعب بالأشهر الحرم، فإذا أرادوا القتال في الأشهر الحرم أجَّلوها، ونقلوا التحريم إلى شهر آخر، وهذا ما يُسمّى بالنسيء، حتى جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم وحَرَّم هذا التلاعب، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا النَّسيءُ زِيادَةٌ فِي الكُفرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذينَ كَفَروا يُحِلّونَهُ عامًا وَيُحَرِّمونَهُ عامًا لِيُواطِئوا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّـهُ فَيُحِلّوا ما حَرَّمَ اللَّـهُ زُيِّنَ لَهُم سوءُ أَعمالِهِم وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الكافِرينَ).[٩][٨]


الأشهر الحل

هي الشهور التي لا يَحرم فيها القتال، وهي باقي الشهور الهجرية عدا الأربعة الحُرم، وهي: (صفر، ربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، شعبان، رمضان، شوال).[٨]


يتلخّص مما سبق أنّ اعتماد الأشهر الهجرية منبعه القرآن والسنة، وهي 12 شهراً تنقسم إلى 4 أشهرٍ حرم، و8 أشهر تُسمّى بأشهر الحِلّ.


أصل الأشهر الهجرية

إنََّ تسمية هذه الشهور كلّها جاء من العرب في الجاهلية، حيث كانوا يُسمُّون الشهور بما يقع فيها من الأحداث، أو بالوضع الراهن في ذلك الشهر، ثمَّ اشتهرت هذه الأسماء، واستخدمتها العرب، وجاء الإسلام وأقرّ هذه الشهور بزمانها، وُمسمّاها، ولم يُغيِّر من تَسميتها شيئاً، وبقيت إلى يومنا هذا على ما سَمَّتها بها العرب، ويقال إنَّ الذي سمَّاها هو كِلاب بن مُرّة.[١٠]


وقد أرّخ المسلمون بالتأريخ القمري مُعتمدين على دوران القمر وشهوره لا على التقويم الشمسي، وورد أنّ أوّل من أرّخ للمسلمين قولان:[١١]

  • القول الأول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أوّل من وضع التأريخ الإسلامي.
  • القول الثاني: عمر بن الخطاب، وهو الأصحّ والأشهر.


فقد كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر: "إنه تأتينا منك كتب ليس لها تأريخ، قال: فجمع عمر الناس للمشورة، فقال بعضهم: أرخ لمبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال بعضهم: لمهاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال عمر: لا، بل نؤرخ لمهاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن مهاجره فرق بين الحق والباطل"، ثمّ اعتمد المسلمون إلى يومنا هذا التأريخ بالسنين القمرية، معتمدين على الهجرة النبوية.[١١]


وعندما وضعوا التقويم الهجري، تساءلوا أيُّ شهر من شهور السنة نتخذه رأساً للسنة، فاختار بعضهم رمضان؛ لأنّه شهر مبارك، واختار بعضهم المُحرَّم؛ لأنّه منصرف الناس من حجّهم، ولأنّه من الشهور الحُرم عند الله –تعالى-.-[١٢] وليس المُحرَّم هو الشهر الذي هاجر فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد هاجر في ربيع الأول، ولكنَّ التقويم اعتمِد بداية السَّنة التي هاجر فيها دون النَّظر إلى بداية الشهر.[١٣]


يتلخّص مما سبق أنّ تسمية الأشهر الهجرية بقيت على ما سمّاه به العرب في الجاهلية والأزمان الماضية، والمشهور أنّ الذي أرّخ الأشهر الهجرية هو الخليفة عمر -رضي الله عنه-، وتمّ اعتماد بداية السنة التي هاجر فيها رسول الله.


الأشهر الهجرية وما يقابلها في الميلادي

التقويم الإسلامي تقويم كوني منذ أن خلق الله تعالى الكون، فقد أرّخ الله -تعالى- لخلق الكون به، وهو على ما هو عليه إلى يومنا هذا، وهذ سرّ اعتماد المسلمين عليه، ومن ميزات التقويم الهجري اعتماده على القمر؛ حيث تتضح الشهور وتتميَّز بعضها عن بعض بمراقبة القمر دون حساب ولا كتاب، أمّا التقويم الميلادي فهو تقويم شمسي، يعتمد على دوران الشمس، والشمسي لا يمكن معرفته إلاّ بمعرفة علم الفلك، والشمسي يكون 28 يوما و30 يوما و31 يوما.[١٤]


وهذا الجدول يوضح الشهور الهجرية مقابل الميلادية، مع الإشارة إلى أنّها غير ثابتة؛ أي تتغير بتغير الزمن ودورة القمر:[١٥]


رقم الشهر
اسم الشهر الهجري
اسم الشهر الميلادي
1
المحرم
كانون الثاني (يناير)
2
صفر
شباط (فبراير)
3
ربيع الأول
آذار (مارس)
4
ربيع الثاني
نيسان (أبريل)
5
جُمادى الأولى
أيار (مايو)
6
جُمادى الآخرة
حزيران (يونيو)
7
رجب
تموز (يوليو)
8
شعبان
آب (أغسطس)
9
رمضان
أيلول (سبتمبر)
10
شوال
تشرين الأول (أكتوبر)
11
ذو القعدة
تشرين الثاني (نوفمبر)
12
ذو الحجة
كانون الأول (ديسمبر)


يتلخّص مما سبق أنّ التقويم الشمسي يختلف عن الهجري (القمري) من عدّة حيثيّات، حيث يُعرف التقويم الشمسي من خلال المعرفة بالفلك، بينما القمري يكفي فيه مراقبة القمر دون حسابات، كما أنّ الشهر الشمسي فيه 28 أو 29 أو 30 يوماً، أما عدد أيام الأشهر الهجرية 29 أو 30 يوماً.

المراجع

  1. سورة التوبة، آية:36
  2. ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس:الدار التونسية للنشر ، صفحة 182، جزء 10. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، مصر:المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، صفحة 150، جزء 1. بتصرّف.
  4. ابن كثير (1420)، تفسير ابن كثير (الطبعة 2)، صفحة 146، جزء 4. بتصرّف.
  5. سورة التوبة، آية:36
  6. ^ أ ب سعيد حوى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة:دار السلام ، صفحة 2278، جزء 4. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة، الصفحة أو الرقم:3197 ، صحيح.
  8. ^ أ ب ت النسفي (1419)، تفسير النسفي، بيروت: دار الكلم الطيب، صفحة 678-679، جزء 1. بتصرّف.
  9. سورة التوبة، آية:37
  10. النويري (1423)، نهاية الأرب في فنون الأدب (الطبعة 1)، القاهرة:دار الكتب والوثائق القومية، صفحة 158، جزء 1. بتصرّف.
  11. ^ أ ب ابن جرير الطبري (1387)، تاريخ الطبري (الطبعة 2)، بيروت:دار التراث، صفحة 388، جزء 2. بتصرّف.
  12. ابن الجوزي (1412)، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 227، جزء 4. بتصرّف.
  13. صديق خان (1412)، فتح البيان في مقاصد القرآن، صيدا بيروت:المكتبة العصرية، صفحة 434، جزء 15. بتصرّف.
  14. وِل ديورَانت و ويليام جيمس ديورَانت (1408)، قصة الحضارة، بيروت لبنان:دار الجيل، صفحة 42، جزء 13. بتصرّف.
  15. محمد آل رحاب (22/10/2018)، "أرجوزة الأنجم الدرية في نظم أسماء شهور السنة الهجرية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2/9/2021. بتصرّف.
3566 مشاهدة
للأعلى للسفل
×