أهمية التقوى
حثّ الله -تعالى- عباده على التقوى في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن الكريم، مما يدل على مكانة التقوى وأهميتها، فقد قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[١]، بل إنّ من العبادات كالصيام التي تكون سبباً للوصول لدرجة المتقين، فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}،[٢] ووعد سبحانه من يتقيه بالفوز، فقد قال سبحانه: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}،[٣] وقد جعل الله -تعالى- القرآن الكريم هُدًى للمتقين، فقد قال سبحانه: {ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}،[٤] مما يدل على أهمية التقوى ومكانتها عند الله تعالى.[٥]
ما هي التقوى
التقوى كما وصفها ابن القيّم -رحمه الله- هي: "العملُ بطاعة الله، إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، فيفعل ما أمَر الله به، إيمانًا بالآمر، وتصديقًا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه، إيمانًا بالناهي، وخوفًا من وعيده"،[٦] والتقوى من القيم الإيمانية التي حرص الإسلام على تربية المسلم عليها؛ لأن المسلم إذا تربىّ عليها كان مؤديا لما أوجب الله -تعالى- عليه، فتراه يحافظ على الطاعات، ويجتنب المحرمات كبيرها وصغيرها، وهي وصية الله للأولين و الآخرين، فقد قال سبحانه: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}.[٧][٨]
فوائد التقوى
إنّ المسلم إذا التزم تقوى الله -تعالى- عاد ذلك عليه بالفائدة في الدنيا والآخرة، فقد وعد الله -تعالى- في كتابه الكريم من يتقيه بالعديدِ من الأمور، وإذا علم العبد ما يعود عليه من الفائدة إذا اتقى الله تعالى، سيحرص على تقواه سبحانه، ومن هذه الفوائد:[٩]
- تفريج الكروب، وسعة الرزق: فقد قال سبحانه: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.[١٠]
- الحصول على العلم النافع: فقد قال سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.[١١]
- معيّة الله تعالى: فقد قال سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.[١٢]
- تكفير السيئات، والحصول على الأجر العظيم: فقد قال سبحانه: {ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}.[١٣]
- التفريق بين الحق والباطل: فقد قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.[١٤]
- الحفظ من كيد الكفار: فقد قال سبحانه: {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.[١٥]
- وعد الله -تعالى- المتقين بجنات النعيم: فقد قال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.[١٦]
- وعد الله -تعالى- المتقين بالنجاة من النار: فقد قال سبحانه: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}.[١٧]
صفات المتقين
تُعرف صفات المتقين من خلال القرآن الكريم، فقد ذكر الله -تعالى- في كثيرٍ من الآيات هذه الصفات، وعلى المسلم إذا علم هذه الصفات أنّ يلتزم بها؛ لكي يُكتب عند الله -تعالى- من المتقين، مما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بيان بعضها:[١٨]
- الإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، والإنفاق في سبيل الله: فقد قال سبحانه: {ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}.[١٩]
- يعظمون شعائر الله: فقد قال سبحانه: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.[٢٠]
- يلتزمون العدل ويحكمون به: فقد قال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.[٢١]
- يتّبعون سبيل الأنبياء والصادقين: فقد قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.[٢٢]
- يتحرّون الصدق: فقد قال سبحانه: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.[٢٣]
- يبتعدون عن معصية الله -تعالى- إذا وسوس لهم الشيطان: فقد قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}.[٢٤]
- الإنفاق في السّرّاء والضّرّاء، كظم الغيظ، العفو عن الناس: فقد قال سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.[٢٥]
الوسائل المعينة على التقوى
التقوى هي الأساسُ المتينُ الذي يبني عليه المسلم حياته؛ لكي يكون من أكرم الناس عند الله تعالى، فقد قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}،[٢٦] ومما يعين على التقوى:[٢٧]
- مراقبة الله -تعالى- والإكثار من ذكره وخوفه ورجائه.
- الالتزام الكامل بالإسلام عقيدةً وشريعة.
- الاقتداء بالرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم.
- قراءة القرآن الكريم بتدبرٍ وخشوع.
- صحبة الأخيار من الناس.
- تعلم العلم النافع.
- ترديد الدعاء الآتي: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، حيث قال: لَا أَقُولُ لَكُمْ إلَّا كما كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا".[٢٨]
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 102.
- ↑ سورة البقرة، آية: 183.
- ↑ سورة النور، آية: 52.
- ↑ سورة البقرة، آية: 2.
- ↑ "كيف ننمي تقوى الله في قلوبنا ؟"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد الزرعي (2004)، زاد المهاجر إلى ربه (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: عالم الفوائد، صفحة 8.
- ↑ سورة النساء، آية: 131.
- ↑ "التقوى"، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "من فوائد التقوى وثمارها في الدارين"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 2-3.
- ↑ سورة البقرة، آية: 282.
- ↑ سورة النحل، آية: 128.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 5.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 29.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 120.
- ↑ سورة الحجر، آية: 45.
- ↑ سورة مريم، آية: 72.
- ↑ "أعمال القلوب "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 2-3.
- ↑ سورة الحج، آية: 32.
- ↑ سورة المائدة، آية: 8.
- ↑ سورة التوبة، آية: 119.
- ↑ سورة الزمر، آية: 33.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 201.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 133-134.
- ↑ سورة الحجرات، آية: 13.
- ↑ "التقوى وثمارها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم: 2722، حديث صحيح.