ما هي السمنة؟ هي قضية أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه، والأسئلة عديدة وشائكة لذا لنتعرف على أهم المصطلحات وتشخيص التحديات لهذه الظاهرة.
ما هي السمنة؟ من أهم المشاكل الصحية التي قد يواجهها العديد، لنتعرف عليها أكثر من خلال المقال الآتي:
ما هي السمنة؟
ما دور المورثات والبيئة والعادات في السمنة؟
كيف ننظم أجسامنا .. أوزاننا؟ لماذا تكون معدلات السمنة في بعض البلدان أو الأجناس أعلى من غيرها؟ من يجب أن يُتهم: الفرد، التلفاز، نمط الحياة أم الأطعمة الدسمة؟
السمنة هي زيادة شحم الجسم التي تسبب أضراراً هامة بالصحة، وتحدث السمنة عندما يزداد حجم وعدد الخلايا الشحمية في الجسم. يمتلك الشخص ذو الحجم الطبيعي حوالي 30-35 مليار خلية شحمية، وعندما يكسب الشخص وزناً فإن تلك الخلايا الشحمية تزداد في الحجم أولاً ثم في العدد، وبالعكس فعندما يبدأ الشخص بفقدان الوزن فإن حجم الخلايا الشحمية يتناقص ولكن عددها يبقى نفسه بشكل عام. وهذا ما يمثل جزءاً من السبب الذي يجعل إنقاص الوزن أمراً صعباً حالما يكسب الشخص مقداراً هاماً من الوزن، ولكن حسب دراسة نشرت عام 1998 فإنه يمكن تخريب الخلايا الشحمية بواسطة أدوية معينة، كما يمكن أن يحدث تناقص في عدد الخلايا الشحمية إذا تمت المحافظة على إنقاص الوزن لفترة طويلة من الزمن.
(1) سمنة بطنية - شكل تفاحة
(2) سمنة عامة - شكل اجاصة
سوء التغذية الوبائي العالمي:
منذ بداية وجود الإنسان على الأرض وعدد الأشخاص زائدي الوزن ينافس عدد الأشخاص ناقصي الوزن، وبينما انخفض عدد سكان العالم ناقصي الوزن بشكل خفيف منذ عام 1980 إلى 1.1 مليار فإن عدد زائدي الوزن تصاعد بحدة إلى 1.1 مليار.
يعاني كلٌ من ناقصي الوزن وزائدي الوزن من سوء التغذية وإن نقص أو فرط ما يتناوله الإنسان من المغذيات والعناصر الأخرى تتطلب اتخاذ تدابير صحية.
الجوع والوزن الزائد يتقاسمان المستويات العالية من المرض، العجز، نقص معدل الحياة المتوقع والمستويات الإنتاجية المنخفضة مما يعيق تطور البلد.
الأثر على الصحة العامة مرعب، فأكثر من نصف العبء المرضي في العالم والذي يقاس «بسنوات الحياة الصحية المفقودة» عُزي إلى الجوع والتناول المفرط للطعام وعوز الفيتامينات والعناصر المعدنية وإحصائياً يعتبر واحد من كل خمسة أطفال أمريكيين زائد الوزن.
ومن المدهش أن زيادة الوزن تتقدم سريعاً في الدول النامية أيضاً. ومع أن أنظمة الرعاية الصحية في هذه الدول ما تزال تقاوم من أجل استئصال الأمراض الإنتانية، فإن ارتفاع عدد حالات أمراض القلب، السرطان والأمراض المزمنة الأخرى سيعطلها.
هل السعرة الحرارية دائماً سعرة حرارية؟
دائماً نسمع من يقول: "لا يمكن أن نحصي عدد السعرات الحرارية، وإن بعض الأطعمة تسمِّن أكثر من غيرها" هذه العبارة ليست صحيحة تماماً حيث يمكن أن نحصي عدد السعرات الحرارية ولكن يقترح دليل علمي حديث أن السعرات الحرارية من بعض الأغذية تُسمِّن أكثر من حريرات (سعرات حرارية) أغذية أخرى.
كيف يكون ذلك؟ تتأكسد الأغذية الرئيسة المحتوية على البروتينات، السكريات والمواد الدسمة في أجسامنا لتنتج الطاقة، فينتج عن استقلاب 1 غ من كلٍ من البروتين والسكريات 4 سعرات حرارية، بينما 1 غ من المواد الدسمة يعطي 9 سعرات حرارية، وهكذا فإن المواد الدسمة تزود الجسم بسعرات حرارية أكثر بمرتين وربع من البروتينات والسكريات، ولهذا فإن كمية من الدسم تُسمِّن أكثر من كميات مساوية لها من البروتينات والسكريات ولكن في ظروف فيزيولوجية معينة وعلى أساس سعرة حرارية مقابل سعرة حرارية فإن المواد الدسمة أكثر قدرة بشكل خفيف على إحداث زيادة بالوزن.
التأهب للسمنة:
الأشخاص الذين لديهم سمات وراثية قوية للسمنة يمتلكون نموذجاً مختلفاً لتخزين الدهون والاستقلاب عن الأشخاص الطبيعيين ويكون لديهم أنزيمات أكثر كفاءة في تحويل الغلوكوز (السكر) ومصادر الطاقة الأخرى إلى دهون. وفي نماذج أخرى للسمنة فإن أنزيمات معينة (ليباز البروتينات الشحمية) تنقل الدهون إلى الخلايا الشحمية أكثر مما تقوم به أمثالها في الشخص العادي، والإنسان الأكثر ميلاً للسمنة يؤكسد الدهون بمقدار أقل ويمتلك معدل استقلاب أثناء الراحة أقل من الأشخاص الأقل ميلاً للسمنة، وهكذا فإن العوامل الوراثية إضافة إلى محتوى الطعام من المواد يعزز تخزين الشحم وزيادة الوزن.
ينبغي ملاحظة أن الوراثة لا تلعب فقط دوراً في السمنة وإنما لها أيضاً دوراً في النحف وهي ترتبط بشكل وثيق بوزن الأم، فإذا كانت الأم ثقيلة الوزن عند البلوغ فإن هناك احتمال بنسبة 75% أن يكون أطفالها ثقيلي الوزن، أما إذا كانت الأم نحيفة فإن هناك أيضاً احتمال بنسبة 75% بأن يكون أطفالها نحيلين وهذا يتعلق فقط بالعمليات الاستقلابية الموروثة من الأم.
السمنة: لا توجد معجزة علاجية لها حتى الآن
السمنة أسوأ من أنها كلمة من أربعة أحرف، لأن هذه الحالة تلعب دوراً في الإصابات الأسوأ للبدن، فالأشخاص البدينون لديهم أهبة للإصابة بمشاكل صحية خطيرة ويوجد أكثر من دليل يشير إلى أن السمنة تزيد بدرجة كبيرة خطورة الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وبمستويات شاذة من كولسترول الدم، وبالداء السكري وبشكل غير مباشر فإن السمنة هي عامل خطورة رئيسي للموت في سن مبكر، وإن أضرار السمنة على الصحة الوطنية وما تسببه من تكاليف من أجل الرعاية الصحية عديدة.
وتبقى السمنة إحدى الشكاوى التي يبحث المصابون بها عن علاج لها ورغم الكثير من الكلام الذي يقال عن التقدم في موضوع علاجها فإن ما تم إنجازه حتى الآن قليل جداً فالكثير من البدينين استطاعوا تخفيض أوزانهم من خلال محاولة الحمية، ولكن قليلاً منهم فقط حافظ على ذلك لأكثر من عام.
إن المحاولات المتكررة لإنقاص الوزن لا تولِّد فقط شعوراً بالفشل وإنما تولِّد أيضاً إحساساً هائلاً بالإحباط وانطباعاً سلبياً عن الذات. وهذا بالضبط يفسر لماذا تبعث الأنباء المتحدثة عن إحراز تقدم في فهم الأسس الوراثية للسمنة موجات من الشعور بالابتهاج لدى من يعاني منها. ويبقى أن الأمر لا يتعلق فقط بالناحية الوراثية كسبب للسمنة إذ أن العادات الصحية السيئة (مثل الركون للسكون وعدم الحركة) والإقلال من النشاط الجسمي والوجبات السريعة الغنية بالدسم والغذاء عالي السعرات الحرارية، وطريقة تناول هذه الوجبات (ونحن جالسون على كراسينا المريحة نشاهد التلفاز وجهاز التحكم بيدنا) كل ذلك من العوامل التي ساهمت في جعل السمنة تأخذ طابعاً وبائياً في المجتمع.