محتويات
مفهوم السنة
لا بدّ قبل الحديث عن أقسام السنة وحُجيّتها من تعريفها لغةً واصطلاحاً، وذلك فيما يأتي:
تعريف السنة لغةً
السنّة، بتشديد النون، وهي مأخوذة من سَنَنَ، وقد تردّ على جملة من الإطلاقات منها:
- الجري والإرسال، فيقال سننت الماء على وجهي أي؛ أجريته وأرسلته.[١]
- الطريقة،[٢] قال -تعالى-: (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلً)،[٣] أي الطريقة.
- السيرة.[٤]
تعريف السنة شرعاً
عُرّفت السنة اصطلاحاً أنّها: كل ما صدر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، ممّا يصلح أن يكون دليلاً لحكمٍ شرعي.[٥]
أقسام السنة
تنقسم السنة إلى أقسام عدّة، وهي:[٦]
- باعتبار ذاتها، فيدخل فيها السنة القوليّة، والفعليّة، والتقريريّة.
- باعتبار علاقتها مع القرآن الكريم، فيدخل فيها السنّة المؤكدة لما جاء في القرآن الكريم، والمبيّنة لما أُبهم من القرآن، والأخير منها ما بيّنت من أحكام سكت عنها القرآن الكريم.
- باعتبار ما وصل منها إلينا، وهي على قسمين الأول منها، بطريق التواتر، والثاني بطريق الآحاد.
أقسام السنة باعتبار ذاتها
تنقسم السنّة باعتبار ذاتها إلى ثلاثة أقسام، وهي:[٧]
- السنة القوليّة
هي ما صدر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أقوال، كقوله عليه السلام: (إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا)،[٨] والسنّة القوليّة من أقوى السنة باعتبار ذاتها، وهي مُقدّمة على غيرها.
- السنّة الفعليّة
هي الأفعال الصادرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كهيئة اضطجاعه بعد صلاة الفجر.
- السنة التقريرية
هي الأفعال والأقوال التي صدرت عن الصحابة -رضوان الله عليهم- ولم يخالفهم النبي -عليه الصلاة والسلام- عليها، كإقرارِ النبي اجتهاد معاذ بن جبل عندما أرسله قاضياً إلى اليمن.[٩]
أقسام السنة باعتبار وصولها إلينا
تنقسم السنة باعتبار وصولها إلينا إلى قسمين:[١٠]
- السنّة المتواترة: هي ما رواه جمع عن جمع يمنع تواطؤهم واتفاقهم على الكذب، وهو على قسمين:
- القسم الأول: المتواتر اللفظي؛ وهي ما وصل إلينا بلفظ النبي واتفق الرواة على لفظه ومعناه؛ كقول النبي عليه السلام: (مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).[١١]
- القسم الثاني: المتواتر المعنوي؛ وهي ما وصل إلينا بالمعنى الذي قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس بلفظه؛ كأحاديث الشفاعة وأحاديث المسح على الخُفيّن.
- السنة الآحاد
وهي الأحاديث التي لم تصل حد التواتر، وهي على ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: الحديث المشهور؛ وهو الحديث الذي رواه ثلاثة فأكثر، ولم يصل إلى حدّ التواتر؛ كحديث: (المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِهِ).[١٢]
- القسم الثاني: الحديث العزيز؛ وهو الحديث الذي رواه راويان فقط؛ كحديث: (لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن ولَدِهِ ووالِدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).[١٣]
- القسم الثالث: الحديث الغريب؛ وهو الحديث الذي رواه راوٍ واحدٍ فقط؛ كحديث: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[١٤]
أقسام السنة باعتبار علاقتها بالقرآن
تنقسم السنة باعتبار علاقتها بالقرآن إلى ثلاثة أقسام، وهي:[١٥]
- السنّة المؤكدة
هي الأحاديث التي جاءت تؤكّد حُكماً ورد في القرآن الكريم؛ كتأكيدها حكم الصلاة.
- السنّة المبيّنة
هي الأحاديث التي جاءت تُبيّن ما كان مُبهماً في القرآن الكريم.
- السنّة الاستقلالية
هي الأحكام التي سكت عنها القرآن الكريم، وجاءت في السنة النبويّة.
حجية السنة
تُعتبر السنّة النبويّة ثاني مصادر التشريع، فهي تأتي بعد القرآن الكريم في الحجّة، ولا يحلّ لأحدٍ إنكارها، بل يجب اعتبارها حجة، فقد ورد من القرآن الكريم ما يُبيّن لزوم طاعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، واقتران محبّة الله بمحبة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما أمر الله -سبحانه وتعالى- بالرجوع للنبي فيما لم يجد فيه حكماً، ومن ذلك كله قوله -تعالى-:
- (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).[١٦]
- (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).[١٧]
- (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).[١٨]
المراجع
- ↑ أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني (1979)، معجم مقاييس اللغة، صفحة 60، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ محمد بن أحمد بن الأزهري (2001)، تهذيب اللغة (الطبعة 1)، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 210، جزء 12.
- ↑ سورة الاسراء، آية:77
- ↑ أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني (1979)، معجم مقاييس اللغة، صفحة 61، جزء 3.
- ↑ خالد بن منصور المطلق (2015)، منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة (الطبعة 1)، صفحة 81.
- ↑ محمَّد بنْ حسَيْن بن حَسنْ الجيزاني (1427)، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (الطبعة 5)، صفحة 199. بتصرّف.
- ↑ محمد حسن عبد الغفار، تيسير أصول الفقه للمبتدئين، صفحة 11، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن مسروق بن الأجدع ، الصفحة أو الرقم:2321، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في منزلة السنة، عن معاذ بن جبل ، الصفحة أو الرقم:15، إسناده ضعيف.
- ↑ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (1994)، مصطلح الحديث (الطبعة 1)، القاهرة:مكتبة العلم، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة ، الصفحة أو الرقم:1291، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:10، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:44، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
- ↑ محمَّد بنْ حسَيْن بن حَسنْ الجيزاني (1427)، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (الطبعة 5)، صفحة 119. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية:44
- ↑ سورة آل عمران، آية:31
- ↑ سورة النساء، آية:59