مفهوم الشحوم
الشحوم هي مادة دهنية لها عدة مصادر منها الحيوانية ومنها النباتية، ومفردها شحمة، والشحمة هي مادة عندما تزيد في جسم الانسان أو الحيوان يزيد وزنه فيقال شَحَمَ فلان؛ أي: زاد وزنه أو تشحَّم جسمه أي زاد الدهن بجسمه، وهي مادة بيضاء سريعة الذوبان بالحرارة، ومنها قالوا: تشحم الطعام؛ أي: أصبح كثير الدهن، ويقال أشحم الرجل؛ أي: أطعم الرجل الشحمة، وكذلك قولهم عن الرجل شَحِمَ إذا زاد وزنه، والشحم هو كما الزيت والشمع لا يذوب بالماء، والشحمُ صُلبٌ في غالب الأحوال، ويطلق اسم شحمة على أسفل الأذن المنطقة التي يعلق بها الحلق، وقديمًا قد حرّم الله -سبحانه- شحومًا على بني إسرائيل لكثير من الأسباب، وسيقف المقال مع أنواع الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل، وكذلك سبب تحريم تلك الشحوم.[١]
ما هي الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل
للوقوف على الشحوم التي حُرّمت على بني إسرائيل لا بدّ من الوقوف مع المصدر الذي ذكر تحريمها وهو القرآن الكريم؛ إذ قد قال الله -تعالى- في سورة الأنعام: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ۖ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ۚ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}،[٢] فإذًا الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل هي شحوم البقر والغنم، ويرى ابن كثير الدمشقي وجملة من المفسّرين أنّ تلك الشحوم هي شحوم الثرب وشحوم الكليتين، والثرب هو نوع من أنواع الشحوم الرقيقة التي تلتف حول الكرش والأمعاء، وهذا النوع لا يكون قد خالطه عظم، وقد استُثني من الشحوم كل ما خالطه عظم أو الحوايا أو ما حملت ظهورها؛ وقد ذهب بعض المفسرين وبعض السلف إلى أنّها كلّ ما اختلط بعظام القوائم والرأس والعين وشحم الإلية المختلط بعظم العصعص، وكذلك ممّا استُثنِي أيضًا شحوم الحوايا، وهي جمع حاوية؛ وتعني أماكن تجمع الأمعاء ويسمّيها بعض العرب المرابض، وهي المبعر، وأخيرًا ممّا استثني من التحريم من الشحوم هو ما حملت ظهور البقر والغنم؛ أي: ما كان قد علق بظهرها من الشحم، وقال بعض العلماء إنّ الألية من شحم الظهر كذلك، والله أعلم.[٣]
لماذا حرم الله الشحوم على بني إسرائيل
لقد حرّم الله -تعالى- بعض الشحوم على بني إسرائيل لمّا أسرفوا على أنفسهم بكثرة ذنوبهم، وأكلهم أموال الناس بالباطل، واستباحتهم ما حرم الله عليهم، وتحريمهم ما أحله الله، وقد كان من أساليب الشريعة في عقاب بني إسرائيل أن يُحرَّم عليهم بعض الطيبات التي كانت قد أُحِلّت لهم بسبب ذنوبهم، وفي ذلك يقول تعالى في سورة النساء: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}،[٤] فإذًا أسباب تحريم بعض الطيبات التي قد ذكرها الله -تعالى- في كتابه الكريم وهي أوّلًا الظلم، وهو ظلم عظيم اقترفوه، وذلك أكثر من أن يُحصى، ولعلّ أكبر ظلم وقعوا فيه هو الشرك بالله، يقول تعالى في سورة لقمان: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}،[٥] وأيضًا أخذهم الربا الذي قد حرّمه الله -تعالى- عليهم، وأكلهم أموال الناس بالباطل وقد ذهب بعض من المفسّرين إلى أنّها الرشوة التي كانوا يأخذونها في تحريف كتابهم، وأيضًا من أسباب التحريم هو الصدّ عن سبيل الله، وقد ذهب الإمام الطبري إلى أنّ القصد بقوله تعالى كثيرًا هو الخلق الكثير الذين قد صدّوهم عن سبيل الله، بينما ذهب آخرون إلى أنّ الكثير المقصود هو الزمن الكثير المتطاول، ومنهم من رأى ذلك أنّه الصد عن دعوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.[٦]
المراجع
- ↑ "تعريف ومعنى الشحوم في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية:146
- ↑ "القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأنعام - الآية 146"، quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:160-161
- ↑ سورة لقمان، آية:13
- ↑ "الحاوي في تفسير القرآن الكريم"، www.al-eman.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.