محتويات
السنسنة المشقوقة
السنسنة المشقوقة (Spina bifida) عيب خلقي يحدث عندما لا يتشكّل العمود الفقري والحبل الشوكي بشكل صحيح في الأجنة داخل الرحم، وهو من عيوب الأنبوب العصبي، فالأنبوب العصبي البنية الموجودة في الجنين، والتي ستشكِّل في نهاية المطاف دماغ الطفل والحبل الشوكي والأنسجة التي تحيط بهما، وهو يتشكل في وقت مبكر من الحمل، ويغلق في اليوم الثامن والعشرين بعد الإخصاب، أمّا الأطفال المصابون بالسنسنة المشقوقة لا ينغلق جزء من الأنبوب العصبي أو يتطور بشكل صحيح لديهم؛ مما يتسبب في حدوث عيوب في النخاع الشوكي وعظام العمود الفقري.[١]
أعراض السنسنة المشقوقة
تعتمد الأعراض بشكل كبير على موقع الإصابة ونوع الأعصاب الشوكية المتأثرة، ونوع السنسنة المشقوقة، إذ لهذا المرض أنواع عدة، والتي تتراوح ما بين الطفيفة إلى الشديدة، ففي الأنواع الطفيفة من السنسنة المشقوقة، والتي يُشار إليها باسم السنسنة المشقوقة الخفية (Spina bifida occulta) لا يلاحظ المُصاب أيّ أعراض سوى خصلة من الشعر أو وحمة في مكان العيب، وقد لا يعرف الشخص المُصاب بالإصابة إلّا عند إجراء تصوير بالأشعة السينية لسبب ما، فيُلاحظ وجود فجوات ما بين عظام العمود الفقري، ولا يُسبِّب هذا النوع أيّ إعاقات.
في حال الإصابة بالأنواع الأكثر شدة من السنسنة المشقوقة؛ كالقيلة السحائية (Meningocele)، والقيلة النخاعية السحائية (Myelomeningocele) يظهر كيس مملوء بالسوائل على ظهر الطفل، وقد يبدو هذا مملوءًا فقط بالسائل النخاعي، كما هو الحال مع القيلة السحائية دون وجود النخاع الشوكي، وفي هذه الحالة قد يغطي الكيس طبقة رقيقة من الجلد، أمّا في حال القيلة النخاعية السحائية -النوع الأكثر شدة- يبدو النخاع الشوكي مفتوحًا بموقع واحد أو عدة مواقع، مع وجود كيس مملوء بالسائل النخاعي، وأجزاء من النخاع الشوكي والأعصاب التالفة، وتوضّح الأعراض الأخرى للقيلة النخاعية السحائية على النحو الآتي:[٢]
- ضعف في عضلات الساق، ففي بعض الحالات لا يستطيع الطفل تحريك قدمه على الإطلاق.
- شكل غير طبيعي للقدمين أو وجود وركين غير متساويتين أو انحناء في العمود الفقري.
- الإصابة بالنوبات التشنجية.
- مشكلات في الأمعاء أو المثانة.
- صعوبة في التنفس أو صعوبة البلع أو صعوبة في تحريك الذراعين.
- زيادة الوزن.
أسباب السنسنة المشقوقة
لا يوجد سبب معروف لمرض السنسنة المشقوقة، لكن هناك الكثير من العوامل البيئية والوراثية التي قد تزيد من خطر الإصابة بالسنسنة المشقوقة. ومن أهم هذه العوامل:[٢]
- نقص حمض الفوليك (فيتامين ب9) عند الحامل.
- عدم السيطرة على مرض السكري جيدًا أثناء الحمل.
- السمنة أثناء الحمل.
تشخيص السنسنة المشقوقة
تُشخّص الإصابة بالسنسنة المشقوقة أثناء الحمل أو بعد ولادة الطفل، وهناك اختبارات ما قبل الولادة للتحقق من وجود السنسنة المشقوقة وغيرها من العيوب الخلقية، ومن أهمها:[٣]
- تحليل بروتين ألفا فيتوبروتين (AFP): هو بروتين ينتجه الجنين، وهو فحص دم بسيط يقيس مقدار مرور بروتين ألفا فيتوبروتين إلى مجرى دم الأم من الرضيع، وقد يشير ارتفاع مستوى هذا البروتين إلى أنّ الطفل مصاب بانشقاق العمود الفقري.
- الموجات فوق الصوتية: الموجات فوق الصوتية تُمكّن الطبيب من معرفة ما إن كان الطفل مصابًا بانشقاق العمود الفقري، أو إيجاد أسباب أخرى لوجود مستوى مرتفع من بروتين ألفا فيتوبروتين، وفي كثير من الأحيان يُجرى التأكد من إصابة الطفل بالسنسنة المشقوقة بإجراء هذا الفحص.
- تحليل بزل السائل الأمنيوسي: هو فحص تؤخذ فيه عينة صغيرة من السائل الأمنيوسي المحيط بالطفل في الرحم، وقد يًشار إلى ارتفاع مستويات ألفا فيتوبروتين في السائل بأنّ الطفل يعاني من السنسنة المشقوقة.
بعد ولادة الطفل يبدو تشخيص الإصابة بالعلامات الواضحة على الجنين بظهور الكيس المليء بالسوائل في ظهره، وقد يبدو التشخيص بإجراء بعض الإجراءات التشخيصية التصويرية؛ كالتصوير بالأشعة السينية، أو التصوير بـالرنين المغناطيسي، أو التصوير المقطعي؛ ذلك بهدف رؤية العمود الفقري والعظام في ظهر الطفل بصورة أوضح.[٣]
علاج السنسنة المشقوقة
هناك خياران رئيسان لعلاج السنسنة المشقوقة؛ هما جراحة الجنين أثناء الحمل أو الجراحة مباشرة بعد الولادة، إذ يعتمد الاختيار على مرحلة الحمل، ومستوى انتشار القيلة النخاعية السحائية على العمود الفقري، ووجود تشوه ثانٍ، وعدد من عوامل صحة الأم المهمة، وتُذكَر هذه الجراحات على النحو الآتي:[٤]
جراحة السنسنة المشقوقة بعد الولادة
تجرى من خلال اختيار الولادة بعملية قيصرية في 37 أسبوعًا من الحمل، إذ تبدأ الجراحة بعد 24 إلى 48 ساعة من الولادة، ويخضع الطفل للتخدير العام؛ فيزال الكيس إذا كان موجودًا، ثم تُغلَق الأنسجة المحيطة والجلد لحماية الحبل الشوكي، أمّا بعد الجراحة يتلقى الطفل الرعاية في وحدة العناية المركزة لـحديثي الولادة.[٤]
جراحة السنسنة المشقوقة قبل الولادة
أثبتت العديد من الدراسات أنّ علاج جراحة السنسنة المشقوقة قبل الولادة يقدّم نتائج أفضل بكثير من جراحة السنسنة المشقوقة بعد الولادة؛[٥] نظرًا لأنّ تلف الحبل الشوكي يحدث تدريجيًا أثاء الحمل ويزداد مع الوقت، لذا فإنّ الخضوع لجراحة قبل الولادة يمنع المزيد من الضرر الحاصل، إذ ترتبط الجراحة قبل الولادة بالتخفيف من شدة التأثيرات العصبية؛ مثل: ضعف حركة الساقين وضعف الوظيفة الحسية للساقين، كما تزيد من فرص الحركة بشكل مستقل فيما بعد، وعادة ما تُجرى العملية ما بين الأسابيع 23 إلى الأسبوع الخامس والعشرين وستة أيام من الحمل.[٤]
مضاعفات السنسنة المشقوقة
مضاعفات انشقاق العمود الفقري يتأثر بالعديد من العوامل؛ مثل: حجم انشقاق العمود الفقري وموقعه، وإذا كان الجلد مغطّى على المنطقة المصابة، وما إن كانت الأعصاب الشوكية تخرج من المنطقة المصابة من الحبل الشوكي أو لا، ومن أهم هذه المضاعفات:[١]
- مشكلات في المشي: فقد يوجد خلل في الأعصاب التي تتحكم بعضلات الساق بشكل صحيح أسفل منطقة السنسنة المشقوقة، ويُسبِّب ذلك ضعف العضلات في الساقين وأحيانًا الشلل.
- مضاعفات في العظام: يعاني الأطفال المصابون بالقيلة النخاعية السحائية من المشكلات في الساقين والعمود الفقري؛ بسبب ضعف العضلات في الساقين والظهر، إذ تعتمد أنواع المشكلات على موقع انشقاق العمود الفقري، وقد تتضمن:
- نمو غير طبيعي.
- الجنف (انحناء في العمود الفقري).
- خلع الورك.
- التشنج العضلي.
- تشوهات في العظام والمفاصل.
- مشكلات الأمعاء والمثانة: التي تتمثل في وجود خلل في الأعصاب التي تزوّد المثانة والأمعاء في حال الإصابة بالقيلة النخاعية السحائية؛ بسبب أنَّ الأعصاب المسؤولة عن تغذية الأمعاء والمثانة توجد في المنطقة السفلية من الحبل الشوكي.
- استسقاء الدماغ: هو تراكم السوائل في الدماغ، إذ تحدث هذه المضاعفات عند الأطفال المولودين مع القيلة النخاعية السحائية، وفي بعض الأحيان قد تُصاب التحويلة الدماغية -الأنبوب الذي يُستخدم لعلاح استسقاء الدماغ- ببعض الاضطرابات، ويتوقف عن العمل بطريقة صحيحة أو قد تتلوث. ومن أهم أعراض الناتجة من ذلك: الصداع، والاستفراغ، والنعاس، والتهيُّج، بالإضافة إلى تورم أو احمرار على طول التحويلة، وتغييرات في العينين (نظرة ثابتة لأسفل)، كما قد يؤدي ذلك إلى حدوث مشكلات في التغذية، والنوبات التشنجية.
- تشوه آرنولد خياري من النوع الثاني: (Chiari malformation type II) هو شذوذ دماغي شائع عند الأطفال المصابين بالقيلة النخاعية السحائية يسبب مشكلات في التنفس والبلع؛ ذلك نتيجة تأثر جذع الدماغ ووقوعه في منطقة أسفل من المعتاد، وفي الحقيقة نادرًا ما يحدث ضغط في هذه المنطقة من الدماغ، وقد توجد حاجة إلى جراحة لتخفيف الضغط.
- التهاب السحايا: ربما يصاب بعض الأطفال الذين يعانون من القيلة النخاعية السحائية بـالتهاب السحايا، وهي عدوى في الأنسجة المحيطة بالدماغ، وقد تسبب هذه العدوى التي قد تهدد الحياة إصابة الدماغ بالتلف.
- متلازمة الحبل النطاقي: أو الحبل الشوكي المربوط (Tethered spinal cord)، إذ ينتج هذا عندما ترتبط الأعصاب الشوكية بالندبة حيث انشقاق العمود الفقري أُغلِقَ جراحيًا، فيبدو الحبل الشوكي أقلّ قدرة على النمو مع نمو الطفل؛ مما يؤدي إلى فقد وظيفة العضلات في الساقين أو الأمعاء أو المثانة.
- صعوبات في التنفس: خاصة التنفس غير المنضبط أثناء النوم، فقد يعاني كلٌّ من الأطفال والبالغين المصابين بانشقاق العمود الفقري، خاصة القيلة النخاعية السحائية، من توقف التنفس أثناء النوم أو اضطرابات النوم الأخرى.
- مشاكل في بشرة: تشمل جروح في القدمين أو الرِّجلين أو الرّدفين أو الظهر، إضافة إلى ظهور بثور وقرحات والتهابات عميقة؛ ذلك لانخفاض القدرة على الإحساس لديهم.
- حساسية اللاتكس:. يتعرض الأطفال المصابون بانشقاق العمود الفقري لخطر الإصابة بحساسية اللاتكس أو الحساسية تجاه المطاط الطبيعي أو منتجات اللاتكس، مما يسبب ظهور طفح جلدي، والعطس، والحكة، والسيلان في الأنف، والحساسية المفرطة المهددة للحياة، والتورم في الوجه، وصعوبة في التنفس.
- مضاعفات أخرى: وتشمل التهابات المسالك البولية، واضطرابات الجهاز الهضمي، والاكتئاب، وصعوبات التعلم؛ مثل: مشاكل الانتباه، وصعوبة تعلم القراءة والرياضيات.
نصائح لتجنب إصابة الطفل بالسنسنة المشقوقة
هناك الكثير من النصائح التي تتبعها الحامل قبل الحمل و خلاله لتقليل خطر إنجاب طفل مصاب بانشقاق العمود الفقري، ومنها:[٣]
- تناول 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يوميًا خلال مرحلة الحمل، أمّا إذا كانت الأم تعرّضت لإنجاب طفل مصاب بالسنسنة المشقوقة من قبل فلعلّها تحتاج إلى تناول جرعة أعلى من حمض الفوليك قبل الحمل وأثناء الحمل المبكر باستشارة الطبيب.
- استشارة الطبيب في الوصفات الطبية والأدوية والفيتامينات والمكملات الغذائية التي يجب تناولها خلال الحمل.
- إذا كان الأم تعاني من حالات مرضية؛ مثل: مرض السكري أو السمنة فيجب التأكد من أخذ الأدوية والاحتياطات الازمة قبل الحمل، واتباع التعليمات الضرورية للسيطة عليهما.
- تجنب السخونة الزائدة للجسم؛ مثل: التعرض لحوض استحمام ساخن أو الساونا.
- علاج أي حمى أثناء الحمل على الفور باستخدام الأدوية التي تحتوي على الباراسيتامول.
المراجع
- ^ أ ب "Spina bifida", mayoclinic, Retrieved 5-7-2020. Edited.
- ^ أ ب "What Is Spina Bifida?", webmd, Retrieved 8-5-2020. Edited.
- ^ أ ب ت "What is Spina Bifida?", cdc, Retrieved 7-5-2020. Edited.
- ^ أ ب ت "Spina Bifida Causes, Symptoms and Treatment", chop, Retrieved 8-5-2020. Edited.
- ↑ "Benefits of Fetal Surgery for Spina Bifida Persist in School-Age Children", chop,24-1-2020، Retrieved 8-5-2020. Edited.