محتويات
ما هي حرب الفِجَار؟
يتناول هذا المقال الحديث عن حرب الفجار من جوانب عديدة، وفيما يأتي بيانها:
- حروب الفجار
ذكرت كتب التّاريخ أنّ حروب الفجار عدة؛ حيث كان الفجار الأوّل بين كنانة وهوازن، والثاني بين قريش وهوازن، والثالث كان بين كنانة وهوازن، أمّا الفجار الأخير فكان بين قريش وكنانة من جهة وهوازن من جهة أخرى، وهذه الحروب كلّها وقعتْ قبل بعثة الرّسول -صلى الله عليه وسلم- بخمس وعشرين سنة.[١]
وتشير بعض الرّوايات أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد شهد الفجار الأخير، وكان عمره حينها خمس عشرة سنة.[١] وهذا المقال يتناول بالبحث حرب الفجار الأخير الذي وقع بين قريش وكنانة من جهة وهوازن من جهة أخرى، وذلك لارتباطه بالرّوايات التي تشير إلى مشاركة النبي الكريم فيه.
- سبب حرب الفجار الأخير
ذكرت كتب المغازي والسّير أنّ النّعمان بن المنذر ملك العرب بالحيرة كان كلّ عام يُرسِل بتجارة إلى سوق عكاظ لتباع له هناك، وكان من عادته أنْ يرسلها في أمان رجل له منعة وشرف في قومه بقصد حمايتها؛ فجلس يوماً وعنده عروة بن عتبة الرّحال من قبيلة قيس والبراض بن قيس من بني كنانة، وكان صاحب شرٍ، فقال لهم النّعمان: من يجيز لي تجارتي هذه حتى يبلغها عكاظ؟ فقال البراض: أنا أجيزها على بني كنانة، فقال النعمان: إنّما أريد من يجيزها على الناس كلهم؟[٢]
عند ذلك قال عروة: أكلب خليع يجيزها لك؟! يقصِد البراض، وتعهّد عروة بحماية قافلة النّعمان من النّاس كلّهم؛ فاغتاظ البراض من مقولة عروة، وتربّص به حتى إذا خرج بالقافلة قتله غدراً بالقرب من عكاظ، ولم تلبث قبيلة قيس بعد أن بلغها الخبر أنْ همّت لتدرك ثأرها.[٢]
- سبب تسميتها بحرب الفجار
ذكر المحقّقون أنّ أيام الفِجَار هو أحد أشهر حروب العرب في الجاهلية، وسبب تسميتها بحرب الفجار أنَّ العرب قد فَجَرُوا في القتل؛ أي: استحلّوا فيه الحُرمات وأسرفوا فيه بالقتال، وقيل -أيضاً- أنَّ القتال كان قد وقع في الأشهر الحرم، وقد كان القتال مُحرَّمًا عند العرب فيها.[٣]
والأشهر الحُرُم كان لها قداسة عند العرب قبل الإسلام؛ حتى ذُكِر أنّ الرّجل في الجاهلية كان يلقى قاتل أبيه فتمنعه حرمة هذه الأشهر عن أخذ ثأره منه، وقد أقرّ الإسلام حرمة هذه الأشهر؛ مصداقاً لقول الله -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ...)،[٤] وجاءت حرب الفجّار شاهداً على استباحة أهل الجاهلية لحرمات هذه الأشهر.[٥]
أحداث حرب الفجار الأخير
ذكر المؤرّخون أنّ كنانة انطلقتْ إلى مكة لتحتمي داخل الحرم فتبعتها قيس، وتواعدت القبيلتان على المواجهة، خاصّة أنّ قبيلة قيس قالت: إنَّا لا نترك دم عروة وموعدنا عكاظ في العام المقبل، وقيل: إنَّ القتال وقع بينهم بالفعل خلال الأشهر الحرم، وقد استمرّ القتال بينهم خمس أو ست سنوات.[٣]
وفي الجولة الأولى من المواجهة كانت الغلبة لقبيلة قيس، فاستغاث بنو كنانة بقريش، فكانت الغلبة بعدها لكنانة وقريش، واستمرّ الاقتتال بينهم حتى تدخَّل شابٌّ قُرشي اسمه عروة بن ربيعة للصلح بين الطّرفين؛ فاصطلحوا على أن يعدُّوا القتلى من الجانبين، فمن كان قتلاه أكثر دفع له الطّرف الآخر الدّية؛ فكان قتلى قيس أكثر بعشرين رجلًا، فدفعت كنانة وقريش لهم الدّية، وبهذا توقّف القتال بينهم، ووضعت الحرب أوزارها.[٣]
مشاركة النبي الكريم في حرب الفجار
لم يثبت أنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- قد شارك في حرب الفجّار الأخير، وهذا ما رجّحه عدد من المحققين من أهل العلم، ويأتي هذا التّرجيح بناء على دراسة للرّوايات التي ذكرها ابن إسحق وابن كثير في مصنّفاتهم، ونقلها عنهم بعض المؤرّخين.[٦]
ولعلّ لله -عزّ وجلّ- إرادة في صرف النبي -صلى الله عليه وسلّم- عن المشاركة في الاقتتال بالأشهر الحُرُم.
المراجع
المراجع
- ^ أ ب محمد رضا، محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة 41، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الخضري (1425)، نور اليقين في سيرة سيد المرسلين (الطبعة 2)، دمشق:دار الفيحاء، صفحة 13. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد خالد حامد (24/6/2019)، "قصة حرب الفجار"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 29/4/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية:36
- ↑ محمد الغزالي (1427)، فقه السيرة (الطبعة 1)، دمشق:دار القلم، صفحة 75. بتصرّف.
- ↑ محمد العوشن، ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية، صفحة 16. بتصرّف.