محتويات
تأخير السحور
متى كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتناول السحور؟
من سنن الصوم تأخير السحور؛ فقد وردت الأدلة التي تبيّن أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يؤخّر السحور والسبب في الترغيب بذلك أنّ فيه تقليل لمدّة الجوع والإمساك عن الطعام التي يقضيها الصائم خلال صومه، وقد ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: "لا تزالُ أمَّتي بخيرٍ ما أخَّروا السَّحورَ وعجَّلوا الفِطرَ"،[١] ولكنّ استحباب تأخير السحور مقيّد بعد حصول الشك باقتراب وقت الفجر، فإذا شكّ المسلم في طلوع الفجر لم يُندب تأخيره، والسنّة في المدّة التي يحصل بها التأخير هي قدْر قراءة خمسين آية ما بين الفراغ من السحور والقيام للصلاة.[٢]
تعجيل الإفطار
ما هي الحكمة من استحباب تعجيل الإفطار؟
تعجيل الإفطار هو سنّة من سنن الصيام وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فضل تعجيل الإفطار بقوله: "لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ"،[٣] والحكمة من ذلك أن الله تعالى كريمٌ ويُحب أن يتمتع عباده بفضله وكرمه، والمبادرة إلى الفطر عندما يكون المرء صائمًا ممسكًا عن الطعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها امتثالًا لأمر ربّه وعملًا لما افترضه عليه من الصوم وبقيّة الفرائض، ولكن ينبغي التنبه إلى أن تعجيل الفطر يُستحب عند تيقن غروب الشمس، فيُستحب حينها المبادرة للأكل قبل القيام للصلاة، ولكن ينبغي التحرز عن التعجيل في حال عدم تيقن الغروب كأن يكون الجو غائمًا ونحوه.[٤]
الإفطار على تمر أو رطب
على ماذا يفطر المسلم أولًا التمر أم الرطب؟
يُستحب للصائم أن يُفطر على رُطبٍ أو تمر، والرُطب هو التمر الذي ما يزال لينًا لم ييبس لأنّه أُخذ من النخيل من مدّة قصيرة، فإن لم يجد رُطبًا أو تمرًا فيُستحب له أن يُفطر على الماء؛ وذلك اقتداءً بفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كانَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- يُفطرُ قبلَ أن يصلِّيَ علَى رُطَباتٍ، فإن لم تَكُن رُطَباتٌ فتُمَيْراتٌ، فإن لم تَكُن تُمَيْراتٌ، حَسا حسَواتٍ مِن ماءٍ"،[٥] كما صرّح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأحاديث أخرى بفضيلة الإفطار على الرطب والتمر فإن لم يجد فالماء فإنّه طهور.
الدعاء
ما هو الدعاء المأثور عن النبي عند الإفطار؟
يُستحب للصائم أن يدعو عند الإفطار ومن الأفضل أن يدعو بالمأثور، وذلك لأنّه يُحقّق أجر الدعاء وأجر المتابعة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد ورد عنه أنّه كان يقول عند فطره: "اللَّهُمَّ لك صُمتُ، وعلى رِزْقِك أفطَرْتُ"،[٦] وكان يقول أيضًا: "ذهبَ الظَّمأُ وابتلَت العروقُ وثبُتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ تعالى".[٧][٢]
قراءة القرآن الكريم
لماذا يتأكد استحباب قراءة القرآن في رمضان؟
تُستحب قراءة القرآن الكريم في رمضان وحال الصوم استحبابًا مؤكدًا، فعلى الصائم أن يحرص ما استطاع على الإكثار من التلاوة القرآن الكريم مدارسة في حلقات العلم؛ فيقرأ هو على غيره ويستمع لقراءة الآخرين في الحلقة،[٨] ودليل هذا الاستحباب أنّ جبريل -عليه السلام- كان ينزل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويتدارس معه القرآن الكريم في كل ليلة من ليالي رمضان، يقرأ جبريل ويقرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويُستحب للصائم أيضًا أن يسهر لقراءة القرآن وحفظه وفهم معانيه وغير ذلك ممّا يدخل في باب مدارسة كتاب الله.[٩]
إطعام الفقراء والمساكين
ما هو أثر إطعام الفقراء والمساكين في رمضان؟
لقد رغّب الإسلام بالإحسان إلى الفقراء والمساكين مُطلقًا ويزداد استحباب البذل لهم وإطعامهم في رمضان، لشدة عوزهم وفقر حالهم؛ فلو استغنى الأغنياء عن شيء قليل من أطعمتهم وأخذوها إلى جيرانهم الفقراء لأضافوا إلى قُربة الصوم وأجره أجرًا عظيمًا وهو إطعام الفقراء والمساكين وتفطير الصائمين، بالإضافة إلى أهمية هذا الفعل في نشر الرحمة والأخوة بين أفراد المجتمع.[١٠]
تجنب الخصومة والرياء
ما هي الآداب التي يجب أن يتأدّب بها الصائم؟
يجب على الصائم أن يتجنب الخصومة ويبتعد عن الرياء ويجعل صومه خالصًا لله تعالى، وأن يترفع ويحذر من كل ما يحبط صومه من المعاصي الظاهرة والباطنة، فيحفظ لسانه عن لغو الكلام وفضوله وعن الغيبة النميمة وجميع آفات اللسان من كذبٍ وفُحشٍ وكلامٍ بذيء، وألّا يسعى في مخاصمة الناس وجدالهم بل يلزم الصمت والكلام الحسن، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "قالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ".[١١][١٢]
الصدقة
لماذا يجب أن يُكثر الصائم من التصدّق؟
للصدقة في رمضان أجرٌ عظيم وذلك لأنّ الآثار دلّت على إكثار رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- من بذل الصدقات في رمضان، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"،[١٣] وقد قال ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- إنّ الجود أعظم من الصدقة لأنّه يعني إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، أي وكأنّ الجود يعني إعطاء المحتاجين ما يكفيهم وليس مجرّد التصدّق عليهم بفضول الأموال وقليلها، والله -تعالى- يتفضل على عباده في رمضان بفضائل ونعم لا توجد في غيره، فينبغي للعباد أن يُقابلوا هذا الإحسان الإلهي بالإحسان إلى بعضهم بعضًا.[١٤]
العمل الصالح
ما هو أجر العمل الصالح في رمضان؟
إن ثواب العمل الصالح يتضاعف في رمضان، وهذه نعمة من الله -تعالى- وفضلٌ عظيم على عباده، وينبغي لهم أن يُكثروا من الأعمال الصالحة اغتنامًا لهذا الفضل، ومن الأعمال الصالحة التي ينبغي أن يُكثر منها الصائمون ذكر الله وملازمة التسبيح والاستغفار، ومضاعفة الأجر يكون لكل عمل صالح بإذن الله، ومن هذه الأعمال تفطير الصائمين إمّا بدعوتهم على الفطور أو بأخذ الطعام لهم، والعمرة في رمضان أفضل من العمرة في غيره من الشهور.[١٥]
ومنها أيضًا بر الوالدين والإحسان إليهما وتقديم الهدايا والعون لهما،[١٦] وصلة الرحم والإكثار من زيارة الأقارب وإظهار الود والمحبة لهم،[١٧] والإحسان إلى الجيران ورعاية حقوقهم وملاطفتهم،[١٨] والحِلْم على جميع الناس والسعي في حل الخصومات والنزاعات وتقديم الخدمات للآخرين، وغير ذلك الكثير فباب العمل الصالح كبير وأجره عظيم بفضل الله.[١٩]
الاعتكاف
في أي وقت يُستحب أن يعتكف الصائم؟
الاعتكاف هو لزوم المسجد لأجل التفرغ للعبادة، وفيه أسرار عظيمة؛ فهو خلوة تسمو بها نفس العبد وترتقي روحه وتكون سببًا في شعوره بلذة العبادة والقُرب من الله تعالى،[٢٠] وهو مستحب في جميع الأوقات ولكن استحبابه في العشر الأواخر من رمضان آكد، وذلك لأنّ فيه اقتداء برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حيث دلت الآثار على لزومه الاعتكاف في العشر الأواخر حتّى توفّاه الله تعالى.[٢١]
صلاة التراويح
هل داوم رسول الله على صلاة التراويح؟
صلاة التراويح هي إحدى سنن الصوم، وقد جمع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-الناس عليها ثم تركها خشية أن تُفرض على المسلمين، ولما كان عمر أميرًا للمؤمنين -وانقطع الوحي وزال الخوف من فرضها- وجد الفاروق -رضي الله عنه- أن الناس يُصلّون متفرقين بعد صلاة العشاء، فرأى أن الأفضل هو جمعهم ليصلوا جماعة، ولصلاة التراويح فضلٌ عظيم؛ فهي قُربة إلى الله وهي سبب في اجتماع المسلمين وسماعهم لقراءة القرآن الكريم والوعظ والتذكير واتصالهم ببعضهم بعضًا، وغيرها من الفوائد الجمّة.[٢٢]
ذكر الله تعالى
ما هو فضل الذكر في رمضان؟
ذكر الله مُستحب في جميع الأوقات وأفضل ما يقضي به الصائم ساعات نهاره ودقائق يومه أن يذكر الله ويُسبّحه ويحمد ويستغفره، والأدلة على فضيلة الذكر واستحبابه كثيرة جدًا؛ فالله -تعالى- قد أمر عباده بذكره، والصائم لا يزال لسانه رطبًا كلّما أكثر من ذكر ربّه، وهو سبيل للابتعاد عن جميع ما يخدش كمال الصيام من لغو الحديث والنميمة وما شابه ذلك، بالإضافة إلى الكثير من الفضائل التي يجنيها الصائم من مداومته على ذكر الله تعالى،[٢٣] كما أنّ أجر الذكر في رمضان يكون مضاعفًا، وقد روي عن إبراهيم النخعي -رحمه الله- أنّه قال: "تسبيحة في رمضان خيرٌ من ألف تسبيحة فيما سواه".[٢٤]
قيام الليل
هل تُعد صلاة التراويح قيامًا لليل في رمضان؟
أجمع المسلمون على استحباب القيام في رمضان، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"،[٢٥] وصلاة التراويح تُعد قيامًا لليل في رمضان،[٢٦] وإذا استطاع المسلم أن يزيد عليها وأن يُصلّي في أوقات أخرى من الليل حتّى طلوع الفجر؛ ففي هذا مزيد من الأجر والتقرّب من الله تعالى، فرمضان موسم عظيم من مواسم الطاعات وينبغي اغتنامه بهذه السنن، خصوصًا أنّ معظم الناس يكونون مستيقظين وقت السحر في رمضان فإذا اغتنموا هذه الفرصة الثمينة بالصلاة والتهجّد كانوا من العباد المقرّبين الذين امتدحهم الخالق العظيم بقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}.[٢٧][٢٨]
فيديو عن سنن الصوم وآدابه
دكتور الشريعة والعقيدة الإسلامية، الدكتور بلال إبداح، يتحدث في هذا الفيديو عن سنن الصوم وآدابه.[٢٩]
المراجع
- ↑ رواه ابن الملقن، في شرح البخاري لابن الملقن، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:136، حديث صحيح.
- ^ أ ب ابن حجر الهيتمي، كتاب المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية، صفحة 251-253. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:1098، حديث صحيح.
- ↑ وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 1685. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:696، حديث حسن غريب.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن معاذ بن زهرة، الصفحة أو الرقم:2358، حديث سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الفتوحات الربانية، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:339، حديث حسن.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب دروس رمضان، صفحة 6-7. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1904، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 143-144. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب دروس رمضان، صفحة 39. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب دروس رمضان، صفحة 68. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب دروس رمضان، صفحة 113. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب دروس رمضان، صفحة 217. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب دروس رمضان، صفحة 170. بتصرّف.
- ↑ الرافعي، عبد الكريم، كتاب فتح العزيز بشرح الوجيز، صفحة 475. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 428-430. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب دروس رمضان، صفحة 208-212. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:37، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 144. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية:9
- ↑ علي بن عمر بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ "سنن الصوم وآدابه"، اليوتيوب، اطّلع عليه بتاريخ 15/1/2021. بتصرّف.
- ↑ "سنن الصوم وآدابه"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 09-07-2019.