ما هي شروط الأضحية

كتابة:
ما هي شروط الأضحية

ما هي المواصفات التي تصحّ بها الأضحية؟

تُعدّ الأضحية من شعائر الله العظيمة؛ حيثُ يتسابقُ المسلمون في أدائها نيلاً للأجر والثواب، وقُربةً من الله -عزّ وجل-، فما هي المواصفات التي تصحّ بها الأضحية؟ وما هي الشروط التي يجب أن تتواجد في المضحي؟ وما هو الوقت المناسب للأضحية؟ كلُّ هذه الأسئلة ستتمّ الإجابة عنها في المقال الآتي.

وللأضحيةِ مواصفات عديدة من الواجب توافرها، سنذكرها فيما يأتي:

أن تكون ملكا للمضحي

لا يجوزُ أن يُضحّي المسلم بأضحيةٍ ليس مالكاً لها، أو بأضحية حصلَ عليها بطريقٍ غير مشروع؛ كالسّرقة مثلاً، أو أخذَها من صاحبها غصباً، أو امتكلها بعقدٍ فاسد، أو اشتراها بمالٍ ليس حلالاً كالرّبا.[١]

وينبغي على المسلم أن يحرصَ على تعظيم الأضحية؛ لأنّها من شعائر الله، لقول الله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)،[٢] ويتحقّق ذلك عند اختياره الأضحية التي تمتلك الصّفات المُستحبة،[١] وتجدُرُ الإشارة إلى أنّ الأضحية تُشرعُ للقادرِ عليها.[٣]

أن تكون مما يحل للمسلم أن يضحي به

يحلّ للمسلم أن يُضحّي بأنواع محدّدة من الأنعام، وهي كما يأتي:[٤]

  • الإبل.
  • البقر.
  • الغنم.

وذلك لقول الله -تعالى-: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)،[٥] فإن ضحّى بحيوانٍ آخر لا تُقبَلُ منه الأضحية، ولا تصحّ وإن كان ما ذبحهُ حلالاً ويُؤكلُ لحمُهُ؛ وذلك لأنّه ليس من الأنعام التي حدّدها الإسلام.[٤]

أن تدخل في السن المجزئ للأضحية

لكلّ نوعٍ من الأنعام -التي يُشترَطُ أن يُضحّي المسلم بها- سِناً محددةً لا تصحُّ الأضحية إلّا به؛ فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّهُ قال: (لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ تَعسُرَ عليكم، فتَذبَحوا جَذَعةً منَ الضَّأْنِ)،[٦][٧] والسِّنُّ الذي تصحُّ به الأضحية:[٨]

  • الإبل: أن تكون قد أتمّت الخمس سنوات ودخلت في السادسة، فبذلك تُسمّى مُسِنّة.
  • البقر: أن تكون قد أتمّت السّنتين ودخلت في الثالثة، فتكون بذلك مُسِنّة.
  • الغنم: أن يبلغ الضأن منه سنّ الستة شهور، وأن يكون داخلاً في الشهرِ السّابع، ويُسمّى حينئذٍ بالجَذَع، وأما المعزُ فعندما تتمُّ السنةَ وتدخُل في الثانية، فبذلك تكون مُسِنّة.

أن تكون سليمة من العيوب

يُشتَرَط في الأضحية أن تكون سالمةً من العيوب، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أربَعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ، فقال: العَوراءُ بَيِّنٌ عَوَرُها، والمريضةُ بَيِّنٌ مَرَضُها، والعَرجاءُ بَيِّنٌ ظَلعُها، والكَسيرُ التي لا تُنقِي، قال: قلتُ: فإنِّي أكرَهُ أن يكونَ في السِّنِّ نَقصٌ، قال: ما كَرِهْتَ فدَعْه، ولا تحَرِّمْه على أحَدٍ)،[٩] وتفصيل تلك العيوب كما يأتي:[١٠]

  • العوراء البيّنِ عوَرُها: وهي التي ذهبت عينها أو برزت، وتصحّ وتُجزِئ من كانت لا تُبصِرُ بعينها، أو عَوَرُها غير بيّنٍ، ولكنّ السّليمة أولى.
  • المريضة البيّن مرضها: وهي التي ظهرت عليها أعراض المرض؛ كالحُمّى وتعطّلت عن الرّعي، أو التي ظهر عليها آثار الجرَب الذي قد يُفسِدُها، وأمّا من تعطّلت عن الرّعي تكاسلاً وفُتوراً؛ فتُجزِئ، ولكنّ السّليمة أولى.
  • العرجاء البيّن ظلعُها: وهي التي مشيتها ليست سليمة؛ حيثُ يظهر الفرق عند مشيتها مع غيرها ممّن كانت سليمة، وإن كان العَرَج يسيراً فتُجزٍئ ولكنّ السّليمة أولى.
  • الهزيلة التي لا تُنقي: وهي التي لا مُخّ فيها.

ما هي الشروط التي يجب أن تتواجد في المضحي؟

يجبُ على من يريد الأضحية أن تتواجد فيه شروط محدّدة، سنُبينها فيما يأتي:[١١]

  • الإسلام: فلا تصحُّ الأضحيةُ إلّا من مسلم؛ لأنّها من العبادات والقُرَبِ لله -تعالى- فلا تُقبَل من كافر، لقول الله -تعالى-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)،[١٢] وقوله -تعالى-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).[١٣]
  • القُدرة المالية (الغِنى): فلا تُطْلَبُ الأضحية من غير القادر عليها، لقول الله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).[١٤]

وتجدر الإشارة إلى أنَّ آراء العلماء قد تعددت في تحديد معنى (الغِنى) ومعيار القدرة المالية؛ فيرى الحنفيّة: أنّه يجب على من أراد الأضحية أن يكون مالكاً لنصاب الزكاة وزائداً عن حاجته، وقال المالكيّة والحنابلة: إنَّ الغنى معناه ألّا يحتاج المضحي إلى ثمن الأضحية في أموره الضروريّة؛ وذلك بأن يملك ثمنها ويكون زائداً عن حاجاته الضروريّة، وأضاف الحنابلة جواز اقتراض ثمنها لمن لا يملكه إن كان موقِناً بسداده.

وقد تعددت آراء العلماء في بعض الشروط، وبيانها فيما يأتي:[١١]

  • الإقامة

ذهب الحنفيّة إلى اشتراط الإقامة في المُضحي وعدم اشتراطها على المسافر؛ وذلك للمشقّة المُحتملة عليه، ولم يشترط هذا الشرط بقيّة الفقهاء؛ بل قالوا إنّ الأضحيةَ تصحُّ من المسافر والمقيم.

  • التّكليف

ذهب الشافعيّة والحنابلةُ إلى اشتراطِ التّكليف في المُضحّي؛ فلا تصحّ الأضحية من الصّبي لأنّ في ذلك تصرُّفاً من الوليّ في مالِ اليتيم بغير حقّ وهو مأمورٌ بحفظِ أمواله، ويجوز له أن يُضحّي له من ماله إن كان قادراً.

وقال الحنفيّة إنّ الأضحية لا تُجزِئُ إن قام بها وليّ الصبيّ أو الوصيّ ولا تصحّ، وجديرٌ بالذكر أنَّ المالكيّة ذهبوا إلى عدم اشتراط التّكليف في المُضحي؛ ويسنّ عندهم لوليّ الصّبي والمجنون أو وصيّهما أن يُضحي عنهما من مالهما حتى وإن كانا يتيمين.

ما هو الوقت المناسب للأضحية؟

يبدأ وقتُ الأضحية عند كلٍّ من الشافعية والحنابلة بعد طلوع شمسِ يوم النّحر العاشر من ذي الحجّة، ويُقدّر بقدر صلاة ركعتين بعد طلوع الشّمس، ويرى الحنابلةَ أن يذبح المسلم أضحيته بعد انتهاء الإمام من صلاة عيد الأضحى.[١٥]

ويدلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ، فمَن فَعَلَ ذلكَ، فقَدْ أصابَ سُنَّتَنا، ومَن ذَبَحَ، فإنَّما هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ).[١٦][١٥]

ويرى كل من الإمام أبي حنيفة والإمام مالك أنَّ وقت الأضحية في المدن يكون بعد صلاة الإمام صلاة العيد، أما في القرى فيبدأ وقت الأضحية بطلوع الفجر عند أبي حنيفة ، وعند الإمام مالك يبدأ بصلاة الإمام في أقرب البلاد لهم.[١٧]

ويستمرّ وقت الأضحية يوم النّحرِ وأيام التشريق الثلاثة التي بعده، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كُلُّ عَرَفاتٍ مَوقِفٌ، وارفَعوا عن بَطنِ عُرَنةَ، وكُلُّ مُزدَلِفةَ مَوقِفٌ، وارفَعوا عن مُحَسِّرٍ، وكُلُّ فِجاجِ مِنًى مَنحَرٌ، وكُلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبح)،[١٨] وينتهي وقتها عند غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجّة أيّ ثالثِ أيام التّشريق.[١٩]

المراجع

  1. ^ أ ب سعيد القحطاني، كتاب صلاة العيدين، الرياض:مطبعة سفير، صفحة 113. بتصرّف.
  2. سورة الحج، آية:32
  3. حسام الدين عفانة، كتاب المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 51. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن عثيمين، اللقاء الشهري، صفحة 8. بتصرّف.
  5. سورة الحج، آية:34
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1963، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دار السلاسل، صفحة 82، جزء 5. بتصرّف.
  8. محمد المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 4496. بتصرّف.
  9. رواه أبي داود، في سنن أبي داود، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:2802، سكت عنه وكل ما سكت عنه صالح.
  10. سعيد بن وهف القحطاني (2010)، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة 2)، القصب:مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 642، جزء 1. بتصرّف.
  11. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 346-350. بتصرّف.
  12. سورة الفرقان، آية:23
  13. سورة الأنعام، آية:162 163
  14. سورة البقرة، آية:286
  15. ^ أ ب حسام الدين عفانة، كتاب فتاوى ويسألونك (الطبعة 1)، فلسطين:مكتبة دنديس، صفحة 414، جزء 6. بتصرّف.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن البراء بن عازب ، الصفحة أو الرقم:1961، صحيح.
  17. موقع إسلام ويب، "القول في وقت ذبح الأضحية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-7-30. بتصرّف.
  18. رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم:16751، صحيح لغيره.
  19. حسام الدين عفانة، كتاب فتاوى ويسألونك (الطبعة 1)، فلسطين:مكتبة دنديس، صفحة 416، جزء 6. بتصرّف.
3062 مشاهدة
للأعلى للسفل
×