ما هي شروط الصلاة

كتابة:
ما هي شروط الصلاة

شروط وجوب الصلاة

على مَن تجب الصلاة؟

الشرط هو: "ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان خارجًا عن حقيقته أو ماهيته"، وشروط وجوب الصلاة هي التي يجب توافرها في الإنسان حتّى تجب عليه الصلاة ويُكلّف بها، وفيما يأتي توضيح لهذه الشروط:[١]


الإسلام

تجب الصلاة على كل مسلم ذكرًا كان أو أنثى،[١] ومن الأدلة على أنّ الإسلام شرط لوجوب الصلاة وعلى فرضيتها، قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- لمّا أرسله إلى أهل اليمن: "ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا الله، وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ"،[٢] فدخول الإسلام يقتضي وجوب الصلاة على العبد.[٣]

البلوغ

اتفق الفقهاء على أنّ البلوغ هو شرط من شروط وجوب الصلاة، فهي لا تجب على الصبي ما لم يبلغ، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مُرُوا أولادَكم بالصَّلاةِ وهم أبناءُ سَبعِ سِنينَ، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عَشرٍ"،[٤] وقد اختلف فقهاء المذاهب الأربعة في كون الأمر هنا للوجوب أم للندب، فقال الجمهور إنّه للندب، بينما خالف المالكية في ذلك وقالوا هو للوجوب؛ أي أنّه يجب على الأهل أمر الصبي بالصلاة في هذه السن،[٥] وقد حدّ بعض أهل العلم التمييز بسبع سنين، والتمييز هو ضد الصغر، فإذا بلغ الصبي عشر سنوات تأكّد الأمر في حقّه أكثر ووجب التشديد عليه في أمر الصلاة.[٦]


العقل

فوجود العقل هو شرط من شروط وجوب الصلاة على الإنسان، والدليل قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصبىِّ حتى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ"،[٧] فالنائم والناسي للصلاة يجب عليهم قضاء الفوائت عند الاستيقاظ والتذكّر، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا".[٨][٩]


الخلو من الموانع الشرعية

الموانع الشرعية هي الحيض والنفاس وكون المرأة نفساء أو حائضًا فلا تجب عليها الصلاة، سواءٌ كان حصول الحيض من تلقاء نفسه أو بتناول دواء ونحوه،[١] كما لا يجب عليها قضاء الصلوات التي فاتتها عند زوال العذر، فقد سُألت السيّدة عائشة عن سبب قضاء الحائض للصوم دونًا عن الصلاة فقالت: "كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ".[١٠][١١]


شروط صحة الصلاة

ما هي علاقة شروط الصحة بشروط الوجوب؟


إنّ شروط صحة الصلاة منها شروط وجوب وصحة معًا ومنها شروط صحة فقط، وشروط الصحة هي:


دخول الوقت

لا تصح الصلاة إذا لم يعلم المصلّي أنّ وقتها قد دخل، وهذا العلم إمّا أن يكون علمًا يقينيًا أو ظنّيًا عند تعذّر التيقّن، فمن صلّى وهو لا يدري إن دخل الوقت أم لا فلا تصح صلاته حتّى وإن صلّاها في وقتها، والدليل على وجوب دخول الوقت والعلم بذلك قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}،[١٢] أي فريضة مؤقتة بزمن محدد له بداية ونهاية.[١٣]


النية

النية شرط من شروط صحة الصلاة عند الحنفية والحنابلة والقول الراجح عند المالكية، وقد عدّها الشافعية وبعض المالكية ركنًا من أركان الصلاة أو فرضًا من فروضها، ومعناها شرعًا: "عزم القلب على فعل العبادة تقربًا إلى الله تعالى"، وقد اتفق العلماء على وجوبها في الصلاة لتمييز العبادة عن العادة، ولتحقيق شرط إخلاص العبادة لله تعالى؛ فلا تقبل العبادة بدون الإخلاص، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}،[١٤] والصلاة بدون نية لا تصح ولا بحال من الأحوال.[١٥]


استقبال القبلة

وهو شرط من شروط صحة الصلاة باتفاق الفقهاء، فقد قال الله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}،[١٦] ولكنْ يمكن تفويت هذا الشرط عند شدّة الخوف وفي صلاة النافلة في السفر على الراحلة، فاستقبال القبلة شرط صحة في حال الأمن والقدرة فإذا كان هناك خوف من حيوان مفترس أو عدو أو عجز بسبب ربط أو مرض ونحوه فيمكن حينها التوجّه إلى أي جهة يستطيعها المصلّي.[١٧]


ستر العورة

ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة سواءٌ كان الإنسان يصلّي بحضرة الآخرين أو وحده وإن كان المكان مظلمًا كما قال الجمهور،[١٨] والدليل على هذا الشرط قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}،[١٩] والزينة هنا هي الثياب في الصلاة كما فسّرها بذلك ابن عباس رضي الله عنهما، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يقبَلُ اللهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ"،[٢٠] والخمار هو غطاء يستر الرأس والعنق وليس غطاء الوجه، فالحائض هي الأنثى التي بلغت سنّ التكليف، وليست المرأة حال الحيض، وكذلك فإنّ ستر العورة في الصلاة فيه تعظيم للخالق العظيم.[٢١]


الطهارة

الطهارة هي شرط من شروط صحة الصلاة، وتنقسم إلى طهارة حقيقية وهي طهارة البدن والثوب والمكان، وطهارة حكمية وهي الطهارة من الحدثين، وفيما يأتي تفصيل هذا الأنواع مع التدليل على كل منها:[٢٢]


الطهارة من الحدثين

الحدث هو مانع شرعي قام ببدن الإنسان أو ببعض أعضائه ويُزال بالوضوء إن كان حدثًا أصغرَ؛ إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}،[٢٣] ويُزال بالغسل إن كان حدثًا أكبرَ، والحدث الأكبر يشمل الحيض والنفاس والجنابة، وقد قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}،[٢٣] وفي حال فقد الماء أو تعذّر استعماله فإنّه يُباح حينها التيّمم، والدليل قوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}،[٢٣] والصلاة مع وجود الحدث لا تصح ولا تنعقد.[٢٤]


طهارة البدن والثوب

يجب أن يكون ثوب المسلم وبدنه خاليان من جميع أنواع النجاسات الحقيقية حتّى تصح صلاته، ودليل وجوب طهارة الثوب قول الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}،[٢٥] وقوله -صلّى الله عليه وسلّم- للمرأة التي سألته عن الثوب الذي يصيبه دم فقال لها: "حُتِّيه ثمَّ اقرُصيه بالماءِ ثمَّ رُشِّيه وصَلِّي فيه"،[٢٦] يعني تفركه وتزيله مع تدليكه وصب الماء عليه، ودليل طهارة البدن قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إِذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي"،[٢٧] فطهارة الثوب تقتضي وجوب طهارة البدن من باب أولى.[٢٢]


طهارة المكان

على المسلم أن يُصلي في مكان طاهر من النجاسة لقوله عزّ وجلّ: {وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}،[٢٨] كما نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الصلاة في الأماكن التي تكثر فيها النجاسات كالمجزرة وحظائر الحيوانات ومكان مبيتها.[٢٩]

المراجع

  1. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 722-725. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1395، حديث صحيح.
  3. ابن عثيمين، كتاب فقه العبادات للعثيمين، صفحة 127. بتصرّف.
  4. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:495، حديث سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 58. بتصرّف.
  6. عبد المحسن العباد، كتاب شرح شروط الصلاة وأركانها وواجباتها لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، صفحة 6. بتصرّف.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:4403، حديث صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:684، حديث صحيح.
  9. عبد الله الطيار، كتاب الفقه الميسر، صفحة 226-227. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:335، حديث صحيح.
  11. الدبيان الدبيان، كتاب موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 152-153. بتصرّف.
  12. سورة النساء، آية:103
  13. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي، صفحة 728. بتصرّف.
  14. سورة البينة، آية:5
  15. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 771. بتصرّف.
  16. سورة البقرة، آية:150
  17. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 757. بتصرّف.
  18. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 738. بتصرّف.
  19. سورة الأعراف، آية:31
  20. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1711، حديث أخرجه في صحيحه.
  21. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 60. بتصرّف.
  22. ^ أ ب عبد الله الطيار، كتاب الفقه الميسر، صفحة 229-230. بتصرّف.
  23. ^ أ ب ت سورة المائدة، آية:6
  24. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 729. بتصرّف.
  25. سورة المدثر، آية:4
  26. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:1396، هذا الحديث أخرجه في صحيحه.
  27. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:331، حديث صحيح.
  28. سورة البقرة، آية:125
  29. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 59. بتصرّف.
4963 مشاهدة
للأعلى للسفل
×