محتويات
لطالما سمعنا عن عقدة أوديب والأسطورة المرجعية التابعة لها، لكن ما هي تحديدًا عقدة أوديب؟ وكيف تؤثّر على تطوّر الطفل الجنسي والتربوي؟
تعد نظرية عقدة أوديب (Oedipus complex) التي وضعها الطبيب النفسي سيغموند فرويد من أكثر النظريات إثارة للجدل في عالم نظريات تطور الطفل. إليكم على ماذا تنص هذه النظرية، وما هو مفهومها النفسي التربوي؟
ما هي عقدة أوديب؟
هي عبارة عن مصطلح استقاه الطبيب النمساوي فرويد من أسطورة إغريقية قديمة ليشير إلى ميول الطفل الذكر للانخراط وتملّك والدته على أساس جنسي، في سبيل استكشاف هويته الجنسية.
يقترح فرويد أنّ الطفل في جيل الثالثة حتى الخامسة يكون في ذروة مرحلة تطوّر وتشكيل هويته الجنسية، حيث يطوّرها على أساس الانجذاب جنسيًا إلى والدته الأم بشكل غير واع مقابل إظهار نوع من العداء تجاه والده من نفس الجنس.
فبحسب فرويد يشعر الطفل في هذه المرحلة بحبّه لامتلاك والدته ويطمح لاستبدال والده، وهو ما اعتبره شعورًا طبيعيًا يؤدّي في نهاية المطاف إلى تعريف هويّته الجنسية مقابل هويّة أمه الجنسية المختلفة.
ما هي عقدة إلكترا؟
مصطلح عقدة إلكترا وضعه الطبيب النفسي كارل يونغ، وهو يصف علاقة الفتاة مع أبيها في بحثها عن هويتها الجنسية.
اقترح فرويد خلال محاولة فهمه لتطور الهوية الجنسية الأنثوية أنّ الفتاة عند اكتشافها لعدم امتلاكها للقضيب تشعر بداية أنّها ولدت بشكل غير مكتمل، ما يؤدّي إلى شعورها بالاستياء من أمها لأنّها ولدتها على هذا النحو.
إلّا أنّ هذه الفكرة تحديدًا لاقت انتقادات من أوساط العلماء الذين أكدوا أنّ هذا الأمر يقتضي أن يشعر الطفل الذكر بالنقص أيضًا لعدم امتلاكه رحم، ومن هنا كان اعتراف فرويد بضآلة معرفته بخصائص تطوّر النساء النفسي.
كيف أعرف أنّ طفلي يمر في مرحلة عقدة أوديب أو إلكترا؟
يعتمد الأمر بالأساس على مراقبة سلوكيات الطفل بالإضافة إلى تعبيره عن مشاعره وأفكاره الصريحة، حيث تستطيعين أدراك مرور طفلك بهذه المرحلة عندما يصبح يبدي رفضًا لأي مظهر من مظاهر الدفء والحميمية التي قد تجمعك بأبيه، فيحاول منعه من حضنك مثلًا.
أمّا الفتاة فهي تميل إلى التصريح عن رغبتها بالزواج من أبيها بكل عفوية وبراءة، كما قد تلاحظين أنها تعاملك بنوع من المنافسة أيضًا.
بالطبع هذه المشاعر والتصرفات هي تصرفات طبيعية في هذه المرحلة العمرية، حيث أنّها كما أشرنا سابقًا تساعد الطفل في تقسيم الهويات النوعية وتصنيف نفسه على هذا الأساس ما يساعده في فهم هويته الجنسية طبعًا.
كيف يتخطى طفلي مرحلة عقدة أوديب؟
نظريّا بحسب فرويد فإنّ عقل الطفل الواعي يبدأ في فهم أنّه غير قادر على التغلب على والده في هذا المضمار ما يجعله يميل إلى تبنّي هويّة والده الجنسية، وكذلك الأمر لدى الفتاة أيضًا.
يحدث ذلك كوسيلة لحل الصراع بين الطفل وبين الأب أو الطفلة والأم، حيث يقوم الأطفال باستخدام وسيلة دفاعية هي عبارة عن تعريف الهويات المختلفة واختيار المناسبة، وذلك من خلال تبنّي نظام السلطة الأخلاقية الفردية التي يستقي الطفل قيمها من المجتمع والتأثيرات الخارجية.
يذكر فرويد أنّ بعض الأطفال يميلون في المرحلة الأخيرة من تشكل الهوية الجنسية هنا إلى الشعور بالذنب بسبب شعورهم وأفكارهم، وهو أمر صحيّ أيضًا لكن عليه التخلص منه للانتقال للمراحل التطورية القادمة بشكل صحي.
ماذا يحدث إن لم يحل الطفل عقدة أوديب؟
في الغالب ينجح الطفل في حل عقدة أوديب بمساعدة قيم المجتمع وارتفاع مستوى وعيه لنفسه، لكن في حال لم ينجح الطفل أو الطفلة في ذلك فمن شأنهما أن يواجها حالة من "التثبيت".
أمّا القصد بالتثبيت فهو تثبيت الطفل على أمه وتثبيت الفتاة على أبيها وهو ما يعني أنّهما سيميلان في المستقبل للبحث عن شركاء مطابقين تمامًا للأم أو الأب وذلك في سبيل إتمام العلاقة الزوجية الحميمة.
هناك العديد من نظريات التربية والتطور التي تناقش عملية اكتساب الطفل لهويته الجنسية، من هنا فإنّنا ندعوك دائمًا للاطلاع على مجمل النظريات حيث أنّ نظرية فرويد قد تكون لاقت رواجًا في حينه للقفزة النوعية التي أحرزتها إلّا أنّ النظريات التربوية اليوم لا تقتصر عليها بالطبع.