محتويات
قيام الساعة
قيام الساعة هو جزءٌ من الزّمان الذي خصّه الله -سبحانه وتعالى- ليوم القيامة بأهواله وأشراطه، وقد خصّ الله ذاته الإلهية في علم قيام الساعة، لا يعلم ميقاتها إلا هو -سبحانه وتعالى-، فلم يخبر بها أحدًا من خلقه ولا حتّى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدّنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، قال تعالى في كتابه الكريم في سورة الأعراف: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}،[١] وفي المقال سيتمُّ تسليط الضّوء على علامات الساعة الصغرى.[٢]
علامات الساعة الصغرى
جاء في الحديث الصّحيح من كتب السنّة النبويّة الشريفة، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سُئِلَ عنِ السَّاعةِ قبلَ أنْ يموتَ بشَهرٍ، فقال: تَسألوني عنِ السَّاعةِ، وإنَّما عِلمُها عند اللهِ، فهو الذي نفْسي بيَدِه، ما أعلَمُ اليومَ نفْسًا مَنفوسةً يَأْتي عليها مِئَةُ سَنةٍ"،[٣] فعلم الساعة عند الله وحده عالم الغيب لا شريك له، ولكنّه -سبحانه وتعالى- كان من رحمته وحكمته أن أوحى لنبيّه محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بعلامات السّاعة الصغرى والكبرى.[٢]
إنّ أشراط السّاعة هي العلامات والأحداث التي تسبق قيام السّاعة وتنذر بقرب وقوعها وقيامها، وقد أخبر بها سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- لتدارك ما يمكن إدراكه من العمل الصّالح والتي بها يمكن أن يعبر الإنسان إلى جنان الخلد في الآخرة، وعلامات السّاعة الصّغرى منها ما وقع حدوثه فعلًا ومنها ما يعايشه المسلم في هذه الأيّام ومنها ما هو مؤكّدٌ حدوثها في المستقبل كما أخبر بها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الصادق الأمين، وعلى خلاف علامات الساعة الكبرى التي حصرت في عدد محددّ فإنّ الصغرى منها كثيرة، سيتمّ ذكرها تباعًا فيما سيأتي لاحقًا وتفصيل البعض منها.[٤]
ومن علامات السّاعة الصّغرى: "بعثة النبيّ وموته -صلّى الله عليه وسلّم- وانشقاق القمر، فتح بيت المقدس وأولى القبلتين، كثرة المال والاستغناء عن الصدقات والزكاة، كثرة انتشار الفتن وكثرة الهرد والمرج وانتشار الفواحش من الزنا والربا وغيرها من الفواحش، ظهور مدّعي النبوّة كمسيلمة الكذّاب، ظهور نار الحجاز، ضياع الأمانة وانتشار الخيانة، ظهور الكاسيات العاريات، وظهور الخوارج"، وغيرها من علامات الساعة الصغرى العديدة التي وردت في كتب الشريعة الإسلاميّة.[٤]
بعثة النبي محمد وموته
بعدما نزلت الرّسالة السّماويّة على سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- أخبر المسلمين عن أشراط السّاعة وعن علامات الساعة الصّغرى والكبرى، وقد ورد في الحديث الصحيح عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: "قام فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فما ترَك شيئًا يكونُ في مقامِه إلى أنْ تقومَ السَّاعةُ إلَّا حدَّث به حفِظه مَن حفِظه ونسِيه مَن نسِيه قد علِمه أصحابي هؤلاءِ وإنَّه لَيكونُ الرَّجُلُ منه الشَّيءُ قد نسِيه فأراه فأذكُرُه كما يذكُرُ الرَّجُلُ وجهَ الرَّجُلِ إذا غاب عنه فإذا رآه عرَفه"،[٥] وإنّ قيام الساعة قريب كما قال الله تعالى في سورة المعارج: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا}.[٦][٧]
وحول دلالة بعثته -صلّى الله عليه وسلّم- في علامات السّاعة الصغرى جاء في الصّحيح من الحديث عن جابر بن عبد الله قال: "كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يقولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، ويقولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَيَقْرُنُ بيْنَ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى"،[٨] وعن دلالة موته روى عوف بن مالك: "أَتَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، .."،[٩] ثمّ أكمل الخمس الباقيات.[٧]
انشقاق القمر
أمّا عن انشقاق القمر فهي أحد أعظم معجزات سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وعلامات الساعة الصغرى، وكان ذلك لما سأله أهل قريش للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم في أن يريهم آيةً أو معجزةً ليؤمنوا به ويصدّقوه، وقد روى عبد الله بن مسعود في ذلك فقال: "انشقَّ القمرُ على عهدِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فقال المشركون: هذا سِحرٌ سحركم ابنُ أبي كبشةَ، ولكن انظُروا إلى من يقدُمُ من السِّفارِ فسلوهم، فقدِموا فسألوهم، فقالوا: رأيناه قد انشقَّ"،[١٠] وأمّا في دلالته على قرب قيام السّاعة هو قوله تعالى في سورة القمر: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}،[١١] فالسّاعة تدنو وتقترب منذ عهد خاتم المرسلين وحتّى يومنا هذا في اقترابٍ مبين.[٧]
كثرة الهرج والفتن
الهرج في اللغة هو القتل، وهو من علامات الساعة الصغرى ومما تعاصره الشعوب على خلاف أديانها وجنسيّاتها في هذا الزمان، وعن دلالة ذلك من السنّة النبويّة الشريفة أحاديث مختلفة، منها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- في صحيح مسلم، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "والذي نَفْسِي بيَدِهِ لا تَذْهَبُ الدُّنْيا، حتَّى يَأْتِيَ علَى النَّاسِ يَوْمٌ لا يَدْرِي القاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، ولا المَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ فقِيلَ: كيفَ يَكونُ ذلكَ؟ قالَ: الهَرْجُ، القاتِلُ والْمَقْتُولُ في النَّارِ"،[١٢] وروى أيضًا عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ".[١٣][١٤]
ومن علامات السّاعة الصغرى إضافةً إلى كثرة الهرج انتشار الفتن بين المسلمين في أرجاء العالم بأجمعه، ورى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- فقال: "سُئِلَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن السَّاعةِ، فقال: عِلْمُها عندَ ربِّي لا يُجلِّيها لوَقْتِها إلَّا هو، ولكِنْ أُخبِرُكم بمَشاريطِها وما يكونُ بيْنَ يَدَيها، إنَّ بيْنَ يَدَيها فِتْنةً وهَرْجًا، قالوا: يا رسولَ اللهِ، الفِتْنةُ قد عَرَفْناها، فالهَرْجُ ما هو؟ قال بلسانِ الحَبَشةِ: القَتلُ، ويُلْقى بيْنَ النَّاسِ التَّناكُرُ، فلا يكادُ أحَدٌ أنْ يَعرِفَ أحَدًا".[١٥][١٦]
ظهور الخوارج
الخوارج هم فئة من الأمة التي اتّخذت مذهبًا خاصًّا بها متمسّكةً بظاهر النصوص من الكتاب والسنّة، وقد وصفهم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بشرار القوم، وظهورهم يعدّ من علامات الساعة الصغرى، وقد ورى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: "سيكونُ في أُمَّتي اختلافٌ وفُرْقَةٌ، قومٌ يُحْسِنونَ القِيلَ، ويُسِيئونَ الفِعْلَ، يقْرؤونَ القرآنَ لا يُجاوِزُ تراقِيَهم، يَمْرُقونَ مِنَ الدِّينِ مُروقَ السَّهمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يَرْجِعونَ حتى يَرْتَدَّ علَى فُوقِهِ، هم شِرَارُ الخلْقِ والخلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قتَلَهم وقتَلوهُ، يُدْعَوْنَ إلى كتابِ اللهِ وليسوا منه فِي شيءٍ، مَنْ قاتَلَهم كان أَوْلَى باللهِ منهم، سيماهم التحليقُ".[١٧][١٨]
أطلق الخوارج على أنفسهم مسمّى الجماعة المؤمنة، وقد تعددت التسميات في خصوصهم على حسب الناظر لهم، كان ظهورهم على ظهر الخلافات والمشاكل السياسية التي حدثت في عهد الخليفة والصحابيّ الجليل عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وبعد أن كانوا من شيعته -كرّم الله وجهه- خرجوا عن نهجه واتّخذوا نهجًا يخصّهم بحجّة التوبة، ودعوا عليًّا بعد ذلك للتوبة على نهجهم، وعندما أبى ذلك خرجوا عليه وخرج لهم فقاتلوه وقاتلهم، وقد اتّصفوا بالتعصّب والتشدّد لمنهاجهم الذي وضعوه، ويعتبر ظهور الخوارج من علامات الساعة الصغرى التي ظهرت وانقضت فيما مضى من التّاريخ.[١٩]
ظهور نار الحجاز
جعل الله -سبحانه وتعالى- لقيام السّاعة أماراتٍ كثيرةً تدلُّ على قربِ قيامها، ومنها الآيات الصُغْرى، بعضُها وقع منذ قرونٍ وانقضى، وبعضُها نعاصره ونعايشه في حاضر الأيام، وبعضها لم يقع بعد، وهذه الآيات الَّتي تقع عبر القرون المُتتابعة ما هي إلّا موعظةً للمتّقين ورحمةً من الله -سبحانه وتعالى- للنَّاس ليعودوا إلى رُشْدِهم ويفيقوا من غفلتِهم، ويتوبوا إلى بارئهم، وظهور نار الحجاز من علامات السّاعة الصغرى التي انقضى حدوثها في زمنٍ ليس بقريب، وهي واحدة من أشراط السّاعة وعلاماتها الصّغرى وهي أن تخرج نارٌ ضخمةٌ من الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى الشّام.[٢٠]
هذا ما أخبر به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ في الصحيح من الحديث، فقال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِن أرْضِ الحِجازِ تُضِيءُ أعْناقَ الإبِلِ ببُصْرَى"،[٢١] وبالفعل ظهرت هذه النّار في عام أربع وخمسين وستمائة للميلادي، وهو ما يوافق منتصف القرن السابع للهجريّ، وقد وصف العلماء ممّن عايش هذه النّار بأنّها كانت عظيمةً وكبيرة، فيقول الإمام النووي فيها: "خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت نارًا عظيمة جدًا من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة".[٢٢]
ضياع الأمانة
جُبِل الإنسان بأصله على حفظ الأمانة، والخيانة على خلاف الأمانة هي مخالفةٌ للأصل ومن رجز الشياطين، فإذا ضاعت الأمانة ورُفِعَت من قلوب الرجال فانتظر الساعة، لأنّها ستنقلب الموازين وتفسد سرائر المسلمين، وسيتولّى مقاليد الأمور غير الأمناء، فتسود الفوضى، ويعمّ الفساد، وهذا أكبر مقتل يفسد نظام الحياة التي تسير به على نهج العقيدة الإسلاميّة الصحيحة، وقد روى أبو هريرة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إِذَا ضُيِّعَتِ الأمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ، قالَ: كيفَ إضَاعَتُهَا؟ قالَ: إذَا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"،[٢٣] وإسناد الأمر لغير أهله هو أكبر مشاكل المجتمع الحاليّ في الكثير الكثير من جوانبه.[٢٤]
وأحد المظاهر التي قد توافق ضياع الأمانة هي الأيّام الخدّاعات، والتي فيها يعطى الشيء على خلافه فيصدّق الكاذب ويؤتمن الخائن،[٢٤] إضافةً لانتشار الرويبضة بين العامّة، والرويبضة هم التافهون من الرجال، وهي أيضًا من علامات الساعة الصغرى وهو ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- في الصّحيح من الحديث، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ قيلَ وما الرُّوَيْبضةُ قالَ الرَّجلُ التَّافِهُ في أمرِ العامَّةِ"،[٢٥] وعلى ذلك فالمقاييس التي يقوم بها وعليها الرجال تختلّ قبل قيام الساعة، وهي نذير لقرب قيامها.[٢٦]
ظهور الكاسيات العاريات
واحدة من علامات الساعة الصغرى المنتشرة كما تنتشر النار في الهشيم بين نساء هذا الزّمان وهي ظهور النساء الكاسيات العاريات، وذلك بمعنى أنّ لباسهنّ لا يغني ولا يواري عوراتهن، فهي إمّا أن تكون شفافةً تبرز ما تحتها من جسد المرأة أو تكون ضيقةً ترسم تفاصيل أجسادهنّ فيتبرجن ويتزيّنّ، وإذا مشين تمايلن بمشيتهنّ، وقد جعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يخبر المسلم أنّ هذا الصنف من النساء لا يكون ممن يدخل الجنّة ولا حتّى ممن يشمّ ريحها العطرة.[٢٧]
وهو ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا"،[٢٨] وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "سيكونُ في آخِرِ أمَّتي رجالٌ يركَبونَ على سُروجٍ كأشباهِ الرِّحالِ ينزِلونَ على أبوابِ المساجدِ نساؤُهم كاسياتٌ عارياتٌ على رؤوسِهنَّ كأسنمةِ البُخْتِ العِجافِ، الْعَنُوهُنَّ فإنَّهنَّ ملعوناتٌ لو كان وراءَكم أمَّةٌ مِن الأممِ خدَمهنَّ نساؤُكم كما خدَمكم نساءُ الأممِ قبْلَكم".[٢٩]
انتشار الفحش والجهل والبخل
من علامات الساعة الصغرى انتشار الفواحش والزنا واستحلال الخمر والمعازف، وانتشار الجهل ولقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، ويَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ - وهو القَتْلُ القَتْلُ - حتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ"،[٣٠] والمقصود بقبض العلم عن علوم الدين من الكتاب والسنّة النبوية الشريفة، وعن أنس بن مالك قال: "إنَّ مِن أشْرَاطِ السَّاعَةِ أنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، ويَكْثُرَ الجَهْلُ، ويَكْثُرَ الزِّنَا، ويَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، ويَقِلَّ الرِّجَالُ، ويَكْثُرَ النِّسَاءُ حتَّى يَكونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ".[٣١][٣٢]
ومن علامات الساعة الصغرى ألا تقوم السّاعة إلّا على شرار الخلق ويكون شحّ النفوس والبخل في أشدّه، وهو مارواه معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "لا يزدادُ الأمرُ إلَّا شدَّةً ولا يزدادُ النَّاسُ إلَّا شُحًّا ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا على شرارِ النَّاسِ"،[٣٣] ولقد ذمّ القرآن الكريم هذا الخلق السيئ وقال الله تعالى في سورة آل عمران: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}،[٣٤] والبخل من الخصال التي لا يمكن أن تقبع في القلب السليم للإنسان المسلم.
المراجع
- ↑ سورة الأعراف، آية: 187.
- ^ أ ب "علم قيام الساعة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 14493، صحيح.
- ^ أ ب "علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 25-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 6636، أخرجه في صحيحه.
- ↑ سورة المعارج، آية: 06-07.
- ^ أ ب ت "بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وموته وانشقاق القمر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 867، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 3176، صحيح.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني ، في موافقة الخبر الخبر، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1/203، صحيح.
- ↑ سورة القمر، آية: 01.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2908، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 157، صحيح.
- ↑ "كثرة القتل وفشو الزنا من علامات الساعة الصغرى"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 23306، صحيح لغيره.
- ↑ "كثرة القتل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3668، صحيح.
- ↑ "علامات السَّاعَة الصغرى التي ظهرت وانقضت (2)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "الخوارج"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "علامات الساعة الصغرى"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7118، صحيح.
- ↑ "نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 59، صحيح.
- ^ أ ب "من أشراط الساعة : ضياع الأمانة"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3277، صحيح.
- ↑ "شروح الأحاديث"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "علامات الساعة الصغرى"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2128، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 5753، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1036، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5231، صحيح.
- ↑ "من أشراط الساعة .. شح النفوس"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن معاوية بن أبي سفيان، الصفحة أو الرقم: 8/17، رجاله رجال الصحيح.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 180.