ما هي فوائد شكر الله على نعمه
إنّ لشكر الله -عز وجل- فوائد وفضائل عديدة، نذكر منها ما يأتي:[١][٢]
- قَرْن الله -تعالى- الشُّكر بالإيمان في العديد من المواضع في القرآن الكريم، مثل قوله -تعالى-: (مَّا يَفْعَلُ اللَّـهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّـهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)،[٣] وجعل نتيجتهما النَّجاة من عذابه، والامتنان منه -سبحانه وتعالى- على عباده الشَّاكرين،[٤][٥] بالإضافة إلى أنّ شكره سببٌ لرضاه -سبحانه وتعالى-،[٦][٧] وجعل الله -تعالى- الشُّكر سبباً من أسباب إجابة الدعاء.[٨]
- شكر الله -تعالى- يجلب المزيد من النِّعم ويكثر منها، قال -تعالى-: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ)،[٩] وكلّما شكر العبد ربّه زاد عليه في النِّعم، والزِّيادة لا حدّ لها.[١٠][١١]
- النَّاس قسمان؛ الشَّكور والكَفور، فمن شكر الله -تعالى- على نعمة كان من عباد الله -تعالى- الشَّاكرين العابدين الذين يحبّهم الله -عز وجل-،[٧] قال -تعالى-: (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ).[١٢][١٣]
- وصّى الله -عزّ وجلّ- بالشُّكر له وللوالدين في قوله: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).[١٤][١٥]
- تمييز الله -عز وجل- الشُّكر عن غيره من العبادات؛ حيث لم يربط جزاءه بمشيئة الله -تعالى- مثل العبادات الأخرى كالرِّزق والمغفرة والتَّوبة، فقال في الشُّكر: (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).[١٦][١٧]
- شكر الله سببٌ لتجنّب خطوات الشيطان، فقد كان هدف إبليس أن يمنع النَّاس عن شكر الله -تعالى- كما أخبرت بذلك الآيات القرآنية في قوله -تعالى-: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ).[١٨][١٩]
- هدف الله -عز وجل- وغايته من خلق عباده هو شكره -سبحانه وتعالى-، حيث قال: (وَاللَّـهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ)،[٢٠][٥] وهو من مظاهر العبادة لله -تعالى-.[٢١][١٩]
- شكر الله -تعالى- هو نهج الأنبياء، حيث ساروا على مبدأ الشكر لله -عز وجل-، وكان هذا نهجهم وسبيلهم، ومنهم نوح -عليه السّلام- الذي كان أوَّل رسولٍ أرسله الله -تعالى- إلى خلقه، ومدحه وأثنى عليه فوصفه بكثرة الشُّكر حيث قال -تعالى-: (ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلنا مَعَ نوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبدًا شَكورًا)،[٢٢] وكلّ من جاء بعده اقتدى به، مثل إبراهيم، وموسى، ومحمد -عليهم الصّلاة والسّلام-.[٢٣][٢٤]
- منَّة الله -عز وجل- على عباده الشَّاكرين بالهداية،[٢٤] حيث قال -تعالى-: (وَكَذلِكَ فَتَنّا بَعضَهُم بِبَعضٍ لِيَقولوا أَهـؤُلاءِ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيهِم مِن بَينِنا أَلَيسَ اللَّـهُ بِأَعلَمَ بِالشّاكِرينَ)،[٢٥][٦] وهؤلاء قلَّةٌ من العباد، فقد قال الله -عز وجل-: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).[٢٦][٢٧]
- وصف الله -عز وجل- نفسه بالشّكور،[٢٨][٢٩] فقد سمّى نفسه شاكراً وشكوراً، وأعطى هذين الاسمين لعباده الشَّاكرين،[٢٧] مع الاختلاف بين شُكر الخالق وشُكر المخلوق، فشكر الله -عز وجل- بأن يضاعف الحسنة إلى عشرة أمثالها، ويُثنى على عبده بين الملائكة، ويعوِّضه إن ترك شيئاً من أجل مرضاته -عز وجل-، وغير ذلك.[٣٠]
- الشُّكر من أعلى المراتب عند الله -تعالى-، ويشمل الرّضا، وهو الشَّطر المكمِّل للإيمان مع الصّبر.[٢٩]
- وصْف الله -عز وجل- أهل عبادته بالشَّاكرين، حيث قال -عز وجل- في كتابه: (وَاشْكُرُوا لِلَّـهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).[٣١][٢٤]
كيفية شكر الله تعالى
يتحقّق شكر الله -تعالى- من خلال عدة أُمور، منها ما يأتي:[٣٢][٣٣]
- معرفة النِّعَم التي أنعم الله -عز وجل- بها على عباده، وتقديرها والتفكّر بها، واستخدامها فيما يرضي الواهب الذي منحها وأعطاها وهو الله -جلَّ جلاله-.[٣٤]
- العلم بأنّ الله -عز وجل- منحها بفضله على عباده؛ وليس لأنهم يستحقّونها.[٣٥]
- إضافة النِّعم إلى الله -عز وجل-، وشكره عليها باللِّسان، والاعتراف بها بالقلب، والعمل بها بالجوارح، والالتزام بأدعية الشكر.[٣٦][٣٥]
أقسام شكرالله تعالى
ينقسم شكر الله -تعالى- إلى عدَّة أقسامٍ، فيما يأتي ذكرها:
- الشّكر بالقلب؛ بأن يعلم العبد أنّ الذي أنعم على العباد بكلِّ هذه النِّعم هو الله -عز وجل- وحده،[٣٧] ابتداءً بنعمة الخلق والإيجاد ومروراً بجميع أصناف النِّعم المختلفة من الإسلام والإيمان والهداية وغيرها من النِّعم المختلفة.[٣٨]
- الشُّكر باللِّسان؛ وذلك أنّ اللِّسان يعبّر عمّا يجول في القلب، فإذا كان القلب شاكراً نطق اللِّسان بالحمد والشُّكر والثَّناء على الله -عز وجل-، ويظهر ذلك جليّاً في الأذكار التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينطق بها، ما بين حمدٍ لله -تعالى- وشكرٍ له،[٣٩] بالإضافة إلى الرّجاء؛ فإن أنْعَم الله -عز وجل- على عبده بالنِّعم كان راجياً لربّه أن يديمها عليه في الدُّنيا والآخرة، وأن يعفو عنه في الآخرة.[٤٠]
- الشُّكر بالجوارح؛ ويكون ذلك من خلال استخدام الأعضاء من العينين والأذنين واليدين وغيرها من الجوارح التي أنعم الله بها على عباده في طاعة الله -عز وجل-،[٤١] واتّباع أوامره، واجتناب ما نهى عنه الله -عز وجل-.[٣٧]
المراجع
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 247، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ عبد الرزاق البدر (2003)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، صفحة 271-272، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 147.
- ↑ محمد المنجد (2009)، أعمال القلوب - الشكر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مجموعة زاد للنشر، صفحة 42. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 249، جزء 6. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد المنجد (2009)، أعمال القلوب - الشكر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مجموعة زاد للنشر، صفحة 43. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 246، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ محمد المنجد (2009)، أعمال القلوب - الشكر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مجموعة زاد للنشر، صفحة 47. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم، آية: 7.
- ↑ عبد الرزاق البدر (2003)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، صفحة 270، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري، موسوعة فقه القلوب، عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 1966، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 7.
- ↑ عبد الرزاق البدر (2003)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، صفحة 270-271، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية: 14.
- ↑ عبد الرزاق البدر (2003)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، صفحة 271، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 145.
- ↑ محمد المنجد (2009)، أعمال القلوب - الشكر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مجموعة زاد للنشر، صفحة 45-46. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 17.
- ^ أ ب عبد الرزاق البدر (2003)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، صفحة 272، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 78.
- ↑ حسين بن محمد المهدي، صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال، صفحة 377. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 3.
- ↑ عبد الرزاق البدر (2003)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، صفحة 273-274، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 248، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 53.
- ↑ سورة سبأ، آية: 13.
- ^ أ ب ابن قيم الجوزية (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 233، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد المنجد (2009)، أعمال القلوب - الشكر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مجموعة زاد للنشر، صفحة 46. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن قيم الجوزية (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 232، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري، موسوعة فقه القلوب، عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 1967، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 172.
- ↑ عبد الرحمن السعدي، القول السديد شرح كتاب التوحيد (الطبعة الثالثة)، الرياض: مجموعة التحف النفائس الدولية، صفحة 140. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة،فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 206، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1996)، الدرر السنية في الأجوبة النجدية (الطبعة السادسة)، صفحة 462، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الله الغنيمان، شرح فتح المجيد، صفحة 8، جزء 114. بتصرّف.
- ↑ أحمد فريد (1993)، تزكية النفوس، الاسكندرية: دار العقيدة للتراث، صفحة 88. بتصرّف.
- ^ أ ب صفي الدين الهندي (1996)، نهاية الوصول في دراية الأصول (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: المكتبة التجارية، صفحة 736، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 206-208، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 208-209، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 244، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ أحمد بن عجيبة (2002)، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 481، جزء 4. بتصرّف.