ما هي مراحل خلق الإنسان

كتابة:
ما هي مراحل خلق الإنسان

أصل الإنسان من طين

لقد خلق الله -عزَّ وجلَ- الإنسانَ من ترابٍ؛ ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ)،[١] كما خلقه من ماء؛ ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ)،[٢] وبناءً على ذلك يُمكن القول بأنَّ أصل خلقِ الإنسانِ من طينٍ، وهذا ما أخبر عنه الله -عزَّ وجلَّ- في القرآن الكريم،[٣] حيث قال: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ).[٤]

مرحلة النطفة

إنَّ النُّطفةَ في اللغةِ تعني الماء القليل، أمَّا بالاصطلاحِ الشرعي فهي عبارة عن ماء المنيِ الذي يُولّدُ منه الجنين، وبناءً على ذلك يُمكن القول بأنَّ أول مرحلةٍ من مراحلِ خلق الإنسانِ هي مرحلة النطفةِ؛ التي تمكثُ فترةً من الزمنِ في رحمِ المرأةِ، حتى تنتقلَ إلى مرحلةٍ أخرى،[٥] وقد جاء ذكر ذلك في قول الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ).[٦]

مرحلة العلقة

ثمَّ بعد أن يمكثَ المَنيُ في رحمِ المرأةِ فترةً من الزمنِ، فإنَّه يتحوَّل إلى قطعةٍ من الدمِ الجامد الغليظ، فيعلقُ في رحمِ المرأةِ، وبذلك يدخل الإنسانُ في المرحلةِ الثانيةِ من مراحلِ خلقهِ، وهي مرحلةُ العَلَقةِ،[٧] وقد جاء بيان ذلك في قول الله -تعالى-: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً).[٨]

مرحلة المضغة

بعد مرحلةِ العَلَقة، فإنَّ الجنينَ يدخل في مرحلةٍ جديدةٍ من مراحل خلقه، وهي مرحلة المُضغةُ؛ والتي يُمكن تعريفها على أنَّها قطعةٌ من اللحمِ التي تُشبه في مظهرها اللُّقمةُ المَمْضوغة، وهي فعلاً تبدو وكأنّ فيها أثر أسنان ظاهرة، وقد أخبر الله -عزَّ وجلَّ- عن هذه المرحلة في القرآنِ الكريم،[٩] حيث قال تعالى: (ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ).[١٠]

وقد قامَ أهل العلمِ بتفسيرِ المضغة المُخلَّقة وغير المُخلَّقة، بثلاثة معانٍ، وفيما يأتي بيانها بشيءٍ من التفصيلِ:[٩]

  • المعنى الأول

أنَّ المضغة المُخلَّقة هي التي تكوِّن الجنين نفسه، بينما المضغة غير المُخلَّقة فهي عبارة عن الأغشية، والحبل السري، والمشيمة التي تتكونُ في هذه المرحلة، والتي تسقطُ بعد الولادةِ مباشرةً.

  • المعنى الثاني

أنَّ بقيةَ الأجزاءِ المتكوِّنة حول الجنينِ من مشيمةٍ وأغشيةٍ وحبلٍ سريٍّ، لا تدخلُ في معنى المضغةَ؛ وبناءً على ذلك لا علاقةَ للمضغةِ في هذه الأجزاء؛ إذ أنَّها لا تكتملُ إلَّا في المراحل التالية لهذه المرحلة، وعلى هذا فإنَّ الجنينَ نفسه في مرحلةِ المضغةِ، يكونُ في ذاتِ الوقتِ عبارة عن مضغة مُخلَّقة وغير مُخلَّقة.

  • المعنى الثالث

أنَّ المضغة المُخلَّقة عبارة عن قسمٍ من أقسامِ الخلايا المتخصّصة، والتي تكوِّن أعضاء الجنين؛ بينما المضغة غير المُخلَّقة هي القسم الثاني من الخلايا، والتي تكونُ بمثابة الاحتياطِ، التي تحلُّ محلَّ الخلايا المخلَّقة إذا ماتت.

مرحلة خلق العظام واللحم

ثمَّ بعد ذلك ينتقل الجنينُ إلى مرحلةٍ مختلفةٍ تمامًا من حيث الشكلِ والهيئة؛ إذ أنَّ المضغةَ في هذه المرحلة تتحولُ إلى عظامٍ تشكِّل هيكل هذا الجنينِ، ثمَّ يكسو الله -عزَّ وجلَّ- تلك العظامَ باللحمِ،[١١] وقد جاء تفصيل ذلك في قول الله -تعالى-: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا).[١٢]

مرحلة نفخ الروح

وهذه هي المرحلة الأخيرة من مراحل خلقِ الإنسانِ، وقد بيَّن الله -عزَّ وجلَّ- في القرآنِ الكريمِ اختلاف هذه المرحلة تمام الاختلافِ عمَّا سبقها من مراحل؛ حيث قال الله -تعالى-: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)،[١٢] ويرجعُ سر الاختلافُ في هذه المرحلة إلى أنَّ حياةَ الجنينِ تبدأ فيها؛ فتُبدأ حياته بمجردِ نفخِ الروحِ فيهِ.

فتنتقلُ حياته من حياةٍ اعتباريةٍ إلى حياةٍ حقيقيةٍ، يتحوَّل فيها من قطعةِ جمادٍ لا تشعر ولا تتحرّكِ، إلى كائنٍ حيٍ يشعرُ ويتأثّرُ،[١٣] وقد تباينت آراء أهل العلمِ في الوقتِ الذي تُنفخُ فيهِ الروحِ، وفيما يأتي تفصيلُ أقوالهم:

  • القول الأول

تُنفخُ الروحُ في الجنينِ بعد الليلة الثانية والأربعينَ من استقرارِ النطفةِ في الرحمِ؛ وقد استدلَّ أصحاب هذا القولِ،[١٤] بالحديثِ الذي رواه عامر بن واثلة -رضي الله عنه-: (إذَا مَرَّ بالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً، بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا، فَصَوَّرَهَا... ثُمَّ يَخْرُجُ المَلَكُ بالصَّحِيفَةِ في يَدِهِ، فلا يَزِيدُ علَى ما أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ).[١٥]

  • القول الثاني

تُنفخ الروح في الجنين بعد اليومِ المائة والعشرين،[١٦] وقد استدلَّ أصحاب هذا القول بالحديث الذي رواه عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: حيث قال: (إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ... ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ).[١٧]

المراجع

  1. سورة الحج، آية:5
  2. سورة النور، آية:45
  3. حصة أحمد عبدالله الغزال، نظرة القرآن في حكمة خلق الإنسان، صفحة 24-25. بتصرّف.
  4. سورة المؤمنون، آية:12
  5. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 4، جزء 17. بتصرّف.
  6. سورة غافر، آية:67
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 283، جزء 30. بتصرّف.
  8. سورة المؤمنون، آية:14
  9. ^ أ ب آمال صادق، نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين (الطبعة 4)، صفحة 42-43. بتصرّف.
  10. سورة الحج، آية:5
  11. ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس:الدار التونسية للنشر، صفحة 24، جزء 18.
  12. ^ أ ب سورة المؤمنون، آية:14
  13. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دار السلاسل، صفحة 265، جزء 18. بتصرّف.
  14. ليلى عطار (1998)، آراء ابن الجوزي التربوية، ميريلاند- الولايات المتحدة الأمريكية:منشورات أمانة للنشر، صفحة 210-211. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عامر بن واثلة، الصفحة أو الرقم:2645، صحيح.
  16. دبيان الدبيان (1436)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة 3)، صفحة 370، جزء 9. بتصرّف.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3208، صحيح.
5228 مشاهدة
للأعلى للسفل
×