محتويات
ما هي مكارم الأخلاق
تُعرّف العرب مصطلح الخلق في اللغة بأنه: الطبع والسجية، أي الصفات الثابتة في الإنسان، بحيث تصبح طبعاً وعادة يصعب مخالفتها أو حتى تغيرها، فالنَّفس لها صورةٌ وأوصافٌ باطنةٌ غير ظاهرةٍ، منها ما هو حسنٌ، ومنها ما هو قبيحٌ، وهذا ما اختاره ابن منظور.[١]
وأمَّا في الاصطلاح: فهي الصِّفات التي تقوم عليها نفس الإنسان، وتترسَّخ فيه، فإمَّا أن يستحقَّ المدح والثَّناء أو الذمَّ، وعلى ذلك فإنَّ الأخلاق تنقسم إلى قسمين: أخلاقٌ حسنةٌ كريمةٌ، وأخلاقٌ سيئةٌ مذمومةٌ.[١]
وقد جاءت الشَّريعة لتهذِّب الطِّباع وتتمِّم الأخلاق، بجعل العقاب والثَّواب لكلٍّ منها، وفي هذا المقال سنتحدث عن مجموعة من الأخلاق التي تجلب لصاحبها التكريم والثناء من الله -سبحانه- ومن ثمَّ النَّاس.[١]
حث الاسلام على مكارم الأخلاق
وردت العديد من الأدلة الشَّرعيَّة التي تؤكِّد على ضرورة التَّحلِّي بالأخلاق الحسنة، وتحذِّر من الأخلاق السَّيئة، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعاليَ الأخلاقِ، و يَكرَهُ سَفْسافَها).[٢]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقِ اللَّهِ حيثُ ما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ).[٣]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أسأتَ فأَحْسِنْ قال: يا نبيَّ اللهِ زدني، قال: اسْتَقِمْ، ولتُحَسِّنْ خُلُقَكَ).[٤]
- ما ثبت في صحيح مسلم عن خلق النبي: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَهُمْ خَلْقًا).[٥]
- سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ؟ قَالَ: خُلُقٌ حَسَنٌ).[٦]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفضلُ المؤمنينَ أحسنُهم خُلقًا).[٧]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ خِيَارَكُمْ أحَاسِنُكُمْ أخْلَاقًا).[٨]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أَحَبَّكُم إليَّ، وأَقرَبَكُم مِنِّي في الآخِرَةِ: أحاسِنُكُم أخلاقًا).[٩]
- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأحد الصحابة: (إِنَّ فيكَ لَخُلُقَيْنِ يحبُّهُما اللهُ، قُلْتُ: و ما هُما يا رسولَ اللهِ؟ قال: الحِلْمُ و الحَياءُ).[١٠]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم اهدِني لِأحسَنِ الأخلاقِ، لا يهدي لِأحسَنِها إلَّا أنتَ، واصرِفْ عنِّي سيِّئَها لا يصرِفُ عنِّي سيِّئَها إلَّا أنتَ).[١١]
فضل التخلق بمكارم الأخلاق
إن التخلُّق بمكارم الأخلاق يعكس على حياة المسلم فضائل عدَّة، منها ما يُرى أثره على نفسه، ومنها ما يرى أثره بين النَّاس، ومن هذه الفضائل:[١٢]
- موافقة الآخرين على الخير، وقلَّة مخالفتهم.
- الصُّحبة وما يصاحبها من وفاء والأخوَّة في الله.
- ترك المداهنة، وهي أن يخلو الصِّدق من تصرفات الشخص مع الآخرين.
- الدِّفاع عن الآخرين، وإحسان الظنِّ بهم.
- تحمُّل الأذى، والصَّبر والاحتساب.
- السَّعادة والرَّاحة النفسيَّة والماديّة.
- الابتعاد قدر الإمكان عن الأخلاق السَّيئة والخصال المذمومة.
- عدم التعلُّق في الدنيا.
- الِّلين والرَّحمة، وحسن المعاشرة للأهل.
- حسن التَّعامل مع الخدم.
- حسن التَّعامل مع أهل التِّجارة، وتعلُّم طلب الرِّزق بحكمة، وتذكر الآخرة.
- حسن الجوار، وتفقد الأقارب والأصحاب بالزِّيارة وحسن السؤال.
- بشاشة الوجه، وكثرة الاستبشار.
- مشاركة النَّاس في أفراحهم وأحزانهم.
- ترك التمنُّن على الآخرين.
- تذكر النَّاس لصاحب الخلق في الحياة وبعد الممات.
- ستر عورات الآخرين.
- انتشار العفو والمسامحة.
- حفظ العهود والوعود وقبول الاعتذار.
- الابتعاد عن الخوض في أعراض النَّاس وعيوبهم.
- المسارعة في قضاء الحوائج.
- التحلِّي بالآداب الجليلة؛ كآداب الاستئذان.
أهم الأخلاق الكريمة
إنَّ الأخلاق الحسنة تعدُّ من الأمور المهمَّة التي تقوم عليها وحدة أبناء الإسلام؛ لكونها القاعدة الأساسيَّة لذلك، فيتصل بها عددٌ من المكارم التي دعا إليها الشَّرع، وحبَّب بالتَّحلي بها، لفعل النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لها، وتحذيره ممَّا يكون مخالفاً لها، وفيما يأتي بيان بعض هذه الأخلاق الكريمة.[١٣]
خلق العفة
العفَّة في الُّلغة: بمعنى الكفِّ والابتعاد، وأمَّا في الاصطلاح: ضبط النَّفس عن الشَّهوات والنَّزوات، والابتعاد عن كلِّ مظاهر الإسراف في الملذَّات، والاعتدال والاكتفاء بما يقيم الجسد، ويحقِّق صحَّته، وقد جاء في القرآن الكريم ما يبيِّن أمر الله -تعالى- بطلب التحلِّي بالعفَّة.[١٤]
قال الله -سبحانه-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)،[١٥] وقوله -سبحانه-: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)،[١٦] وفي هذا طلب للابتعاد عن الحرام أو مقدماته، كإطلاق البصر.[١٤]
خلق المروءة
تعرَّف المروءة بأنَّها: اجتناب ما يعيب، والبحث عن ما يزين الإنسان، والتزام الأدب، والحث على التأدُّب،[١٧] وقد بيَّن ابن القيم حقيقة المروءة، فجعلها باستعمال كلِّ ما يجمِّل وترك كل ما يدنِّس، فمروءة اللسان بحلاوته وطيب حديثه، ومروءة المال إنفاقه على وجه حقٍّ.[١٨]
كما جعل ابن القيم المروءة على ثلاث درجات، مروءة الإنسان مع نفسه، ومروءته مع الخلق، ومروءته مع الحقِّ -سبحانه-.[١٨] ومن الأحاديث الدالة على هذا الخلق، مارواه أنس بن مالك في الحديث الضعيف، عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (منَ المروءةِ أنْ يُنْصِتَ الأخُ لأخِيه إذا حدَّثَه، و منْ حُسن ِالمماشاةِ أنْ يقفَ لأخيهِ إذا انقطعَ شَسْعَ نعلِهِ).[١٩]
خلق الإيثار
ويُقصد به تفضيل الإنسان غيره على نفسه، فيبذل لهم ما لديه؛ ليحقِّق بذلك سعادتهم، يقول -سبحانه-: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)،[٢٠] وقد تعدَّدت صور الإيثار، ووردت العديد من الأمثلة عليها في الهدي النَّبوي، كإيثاره -صلى الله عليه وسلم- لأحد الصَّحابة على نفسه عندما أعطاه ثوبه بعد ما رآها عليه واستحسنها.[٢١]
خلق التواضع
يتلخّص خلق التواضع: بمعرفة الإنسان لقدر نفسه وعدم التكبُّر والغرور، فيتواضع الإنسان لجميع النَّاس، الأصغر سناً، والأكثر علماً، أو الأقدم خبرة، ولا بأس من إظهار نعمة الله على العبد، لكن دون خيلاء أو قصد التكبُّر،[٢٢] يقول -صلى الله عليه وسلم-: (وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ).[٢٣]
خلق الرضا والقناعة
يعرَّف الرضا: باليأس ممَّا في أيدي النَّاس، والاطمئنان لما منح الله -سبحانه- وأعطى، فهو عكس الطمع،[٢٤] فالرِّضا والقناعة هو باب عظيم يكون بالصَّبر على الابتلاء، والتجلُّد على الألم وكثرة الشَّكوى،[٢٥] وعدم السخط على ما قدره الله، والراضي عن الله يكون له الرضا منه -سبحانه-.[٢٦]
طرق اكتساب الأخلاق الحسنة
إن طرق اكتساب الأخلاق الفاضلة من أهم الأمور، ومن هذه الطرق:[٢٧]
- معرفة عيوب النفس؛ للعمل على إصلاحها.
- الحرص على العلم والتوجيه معاً، كأن يتخذ المسلم شيخاً أو معلماً تقياً.
- الصحبة الصالحة.
- مخالطة الناس، واكتساب كل ما هو حسن، وتفادي كل ما هو قبيح.
- تحسين البواطن قبل الظواهر.
- المجاهدة، وتدريب النفس على الأخلاق الحميدة.
- الابتعاد عن كل ما يدعو النفس للرذائل وسوء الخلق.
- العزم والوفاء بالالتزام.
المراجع
- ^ أ ب ت عمر الأشقر، نحو ثقافة إسلامية أصيلة، صفحة 157-158. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:1889، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي ذ الغفاري، الصفحة أو الرقم:1987، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1228، حسن.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:2337، صحيح.
- ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أسامة بن شريك، الصفحة أو الرقم:16، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1128، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6035، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي ثعلبة الخشني، الصفحة أو الرقم:2662، صحيح لغيره.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الأدب المفرد، عن أشج عبدالقيس المنذر بن عائذ بن المنذر، الصفحة أو الرقم:454، صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج صحيح ابن حبان، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1772، إسناده صحيح على شرط مسلم.
- ↑ أبو البركات الغزي، آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة، صفحة 38-61. بتصرّف.
- ↑ إسحاق السعدي، دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه، صفحة 426. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 404-405. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية:30
- ↑ سورة النور، آية:33
- ↑ صالح بن جناح، الأدب والمروءة، صفحة 12. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن القيم، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، صفحة 334-335. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:8203، ضعيف.
- ↑ سورة الحشر، آية:9
- ↑ ياسر عبد الرحمن، موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق، صفحة 258. بتصرّف.
- ↑ سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 9-10. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2588، صحيح.
- ↑ شهب الدين الأبشيهي، المستطرف في كل فن مستطرف، صفحة 79. بتصرّف.
- ↑ المغراوي، موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية، صفحة 456. بتصرّف.
- ↑ أحمد الطيار، حياة السلف بين القول والعمل، صفحة 463. بتصرّف.
- ↑ [محمد صالح المنجد]، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1569. بتصرّف.