ما هي نعم الله على الإنسان

كتابة:
ما هي نعم الله على الإنسان

نعمة معرفة الله تعالى 

إنّ معرفة الله سبحانه وتعالى من أعظم النِعم على الإنسان، فمعرفة الله تمنح المؤمن ثقة فى دينه؛ لأنّ حقيقة العلم بوجوده تمنح العبد القدرة على تحمّل مصاعب الدنيا؛ لعلمه بوجود ربّ يملك صفات الكمال والعدل وتنتهي إليه جميع أمور البشر.[١]

وكل قدرٍ من ربّ عادلٍ رحيم يملأ الروح بالرضى، فيطمئن القلب وترتاح النفس لهذه المعرفة، ومعرفة الله عند المسلم توجب الحب والطاعة، وتوجب الحياء منه عند الذنب، وتوجب السعي لرضاه.[١]

نعمة إرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية

إرسال الرسل وإنزال الكتب نعمة من نِعم الله تعالى؛ فهما وسيلة الهداية إلى الله تعالى، فالرسل يرشدون الناس إلى طرق الإيمان ومعرفة الله، ولا يطلبون أجر دنيا وإنما غايتهم أن يصل العباد لمعرفة ربهم، ويسيرون إليه حتى يبلغوا جنته، وهي نعمة عامة لم يختص الله بها المؤمنين، وإنما أرسل الرسل ونزلت الكتب للنّاس كافة.[٢]

نعمة خلق الإنسان 

أوجد الله عز وجل الإنسان بعد أن كان عدمًا، ولعل هذه من أجل النِّعم التي تستحق الشكر، وقدّر الله سبحانه وشاءت إرادته خلق الإنسان في أحسن تقويم، فقال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)،[٣] ثم كرّمه بالعقل والفؤاد والإرادة، وأتمّ نعمه عليه فخلق له السمع والبصر، وعلمه البيان، ومن ثم سخّر له كلّ ما فى الكون بعد خلقه وإيجاده.[٢]

وخلق الله تبارك وتعالى الحيوان والنَّبات، وخلق الكون وكلَّ العوالم، وسخّر ذلك للإنسان وجعله خليفةً في الأرض ليعمّرها، وأنعم على جميع عباده بنعم كثيرة، حيثُ قال في مُحكَم التنزيل: (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم)،[٤] وقال في آية أُخرى: (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ).[٥]

ودعت الآيتان للتفكر فى نِعم الله سبحانه ليقوم المومن بحق الشكر، وإنعام الله -عز وجل- على الإنسان بنعم عديدة فيه إشارة على عناية وتكريم الله للإنسان؛ إذ لو جلس الإنسان مع نفسه يتفكّر في نِعَم الله -سُبحانه وتعالى- عليه لأمضى الساعات الطويلة دون إحصاءٍ لعظمتها وكثرتها، وهذا تأكيد لعناية الله به، قال الله -سُبحانه وتعالى-: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً).[٦]

نعمة خلق السموات والأرض

هيّأ الله عز وجل الكون للإنسان قبل خلقه، فخَلقَ السماوات والأرض وما فيهما من أجله، وخلقُ السموات والأرض من النعم الواضحة التي تستحق الحمد، فالأرض تحمل الإنسان وتساعده على أداء كل ما يحتاجه، والسماء فيها غيوم تظلّه، وكل ما فيهما مسخر لأجله.

وقد جاء ذكر خلق السموات والأرض في القرآن الكريم مقرونًا بحمد الله عز وجل، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)،[٧] ومن هنا نلاحظ كيف أن الآية الكريمة أشارت ونبّهت إلى أن خلق السموات والأرض نعمة يستحقّ خالقهما الحمد.[٨]

ولو أمعنّا التفكير لوجدنا أن كل ما في السماوات والأرض نِعَم مسخرة للإنسان؛ فالسماء تمطر فيسقي بها الإنسان نفسه وزرعه، والأرض ينبت فيها الثمر بمجرد زراعتها، والشمس والقمر يتعاقبان فيكون النهار وقت عمل الإنسان، ومن ثم يأتي الليل ليكون وقت راحته.[٩]

وبهذا يكون كل ما في السماوات والأرض قد هيّأه الله بقدرته لخدمة الإنسان وراحته دون جهد منه أو سعي لذلك، وبالتالي فإن كل ما هو موجود فيهما يكون منبهًا ومذكرًا للإنسان بوجود خالق منعم كريم.[٩]

نعمة تسخير الكون للإنسان

ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم آيات عديدة تنبّه الإنسان إلى أن الموجودات التي في الكون مسخّرات لأجله، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)،[١٠] وفي الآية إشارة إلى تسخير ما في الكون للإنسان من أرض وسماء وشجر ودواب لراحته وسعيه، بالإضافة إلى اليل والنهار والنجوم والبحار، فهذه كلها نعم أنعمها الله على الإنسان.[١١]

نعمة طيبات الحياة الدنيا

أباح الله عز وجل أشياء كثيرة للإنسان في هذا الكون؛ كالطعام والماء وغيرها من النعم، وإباحة الله عز وجل لهذه الطيبات توجيه منه لأن يستخدم الناس هذه النعم في سبيل مرضاته، وقول الله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)،[١٢] هو دعوة من الله لكي يتنعم الإنسان بالنعم باستعمالها في الحياة، وفي الآية إنكار على من يرفض هذه النعم ويحرم نفسه أو غيره منها.[١٣]

كيفية المحافظة على النعم

ذُكرت في القرآن الكريم آيات عديدة نستطيع أن نستنبط منها طرقًا يتم بها الحفاظ على النعم، ومن هذه الطرق التي وجهنا إليها الله عز وجل:[١٤]

  • استعمال النعم في طاعة الله والبعد عن استعمالها في المعاصي

وقد نبّه إلى ذلك قول الله عز وجل: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)،[١٥] ففي الآية إشارة إلى أن الإيمان والتقوى تتحقق بالطاعات والبعد عن المعاصي، وهي سبب لحصول الخير للإنسان ودفع الشر عنه وإدامة النعم عليه.

  • حمد الله على النعم وعدم كفرانها

قال تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)،[١٦] ففي الآية الكريمة تنبيه إلى ضرورة حمد الله -تعالى- وشكره على النعم، فهما سبب لحفظها وإدامتها، وبالمقابل فإن عدم شكر النعم وكفرانها قد يكون سببًا لانقطاعها.

المراجع

  1. ^ أ ب ابن القيم، الفوائد، صفحة 170. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 177. بتصرّف.
  3. سورة التين، آية:4
  4. سورة النحل، آية:18
  5. سورة إبراهيم، آية:34
  6. سورة لقمان، آية:20
  7. سورة الأنعام ، آية:1
  8. علي الماوردي، تفسير الماوردي ،النكت والعيون، صفحة 92. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمد الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 57. بتصرّف.
  10. سورة لقمان، آية:20
  11. عبد الله التركي، كتاب حقوق الإنسان في الإسلام للتركي، صفحة 46. بتصرّف.
  12. سورة الأعراف، آية:32
  13. عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 391.
  14. عبد العزيز بن باز، مجموع فتاوى ابن باز، صفحة 155. بتصرّف.
  15. سورة الأعراف، آية:96
  16. سورة الواقعة، آية:68-70
6248 مشاهدة
للأعلى للسفل
×