ما يستفاد من حديث اجتنبوا السبع الموبقات

كتابة:
ما يستفاد من حديث اجتنبوا السبع الموبقات

ما يستفاد من الحديث

ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ)،[١] ويُستفاد من الحديث السابق عدّة أمور، ومنها ما يأتي:

  • عظم الشريعة الإسلامية ورقيها في اعتنائها بجميع جوانب الحياة ومقاصدها؛ إذ إن في النهي عن هذه الكبائر حفظاً للدين والنفس والعقل والمال والعرض والنسل، وهي الضروريات الخمس التي لا تقوم الحياة بدون حفظها، وفي البعد عن هذه الكبائر حفظاً لها من جانب العدم.
  • خطورة هذه المعاصي المذكورة في الحديث وشدة جرمها؛ وهذا واضح من اعتناء النبي بذكرها والتحذير منها في حديث واحد.
  • إن الهلاك الحقيقي والخسران الحقيقي هو دخول العبد النار؛ وذلك يوم القيامة، لذلك سمى النبي هذه المعاصي موبقات أي مهلكات.
  • إن البعد عن هذه المعاصي يتطلب البعد عما يقرب إليها؛ لأنه من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه، لذلك جاء النهي عن هذه المعاصي بلفظ (اجتنبوا).

وقد جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بكل ما هو حسن والنهي عن كل ما هو قبيح ، والمعاصي قُبحها على درجات فليست كلها في درجة واحدة من الإثم؛ فبعضها جرمها أعظم وهي المسماة بالكبائر، وبعضها جرمها أصغر وهي المسماة بالصغائر، ثم الكبائر تتفاوت أيضاً في قبحها، وقد جاء هذا الحديث منبهاً أعظم هذا الكبائر وأشدها جرماً، لذلك فهو يعتبر أصلاً في هذا الباب.

نص الحديث وحكمه

ثبت الحديث في صحيح البخاري، ورواه الإمام النسائي في السنن عن أبي هريرة أيضاً ولكن بلفظ: (اجتَنِبوا السَّبعَ الموبقاتِ، قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ وما هي؟ قالَ: الشِّركُ باللَّهِ، والشُّحُ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليتيمِ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ، وقَذفُ المحصَناتِ الغافِلاتِ المُؤْمِناتِ)،[٢] فذكر الشح مكان السحر.

والحديث صحيح متفق على صحته، وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة التي تلقتها الأمة بالقبول، وقد جاءت روايات أخرى للحديث فيها ذكر بعض الخصال الأخرى مكان بعض المذكورة في الرواية أعلاه ، كما جاء في بعض الأحاديث عدها تسع مكان سبع ، وقد جمع ابن حجر -رحمه الله- هذه الروايات والخصال في شرحه للحديث وعدها عشرين خصلة.

قال الإمام ابن حجر: "وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ مَا وَرَدَ مَرْفُوعًا بِغَيْرِ تَدَاخُلٍ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَهِيَ السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ؛ وَالِانْتِقَالُ عَنِ الْهِجْرَةِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالْعُقُوقُ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَالْإِلْحَادُ فِي الْحَرَمِ وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَالنَّمِيمَةُ وَتَرْكُ التَّنَزُّهِ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغُلُولُ وَنَكْثُ الصَّفْقَةِ وَفِرَاقُ الْجَمَاعَةِ فَتِلْكَ عِشْرُونَ خَصْلَةً".[٣]

معنى الحديث

هذا الحديث يحذر فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- أمته من ارتكاب سبع معاصٍ هن أكبر المعاصي وأعظمها جرماً عند الله -تعالى-، وسماها "موبقات" يعني: مهلكات من وبِقَ الرجل إذا هلك؛ لأن هذه المعاصي تُهلك صاحبها، وتورده النار يوم القيامة إن لم يتب عنها.[٤]

وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (اجتنبوا) أبلغ في التحذير؛ لأن الاجتناب يعني عدم الاقتراب، وعدم الاقتراب يقتضي الابتعاد عن هذه المعاصي وعن كل ما يقرب منها ويؤدي إليها،[٥] ثم ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه المعاصي، وهي كما يأتي:

  • الشرك

ويدخل فيها الشرك الأكبر المخرج من الملة الذي لا يُغفر لصاحبه إن مات عليه، والشرك الأصغر غير المخرج من الملة.

  • السحر

ويقصد به من حيث الأصل الذي فيه استعانة بالجن وتعاويذ غير شرعية.

  • قتل النفس بغير حق

وهو ما كان ظلماً وعداوناً دون ما أبيح في الشريعة.

  • أكل الربا

وهو من أكل أموال الناس بالباطل، ويوجد أنواع للربا وأبواب عدة تكلم الفقهاء عنها بالتفصيل.

  • أكل مال اليتيم

لذا من كان في حجره يتيم وله مال فتعدى وأخذ من ماله بغير وجه حق؛ فقد وقع في كبيرة من الكبائر.

  • التولي يوم الزحف

يعني الهروب أمام العدو في المعركة لما فيه من تخذيل المسلمين وإضعاف شوكتهم، إلا ما استثناه القرآن وهو المتحرف لقتال أو المتحيز غلى فئة.

  • قذف المحصنات المؤمنات

يعني رميهن بالزنا والفاحشة بغير بينة.

المراجع

  1. رواه الإمام البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2766، صحيح.
  2. رواه الإمام النسائي، في سنن النسائي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3671، صحيح.
  3. ابن حجر العسقلاني، كتاب فتح الباري لابن حجر، صفحة 183.
  4. الإمام النووي (1392)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن حجاج (الطبعة 2)، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 84، جزء 2.
  5. عبد الرؤوف المناوي (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة 1)، مصر:المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 153، جزء 1.
4077 مشاهدة
للأعلى للسفل
×