الديانة المجوسية
تُعرف الديانة المجوسية باسم الديانة الزرادشتية نسبة لزرادشت، وهي ديانة قديمة ظهرت في آسيا، وهي الدين الرسمي لعدد من الإمبراطوريات القديمة في آسيا أهمها بلاد فارس أو الدولة الساسانية، وينتشر المجوس اليوم في الهند وأفغانستان وأذربيجان ومنهم من هاجر إلى أمريكا وأوروبا وكندا، ويبلغ عددهم بين 145 ألف إلى 2.6 مليون نسمة، وتعتبر الزرادشتية أو المجوسية من أقدم الديانات في العالم حيث يرجع ظهورها إلى 3500 سنة تقريبًا، وتعتبر هذه الديانة ديانة تعتقد بوجود إلهين: إله الشر وإله الخير والنور، وهذا المقال سيجيب عن السؤال القائل: ماذا يعبد المجوس؟ والسؤال: هل المجوس من أهل الكتاب؟[١]
ماذا يعبد المجوس
إنَّ إجابة السؤال: ماذا يعبد المجوس؟ هي أنَّ المجوس هم عبدة النار، وهم خدام النار أيضًا، يقول القرطبي عنهم: "والمجوس هم عبدة النيران القائلينَ إنَّ للعالم أصلين: نور وظلمة"، وقيل أيضًا فيهم: "إنَّ هذه المجوسية شرُّ دين، ليس فيها تكرُّم العرب، ولا علم أهل الكتاب، ينكحون ما يستحى من نكاحه، ويأكلون ما يُتكرَّم عن أكله، ويعبدون في الدنيا نارًا تأكلهم يوم القيامة"، وقال ابن القيم إجابة عن سؤال: ماذا يعبد المجوس: "ومن كيده -أي: الشيطان- وتلاعبه: ما تلاعب بعبّاد النار، حتى اتخذوها آلهةً معبودةً"، وتذكر الروايات إنَّ عبادة النار وُجدت منذ عهد قابيل، حيث قتل أخاه هابيل وهرب من أبيه فجاءه إبليس وسوس له وأقنعه ببناء بيت نار يتعبد به، فبنى قابيل بيت النار وعبدها، ومن ذلك الوقت صارت عبادة النار دينًا يدين به عدد كبير من الناس حول العالم، وجدير بالذكر إنَّه ورد ذكر المجوس في كتاب الله تعالى في سورة الحج، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[٢]، والله تعالى أعلم.[٣]
هل المجوس من أهل الكتاب
يذهب بعض أهل العلم إلى اعتبار المجوس من أهل الكتاب، ويقولون: إنَّه كان للمجوس كتاب ثمَّ رُفع هذا الكتاب عنهم، ولهذا أخذ المسلمون منهم الجزية وعاملوهم معاملة أهل الكتاب على عكس غيرهم من المشركين، واتفق أهل العلم على حرمة نكح المرأة المجوسية وعلى حرمة أكل ذبائحهم، جاء عن البغوي أنَّه قال: "وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمَجُوسَ: هَلْ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَمْ لَا؟ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ يَدْرُسُونَهُ فَأَصْبَحُوا، وَقَدْ أُسْرِيَ عَلَى كِتَابِهِمْ، فَرُفِعَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهُمْ، وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ ذَبَائِحِ الْمَجُوسِ وَمُنَاكَحَتِهِمْ بِخِلَافِ أَهَّلِ الْكِتَابَيْنِ"، ولكن ابن القيم رفض قول العلماء في أنَّ المجوس من أهل الكتاب، وذهب إلى أنَّ الجزية تحلُّ من كلِّ المشركين سواء كانوا أهل كتاب أم لم يكونوا، حيث قال: "وقد أخذها -يعني الجزية- رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَجُوسِ وَهُمْ عُبَّادُ النَّارِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَلَا يَصِحُّ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ، وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ عِنْدَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- لَمْ يَتَوَقَّفْ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي أَمْرِهِمْ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ" بَلْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ"، والله تعالى أعلم.[٤]
المراجع
- ↑ "زرادشتية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 17.
- ↑ "التعريف بالمجوس، وبيان كفرهم"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "هل المجوس يعدون من أهل الكتاب"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.