متى وكيف شرع الأذان في الإسلام

كتابة:
متى وكيف شرع الأذان في الإسلام

مفهوم الأذان

يمكن تعريف الأذان على أنَّه: "إعلامٌ بدخول وقت الصلاة المفروضة بذكرٍ مخصوص لدعوة المسلمين إلى الإجتماع إليها وأداؤها"، ومما يدل على مشروعيته من القرآن الكريم قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}،[١] أمَّا من السنة ما روي عن مالك بن الحويرث حيث قال: "أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَفَرٍ مِن قَوْمِي، فأقَمْنا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وكانَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنا إلى أهالِينا، قالَ: ارْجِعُوا فَكُونُوا فيهم، وعَلِّمُوهُمْ، وصَلُّوا، فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ، ولْيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ"،[٢] ويعدُّ الأذان فرض كفاية على الرجال إن قام به من يكفي سقط الإثم عن الجميع، ولمكانة الأذان في الإسلام ولأهميته في إظهار شعائر الدين ولعدم جواز تعطيله في أيِّ حالٍ،[٣] سيتم تخصيص هذا المقال للحديث عن وقت وكيفية مشروعيته وأول من قام به كما سيتم الحديث عن شروط الأذان والمؤذن.

متى وكيف شرع الأذان في الإسلام

لمَّا كانت الصلوات الخمس المفروضة على المسلمين مؤقتة بأوقاتٍ معينة، لا يجوز للمسلم أداؤها قبل دخول وقتها كان لا بدَّ لأمرٍ يذكرهم بها وينببهم إليها، فشرع الله -عزَّ وجلَّ- الأذان إعلامًا للمسلمين بدخول الوقت، وعلى ذلك يُمكن القول بأنَّ الحكمة من مشروعية الأذان هو إعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة،[٣] وفيما يأتي الحديث عن بعض الأمور المتعلقة في الأذان:

متى شرع الأذان

إنَّ عبادة الأذان لم تكن مشروعة في مكة المكرمة بل شُرعت في المدينة المنورة، ومما يدل على ذلك ما ورد عن عبدالله بن عمر حيث قال: "كان المُسلِمونَ حين قَدِموا المَدينةَ يَجتَمِعونَ، فيَتحَيَّنونَ الصَّلَواتِ، وليسَ يُنادي بها أحَدٌ، فتَكَلَّموا يَومًا في ذلكَ، فقال بعضُهمُ: اتَّخِذوا ناقوسًا مِثلَ ناقوسِ النَّصارى وقال بعضُهمُ: اتَّخِذوا قَرنًا مِثلَ قَرنِ اليَهودِ"[٤]، ووجه الدلالة من ذلك أنَّ الصحابة كانوا يتحينون وقت الصلاة في المدينة مما يدل على عدم مشروعيتها آنذاك،[٥] أمَّا عن وقت مشروعيته فكان ذلك في السنة الأولى للهجرة النبوية.[٣]

كيف شرع الأذان

لما دعت الحاجة لاتخاذ وسيلة لإعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة، قرر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتخذ الناقوس وهو له كاره لموافقته في ذلك النصارى وفي هذا الحديث المطول شرح لذلك: "لمَّا أمر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم بالنَّاقوسِ يُعمَلُ ليُضربُ به للنَّاسِ لجمعِ الصَّلاةِ طاف بي وأنا نائمٌ رجلٌ يحمِلُ ناقوسًا في يدِه فقلتُ : يا عبدَ اللهِ أتبيعُ النَّاقوسَ ؟ قال : وما تصنعُ به ؟ فقلتُ : ندعو إلى الصَّلاةِ . قال : أفلا أدُلُّك على ما هو خيرٌ من ذلك ؟ فقلتُ له : بلَى . قال : فقال : تقولُ : اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ ، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ ، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ ، حيَّ على الصَّلاةِ ، حيَّ على الصَّلاةِ ، حيَّ على الفلاحِ ، حيَّ على الفلاحِ ، اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إلهَ إلَّا اللهُ . قال : ثمَّ استأخر عنِّي غيرَ بعيدٍ ثمَّ قال : ثمَّ تقولُ إذا أقمتَ الصَّلاةَ : اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ ، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ ، حيَّ على الصَّلاةِ ، حيَّ على الفلاحِ ، قد قامت الصَّلاةُ ، قد قامت الصَّلاةُ ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ، لا إلهَ إلَّا اللهُ فلمَّا أصبحتُ أتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم فأخبرتُه بما رأيتُ فقال : إنَّها لرؤيا حقٍّ إن شاء اللهُ ، فقُمْ مع بلالٍ فألْقِ عليه ما رأيتَ فليُؤذِّنْ به فإنَّه أندَى صوتًا منك ، فقمتُ مع بلالٍ فجعلتُ أُلقيه عليه ويُؤذِّنُ به . قال : فسمِع ذلك عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه وهو في بيتِه ، فخرج يجُرُّ رداءَه يقولُ : والَّذي بعثك بالحقِّ يا رسولَ اللهِ لقد رأيتُ مثلَ ما أُرِي . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم فللَّهِ الحمدُ" [٦] وعلى ذلك يمكن القول بأنَّ الأذان إنَّما شُرع عن طريق رؤيا، لكن هذا لا يعني أنَّ الأذان كان اقتراحًا من الصحابة بل هو وحيٌ من الله -عزَّ وجلَّ-، وذلك لأنَّ الرؤيا جزءٌ من سبعين جزءًا من النبوة.[٧]

أول مؤذن في الإسلام

إنَّ أول مؤذنٍ في الإسلام هو الصحابي الجليل بلال بن رباح، وقد اختاره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجمال صوته، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ هذِه لرؤيا حقٍّ فقم معَ بلالٍ فإنَّهُ أندى وأمدُّ صوتًا منكَ فألقِ عليهِ ما قيلَ لَك ولينادِ بذلِك"[٨] وقد كان بلال يؤذن من مكانٍ مرتفع حتى استُحدثت المنارة بعد ذلك، كما أنَّه أضاف على كلمات الأذان في أذان الفجر هذه الزيادة "الصلاة خيرٌ من النوم" مرتين وقد أقرَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم على ذلك-، كما أنَّ عبدالله بن أمِّ مكتوم كان أيضًا مؤذنًا مع بلال.[٩]

شروط الأذان والمؤذن

إنَّ الأذان يعدُّ عبادة من العبادات التي شرعها الله -عزَّ وجلَّ- على المسلمين،[١٠] وكما ذُكر سابقًا فإنَّ حكم الأذان فرضٌ على الكفاية، وعلى ذلك فإنَّ للأذان عدة شروط كغيره من العبادات، وفيما يأتي ذكر هذه الشروط: المتعلقة في الأذان والمؤذن.[٣]

  • الإسلام: وعلى ذلك فإنَّ الأذان لا يصحُّ من الكفار وذلك لعدم أهليته للعبادة.
  • التمييز: فلا يصحُّ الأذان من الصبيِّ غير المييز لعدم أهليته للعبادة، كما أنَّه غير قادر على ضبط الوقت.
  • الذكورة: فلا يصح أذان النساء للرجال، وذلك درءًَ للفتنة.
  • العدالة والأمانة: حيث إنَّ المؤذن مؤتمن فيؤخذ بقوله في الصلاة والصيام، فالمؤذن إن كان غير عدلٍ أو غير أمين قد تسوِّل له نفسه لخداع المسلمين.
  • العلم بأوقات الصلاة: حتى يتحرَّاها فلا يؤخر الأذان عن أول وقت الصلاة.
  • ترتيب كلمات الأذان كما جاء في السنة: والحكمة من ذلك أنَّ ترك الترتيب يوهم اللعب والإخلال بالإعلام.
  • المتابعة بكلمات الأذان: ويكون ذلك بعدم إقامة فاصلٍ كبيرٍ بين ألفاظ الأذان.
  • دخول وقت الصلاة: فلا يصح تقديم الأذان على وقت دخول الصلاة ويُستثنى من ذلك الأذان الأول للفجر ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُنَادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قالَ: وكانَ رَجُلًا أعْمَى، لا يُنَادِي حتَّى يُقالَ له: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ"،[١١] وكذلك الأذان الأول لصلاة الجمعة.
  • مراعاة اللغة العربية التي وردت بها السنة.

المراجع

  1. سورة الجمعة، آية:9
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم:628، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب ت ث "الأذان والإقامة "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:190، حديث صحيح.
  5. "مشروعية الأذان في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.
  6. رواه الوادعي، في صحيح دلائل النبوة، عن أبي عبدالله بن زيد ، الصفحة أو الرقم:353، حديث حسن .
  7. "هل الأذان من الوحي أو اقتراح من صحابي"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن زيد، الصفحة أو الرقم:189، حديث حسن.
  9. "الأذان .. شعيرة الإسلام والمسلمين"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.
  10. "من بدع الأذان ومخالفاته"، books.google.jo، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:617، حديث صحيح.
4836 مشاهدة
للأعلى للسفل
×