الأمانة في الإسلام
للأمانة أكثر من معنى ومفهوم فأول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر لفظ الأمانة: هو ما يُطلب من الإنسان حفظه كالودائع والكنوز، ولكنّ الأمانة أشمل من ذلك بكثير، ومما يندرج تحت هذا المفهوم حفظ أسرار الناس، وحفظ الجوارح عن ارتكاب النواهي، وحفظ حدود الله -عزّ وجلّ- بفعل الواجبات وترك المعاصي والذنوب، ومنها أيضًا الأمانة في التبليغ كتبليغ الأنبياء لرسالات الله -عزّ وجلّ-، ويظهر من شمولية الأمانة وتوسع معناها، الأهمية البالغة للأمانة في جميع جوانب الحياة، فالصدق أمانة وعدم تتبع العورات أمانة والنزاهة أمانة، والإنسان مكلف بالأمانة، وسيتناول المقال التالي حكم تأدية الأمانة ومتى يكون إيصال الأمانة باطل.[١]
حكم تأدية الأمانة
قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا}،[٢] وقال أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ }،[٣] يتبيّن من الآيات الكريمة السابقة أن تأدية الأمانة والوفاء بالعقود أمر إلهي ومطلوب شرعي، كما أن خيانة الأمانة وإضاعتها، من المحرمات التي يجب اجتنابها والابتعاد عنها وقد تصل إلى كونها كبيرة من الكبائر التي توجب التوبة والاستغفار، وإذا كانت في مجال حقوق العباد وجب تأدية هذا الحق وطلب المسامحة منهم، وقد حذر -سبحانه- من خطر خيانة الأمانة لما لها من الضرر الكبير على الفرد والمجتمع الإسلامي برمته، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}،[٤] وللأمانة الكثير من التشعبات والتقسيمات والعديد من المسائل الفقهية التي تحدثت بها كتب الفقه، وفي الفقرة الآتية سيكون الحديث حول موضوع متى يكون إيصال الأمانة باطل وما يترتب عليه من أحكام ومسائل.[٥]
متى يكون إيصال الأمانة باطل
تقدّم أن تأدية الأمانة واجب شرعي وأن لخيانتها إثمٌ عظيم، ولكن لكل قاعدة شواذ كما يُقال، فهناك حالات يُحرم فيها إيصال الأمانة وتأديتيها، وتوجد الكثير من الأمثلة التي يمكن طرحها لشرح فكرة متى يكون إيصال الأمانة باطل، ومن هذه الأمثلة ما يأتي:[٦]
- يحرم حفظ الأمانة وإيصالها في الودائع إذا كانت هذه الوديعة شيء محظور شرعي كالخمر والمخدرات.
- يكون إيصال الأمانة في الأموال باطلًا إذا كان مالًا محرمًا، اُكتسب من طرق غير شرعية كالسرقة والربا.
- يكون إيصال الأمانة باطلًا إذا أدى إلى قطيعة رحم أو أذى بين العباد، كأن يأتمن إنسان إنسانًا آخر لإيصال كلام فيه تجريح وأذى لطرفٍ ثالث.
- الشاهد في المحكمة يجب عليه قول الحقيقة بكل تفاصيلها، وإن كان مؤتمن على هذه الحقائق، ففي هذه الحالة يحرم ويبطل حفظ الأمانة، وذلك لما يترتب على هذا الفعل من ضرر بالمصلحة العامة، ومن القواعد الفقهية المقررة في الشريعة أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.
- من الأشياء المنتشرة في العصر الحالي تلك الرسائل الدعوية التي تحتوي على الكثير من الأخطاء والأحاديث الموضوعة والباطلة، ويطلب المرسل لها تبليغها ونشرها، ولكن من الأمانة العلمية والأمانة في الدين أن لا يتم إيصال هذه الأمانة، والله -تعالى أعلم-.
المراجع
- ↑ "الأمانة: فضائلها ومجالاتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 58.
- ↑ سورة المائدة، آية: 1.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 27.
- ↑ "الإسلام وحفظ الأمانة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "رسائل الجوال والبريد التي يقال فيها: انشرها وإلا تأثم أو يحصل لك كذا وكذا"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.