لقب مريض يصاحبنا في جميع مراحل الحياة. ضعف النظام المناعي يجلب كثرة الأمراض والحفاظ على نمط حياة صحي يساعد في منع الكثير منها. على ماذا يدل المرض؟ أي أشارات تحذير يجب أن يشعل؟ ولماذا اصابة الأطفال في رياض الأطفال بالمرض في كثير من الأحيان تكون حتى إيجابية؟
لا أحد يريد أن يكون مريض ولذلك فنحن نفعل كل ما بوسعنا لتجنب المرض - وبحق. الأمراض تشوش روتين حياتنا وتضر بالجهاز المناعي. أمراض الشتاء التي تهاجمنا وتهاجم البيئة القريبة تشوش الحياة وتؤثر سلبا على جميع أفراد الأسرة، الزملاء في العمل، المسافرين في وسائل النقل العام وغيرهم من الناس الذين نحن على اتصال بهم، مما يتسبب بـ "تأثير الدومينو". شخص واحد مريض يمكن أن يسبب العدوى لعدد كبير من الناس حتى دون أن يعرف ذلك. حوالي 50-70% من الأشخاص يصابون مره في السنة، بالأنفلونزا أو أمراض مشابهة للإنفلونزا، وفي بعض الحالات لا يرتبط المرض بالظروف الشخصية وبحالة الفرد.
العلاج المبكر
معظمنا يفضل الحصول على إشارة مبكرة قبل حدوث أي مشكلة صحية أو خلل في الجسم لاتخاذ التدابير الوقائية قبل وقوع الضرر.
إذا قارنا جسم الإنسان بالآلة فيمكننا وصف ذلك بهذه الطريقة - عندما نسافر بالسيارة، فهناك أضواء للتحذير تشير الى وجود مشاكل داخلية بالسيارة والتي نحن لسنا على علم بها. بعد ظهور ضوء اشارة التحذير يجب علينا التوقف، فحص وإصلاح المشكلة، سواء بشكل مستقل أو بمساعدة شخص مهني. بنفس الطريقة أيضا يعمل جسم الإنسان، حيث يستخدم المرض كـ "اشارة تحذير" إلى أن هناك شيئا خطأ، وهناك حاجة للتوقف، الفحص والإصلاح للعودة إلى تمام الصحة. لذلك في كثير من الأحيان بعد المرض يرسلنا الطبيب لإجراء اختبارات الدم الشاملة. العلاجات التي تستهدف اختفاء أعراض المرض مشابهة لإزالة اشارة التحذير من السيارة، إذا أزلنا اشارة التحذير المضيئة فهذا لا يعني أن المشكلة قد حلت، بل على العكس، نكون قد وضعنا رؤوسنا في الرمال دون علاج سبب المشكلة.
الأمراض المزمنة وإضعاف نظام المناعة
الأمراض التي تصيبنا يجب أن تشغل لدينا أضواء التحذير التي تشير إلى أنه قد يكون هناك ضعف خفي في نظام الجسم الداخلي. في الواقع المرض المزمن هو "كل شيء ينخر بصوت بالاحتياطي الطبيعي للجسم دون أن نعلم به." الاحتياطي يختلف من شخص لآخر، شخص واحد يمكن أن يعاني من مشاكل صحية مزمنة معروفة وواضحة للعيان مثل الربو. بسبب الحاجة للتعامل مع المرض فان الجسم يكون في حالة دفاعية، وبالتالي يمكن أن يصل إلى قصور كبير في سرعة الرد مثلما هو الحال في مرض السكري.
وبصرف النظر عن المستوى البدني، فهناك أيضا مشاكل على المستوى النفسي التي يمكن أن تؤدي لزيادة استخدام الجسم لتلك المخزونات. الخضوع للتوترات النفسية مثل العلاقة الزوجية السيئة، مدير العمل القاسي، النقد الذاتي الشديد وحالات أخرى إضافية قد تجلب معها مع مرور الوقت الضرر المتزايد، ويمكن ان تمر أسابيع, شهور أو سنوات حتى ينعكس الضرر بالمرض الحقيقي، الذي يمكن للطبيب أن يشخصه.
وظيفة العلاج الوقائي هي تعزيز قوى الشفاء الطبيعية للإنسان، وبالتالي تحسين قدرات التعامل البدني والنفسي، بحيث أنه في اللقاءات اللاحقة مع مسببات المرض (الفيروسات، البكتيريا أو الصدمة النفسية) تكون يد الجهاز المناعي هي العليا، بذلك نصاب بشكل أقل بالمرض ونشعر بتحسن بالحيوية, الطاقة وبهجة الحياة.
أفضل مثال على ذلك هو أطفال الروضة - ففي رياض الأطفال يتعرض الأطفال للملوثات الجديدة على أساس يومي (كجزء هام من تطوير القدرات المناعية). في حين أن بعض الأطفال يمرضون كثيرا، فالأطفال ذوي جهاز المناعة القوي يصابون بالمرض بشكل أقل بكثير، الأمر الذي يوجه المزيد من الوقت والطاقة للتطور والنمو. بالضبط هكذا يعمل الجهاز المناعي أيضا لدى البالغين - تحسين القدرات المناعية الطبيعية، البدنية والنفسية له أثر إيجابي على جميع جوانب الحياة.
الشيء الذي يميز المرض المزمن "الغير مكتشف"، أي الذي يتميز بأعراض خفيفة, والتي بالكاد يمكن الشعور بها أنه من السهل عدم الانتباه اليه أو تجاهله . على النقيض من المرض الحاد الذي يعبر عنه بأعراض قوية، مضطربة، التي تستوجب الرد مثل الحمى الشديدة. في معظم الحالات، يمكن للشخص المريض التعامل مع الأمراض الحادة بنفسه. طرق العلاج تشير إلى أنه على عكس من معظم العلاجات التقليدية التي تركز على إخفاء أو تثبيط الأعراض، فالمعالجة المثلية للحالات الحادة أو الأمراض المزمنة تأتي لتعزيز قواتنا لكي تستطيع المواجهة لوحدها.
في الأمراض الحادة والشديدة، وخصوصا تلك التي تأتي كوباء مثل الانفلونزا، أحيانا تكون المواجهة صعبة، تستهلك قوات كبيرة وترافقها فترة شفاء طويلة ومرهقة ولذلك يجب مساعدة الجسم على أن يصبح أقوى. يمكن تقوية الجهاز المناعي بواسطة استخدام العلاجات والادوية الطبيعية عديمة الآثار الجانبية، والتي تعمل منذ المراحل الأولى للانفلونزا أو يمكن أن تساعد في الوقاية عندما تكون عدوى الانفلونزا قريبة منا. استخدام المستحضرات الوقائية يقصر مدة المرض ويقلل الأعراض.
المهم هو الصحة
كطبيب معالج، أستطيع أن أرى الصورة الكاملة، والتي فيها على الرغم من الصعوبة التي تجلبها معها الانفلونزا, سوف يأتي يوم حيث يسدي فيه المرض الخدمة للمريض، لأن كل معاناة هي فرصة للشفاء وتقوية الجهاز المناعي. وظيفة المرض هي الانذار، التنبية وتشجيع التغيير الذي ينعكس بالعودة الى الوضع الصحي، الحفاظ على نظام غذائي سليم ومتوازن، الحرص على ممارسة النشاط البدني وإيجاد لحظات من الهدوء والسكون من أجل الحد من التوتر في الحياة.