مسؤولية الأب بعد الطلاق

كتابة:
مسؤولية الأب بعد الطلاق

مسؤولية الأب بعد الطلاق

إن مسؤولية الأب تجاه زوجته وأبنائه لا تنتهي بمجرد الطلاق؛ فقد رتب عليه الشرع عدة أمور تجاه أبنائه، وعدة أمور أخرى تجاه زوجته في بعض حالات الطلاق، نبينها كما يأتي:

مسؤولية الأب تجاه مطلقته بالنفقة عليها خلال فترة العدة

أوجب الله -تعالى- النفقة على المرأة تكريماً لها، ولم يكتفِ الشارع بإيجابها على الرجل لزوجته، بل أوجبها أيضاً لمطلقته أثناء فترة العدّة؛ فالشارع لم يتركها من دون أن يضمن لها طعامها وشرابها، وكسوتها ومسكنها، أما الحكمة من إيجاب النفقة عليها خلال فترة العدة من قبل المُطلّق فتكمن فيما يأتي:[١]

  • الرجل هو الذي بيده الطلاق، وهو المتسبّب به.
  • المرأة أثناء فترة العدة ممنوعة من الزواج برجل آخر؛ فشرعت النفقة كحق من حقوق المطلقة.
  • قد تكون المرأة المطلقة فقيرة؛ فعدم الإنفاق عليها مع منعها من الزواج ربما يؤدي لهلاكها.

أما الأدلة الشرعية التي توجب النفقة على المطلقة أثناء فترة العدة فهي كالآتي:

  • قوله -تعالى-: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ إِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).[٢]
  • قوله -تعالى-: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا).[٣]
  • قوله -تعالى-: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا).[٤]

مسؤولية الأب تجاه ولده بدفع أجرة إرضاعه وحضانته

النفقة بسبب الرضاع

اتّفق الفقهاء على استحقاق الأم لأجرة إرضاع ولدها بعد الطلاق البائن بينونة كبرى، كما وتستحق الأم عند بعض الحنفية والمالكية أجرة الرضاع في عدة الطلاق الرجعي، وقد اتفق جمهور الفقهاء أن المدة التي تستحق فيها المطلقة الأجر على الرضاع هي عامان فقط.[٥]

ولا تستحق بعدها أجرة سواء أكانت مطلقة طلاقاً رجعياً أو بائناً، واستدلوا على ذلك بقوله -تعالى-: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)،[٤] فلا يجبر الأب أن ينفق على الرضاع بعد ذلك.[٥]

النفقة بسبب الحضانة

أما مسؤولية الأب في دفع أجرة حضانة ولده؛ فقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى استحقاق الأم المطلقة لأجرة الحضانة، سواء أكانت في عدة الطلاق البائن بينونة كبرى، أم في عدة الطلاق الرجعي، أو حتى عند الانتهاء من عدتها.[٦]

أما عن الحكمة من دفع الأب لأجرة الحضانة؛ لافتكمن في حبس المرأة المطلقة لنفسها من أجل تربية صغيرها، والقيام على مصالحه وتلبية احتياجاته، أما عن مقدارها فقد شرّط الشافعية أن لا تأخذ أكثر من أجر المثل.[٦]

مسؤولية الأب تجاه ولده بتعليمه وتربيته

من حقوق الابن على والده أن يحسن تربيته، وأن يُزكيه بالأخلاق الحميدة، وأن يُطهره من الأخلاق الذميمة، وأن يغرس في نفسه عقيدة التوحيد ومبادئ الدين، وأن يعوده على ممارسة العبادات المختلفة؛ كالصلاة والصوم، وتعليمه القرآن الكريم وحفظه، وأن يتدرّج في تعليمه بما يتناسب مع نموه العقلي والجسمي.[٧]

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سَبعِ سنينَ، واضْرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشْرٍ، وفَرِّقوا بينَهم في المضاجِعِ).[٨]

كما وتقع عليه مسؤولية تعليمه العلوم التي يستفيد منها لنفسه؛ وذلك من خلال تسجيله وإلحاقه بالمدرسة ليتعلم التعليم المنتظم والمستمر، كما وعليه تأمين مصاريفه واحتياجاته الدراسية، وتأمين وسيلة لنقله من وإلى المدرسة.[٧]

المراجع

  1. وفاء حمزة، الطلاق واثارة المعنوية والمالية في الفقة الاسلامى، صفحة 330- 495. بتصرّف.
  2. سورة الطلاق، آية:6
  3. سورة الطلاق، آية:7
  4. ^ أ ب سورة البقرة، آية:233
  5. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقة الإسلامي وأدلته، صفحة 7278. بتصرّف.
  6. ^ أ ب وفاء حمزة، الطلاق واثارة المعنوية والمالية في الفقة الاسلامى، صفحة 330. بتصرّف.
  7. ^ أ ب الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات، الأسرة، صفحة 30. بتصرّف.
  8. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:495 ، حسنه الألباني.
3319 مشاهدة
للأعلى للسفل
×