مستويات التحليل اللساني عند دوسوسير

كتابة:
مستويات التحليل اللساني عند دوسوسير


مستويات التحليل اللساني عند دوسوسير

لم تقتصر الدراسات التحليلية على اكتشاف أنساق معرفية مضمرة داخل بنية النص، بل تناول دوسوسير مستويات مختلفة تجاه المادة اللغوية المراد تحليلها، ومنها ما يأتي:


المستوى الصوتي

يقصد بهذا المفهوم متابعة عملية إنتاج الأصوات عن طريق الجهاز الصوتي، والتمييز بينها بدراسة خصائصها الفيزيائية؛ وهو الأمر الذي يستدعي الوقوف على مخارجها، وكيفية النطق بها، وصفاتها، مما ينتج عنه تقسيمها إلى وحدات صوتية صغيرة يمكن دراستها كبُنى لغوية مستقلة.[١]


المستوى الصرفي

هو العلم الذي يبحث في ترتيب الأصوات لتكوين كلمة ذات معنى؛ لأن الوحدات الصوتية وحدها لا تقدم معنى، مثل: الراء والباء، هذه حروف أو أصوات لا تقدم معنى بذاته، وظيفته هي دراسات المورفينات والأدلة الصوتية، يعني أننا لو أتينا بالحروف: الكاف والتاء والباء، فهي حروف صوتية لا تقدم معنى ولكن بترتيبها نقدم معنى واضح وهو (كَتَبَ) الذي يدل على فعل الكتابة.[٢]


المستوى التركيبي أو النحوي

لا شك أنّ المستوى النحوي لا غنى عنه؛ إذ يدرُسُ العلاقة بين الكلمات والجمل؛ مما يجعل للمستوى التركيبي أو النحوي دورًا مهمًا في الكشف عن المعنى النهائي للجملة، فيدرس علاقة المسند بالمسند إليه، سواء كان المقصود به الفعل والفاعل، أو المبتدأ والخبر.[٣]


لو قلنا: "خرج الرجل صباحا من منزله" فإننا نرى بأن المعنى قد اكتمل هنا؛ لوجود الفعل والفاعل في التركيب، ولكن لو قلنا: (الرجل صباحا من منزله)، فالتركيب هنا ليس كاملا، بل تسبب بالإبهام والغموض، أو يأتي كقولنا: (صديقي وفي)، (الجو بارد)؛ فهنا استخدمنا المبتدأ والخبر ليكتمل معنى الجملة الاسمية.[٣]


المستوى المعجمي والدلالي

المستوى المعجمي يركز على التحليل المعجمي للنص؛ إذ يذكر معاني الكلمات التي تقدم معان مشتركة أو معان متناقضة، فنقوم بدراسة ما تؤول إليه تلك المفردات التي قد تدل على الزمان والمكان، هذه اللفظة لها علاقة مباشرة بالسياق الذي ذكرت فيه؛ لتقدم معنى خاص بطريقة مقصودة غير اعتباطية.[٤]


يعني ذلك أن المفردات ذاتها لا تستعمل على حد سواء في جميع المقامات، بل تختلف باختلاف الغرض المعروض لها والمعنى المراد تقديمه، فالكلمة الواحدة قد تدل على معان مختلفة بواسطة الاستدلال، والربط بين تركيب الجملة وألفاظها.[٤]


نشأة التحليل اللساني عند دوسوسير

اُستخدم مصطلح اللسانيات لأول مرة في المناطق المتحدثة باللغة الألمانية، وبعد ذلك تم انتشار هذا المفهوم بين الدراسات اللغوية الفرسية عام 1826م، وصولا إلى بريطانيا عام 1855م، ولكن يعود الفضل في بَلورة هذا المفهوم إلى العالِم اللساني فرديناد دي سوسير حينما نشر محاضراته المعروفة باللسانيات العامة عام 1916م.[٥]


تعددت الدراسات المعنية بتحليل نص من خلال تناول جميع جوانبه اللغوية؛ فقد اهتم الباحثون في تحليل المادة اللغوية تحليلا دقيقا، وصولا إلى علم اللسانيات الذي يهتم بالبحث اللغوي القائم على دراسة الجوانب الصوتية والنحوية والصرفية والمعجمية للنص، فقد حظي هذا الجانب الدراسي باهتمام بالغ من قبل الباحثين والدارسين؛ ليأخذ مكانة مرموقة بين الدراسات العلمية واللغوية.[٦]


المراجع

  1. فردينان دوسوسير، علم اللغة العام، صفحة 51. بتصرّف.
  2. مصطفى محرك، اللسانيات العامة وقضايا العربية، صفحة 40. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مصطفى حركات، اللسانيات العامة وقضايا العربية، صفحة 84. بتصرّف.
  4. ^ أ ب روبير مارتن، مدخل لفهم اللسانيات، صفحة 52. بتصرّف.
  5. نجاة قادة، الجذور اللسانية العربية في اللسانيات الغربية الحديثة، صفحة 7. بتصرّف.
  6. نجاة بن قادة، الجذور اللسانية العربية في اللسانيات الغربية الحديثة، صفحة 5. بتصرّف.
3699 مشاهدة
للأعلى للسفل
×