الديانة المسيحية
الديانة المسيحية أو النصرانية، هي الديانة التي جاء بها المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام-، وتسمى النصرانية نسبةً إلى مدينة الناصرة التي ولد فيها المسيح، أرسله الله تعالى مصحِّحًا لدين بني إسرائيل الذين ضلوا وحرّفوا التوراة بعد نبي الله موسى -عليه السلام-، وأنزل الله الإنجيل على المسيح وأيّده بكثير من المعجزات فكان يُحيي الموتى ويشفي المرضى بإذن الله، وعندما حاول اليهود قتله رفعه الله إليه ونجاه من القوم الظالمين، قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ} [١]، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول معتقدات المسيحيين عن الإسلام وعن نظرة الإسلام للمسيحية. [٢]
معتقدات المسيحيين عن الإسلام
تعدُّ الديانة المسيحية من أكبر الديانات في العالم، وقد كانت العلاقة بين المسيحيين والمسلمين معقّدة على مرِّ العصور، أمَّا عن معتقدات المسيحيين عن الإسلام فإن ذلك يختلفُ بين مرحلةٍ وأخرى، فالمسيحية بشكل عام ترفضُ أيّ وحي يناقضُ أو يكمل ما جاء به المسيح؛ لأنَّه أخبرهم أن الله لا يتراجع أبدًا عن هباته ودعواته، ولكن غالب المسيحيين يقبلون بالوحي الخاصّ غير العامّ وغير الملزم والذي يثبتُ ما جاء به المسيح، ولكن في بداية ظهور الإسلام كقوة عسكرية وتمدُّد رقعته وحتى العصور الوسطى كانت العلاقة بين المسيحيين والمسلمين متوترة جدًّا تشوبها الحروب والمعارك والتي ساهمت في تشويه صورة الإسلام والمسلمين في وجهة نظر الأدب الغربي، خاصة بعد التهديد التي كانت تمثله الدولة العثمانية لأوروبا.
وكانت هناك بعض معتقدات المسيحيين عن الإسلام والتي تأخذ به إحدى الطوائف المسيحية المنشقّة عن الدين المسيحي أو عن الديانة اليهودية مدَّعين أنَّ دعوة محمد مرتبطة بزوجته خديجة وما يجمع بينها وبين ورقة بن نوفل من قرابة، وبعضهم يربط ذلك بقس بن ساعدة، وهناك بعض المعتقدات التي تقول بأنَّ محمدًا كان قد تأثرَ بعدد من الاتجاهات الدينية منها الآريوسية، ويعدّ يوحنا الدمشقي أول من قدم وجهة نظر مسيحية في الإسلام ومحمد -صلى الله عليه وسلم-، وادَّعى أنَّ محمدًا ليس نبيًّا بل متأثرًا بالهرطقة الآريوسية من خلال اتصاله بالراهب بحيرى الذي ساعده في كتابة القرآن.
ونتيجة الحروب كانت معتقدات المسيحيين عن الإسلام تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، إلا أنَّ الكنيسة كجهة رسمية لم تصدر أي كلام بخصوص الإسلام والمسلمين إلا في القرن العشرين، حيثُ أصدرت وثيقة في عام 1965م أُعلنَ فيها الاعتراف بنبوَّة محمد وأنَّ الإسلام أحد الأديان القريبة من المسيحية وذلك من أجل الحوار والتقريب بين الناس ونبذ الخلافات والعداء والدعوة إلى السلام والإخاء، وجاء في الوثيقة: "وتنظر الكنيسة بعين الاعتبار أيضًا إلى المسلمين الذين يعبدون معنا الإله الواحد الحي القيوم الرحيم ضابط الكل خالق السماء والأرض المكلم البشر، ويجتهدون في أن يخضعوا بكليتهم لأوامر الله الخفية، كما يخضع له إبراهيم الذي يُسند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي، وهم يجلُّون يسوع كنبيٍّ ويكرمون أمه مريم العذراء كما أنهم يدعونها أحيانًا بتقوى، علاوة على ذلك أنهم ينتظرون يوم الدين عندما يثيب الله كل البشر القائمين من الموت، ويعتبرون أيضًا الحياة الأخلاقية ويؤدون العبادة لله لا سيما بالصلاة والزكاة والصوم. وإذا كانت قد نشأت على مرِّ القرون منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع المقدَّس يحضُّ الجميع على أن يتناسوا الماضي وينصرفوا بالخلاص إلى التفاهم المتبادل، ويصونوا ويعزِّزوا معًا العدالة الاجتماعية والخيور الأخلاقية والسلام والحرية لفائدة جميع الناس". [٣]
نظرة الإسلام للمسيحيين
بعد الحديث عن معتقدات المسيحيين عن الإسلام سيُشار إلى نظرة الإسلام إلى المسيحيين، حيثُ يعتبرُ الإسلام أنَّ المسيحية مثل الديانة اليهودية إحدى الأديان السماوية التوحيدية أيْ التي أنزلها الله تعالى على أحد أنبيائه وهو نبيُّ الله عيسى بن مريم -عليه السلام-، قال تعالى: {ويعلمه الكتاب والحكمةَ والتوراة والإنجيل ورسولاً إلى بني إسرائيل} [٤]، فقد أرسلَ الله تعالى المسيح إلى بني إسرائيل كي يصحح لهم دينهم الذي حرفوه بعد موسى -عليه السلام-، وأيَّده بالإنجيل ولكنَّ المسلمين يعتقدونَ أيضًا أن المسيحيين ضلُّوا بعد أن رفعَ الله المسيح -عليه السلام- وحرفوا الإنجيل ولم يبقَ من الإنجيل الأصلي أي نسخة صحيحة بل كل الأناجيل محرفة وغير صحيحة، ونتجَ عن ذلك كثير من المعتقدات الخاطئة والمنحرفة كالثالوث المقدس وصلب المسيح ومحاسبته للبشر وغير ذلك. [٥]
المراجع
- ↑ {النساء: الآية 157}
- ↑ النصرانية.. ماهيتها.. انحرافها, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 2-3-2019، بتصرف
- ↑ الإسلام والأديان الأخرى, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 2-3-2019، بتصرف
- ↑ {آل عمران: الآية 48}
- ↑ النصرانية بين التحريف والتخلف العلمي, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 2-3-2019، بتصرف